كامل جابر
تواصل ألوية الجيش اللبناني انتشارها في العديد من القرى الحدودية المتعطشة لوجود الجيش منذ ثلاثة عقود ونيّف. لكن، بعد تمركز وحدات الجيش وكتائبه في القرى الشيعية والسنية والمسيحية، على حدّ سواء، وتولّيها إلى جانب قوات «اليونفيل» زمام الأمن المخترق باستمرار منذ عام 1948، سيظهر سؤال بديهي: أين الدولة اللبنانية؟ وهل ستدخل إلى المناطق التي أرسلت الجيش إليها من خلال المؤسسات الرسمية المختلفة التي يفتقر المواطن إلى فاعليتها؟ خصوصاً أنّ ما لمسه المواطن الجنوبي على مدى السنوات الست التي تلت التحرير، على صعيد مختلف الشؤون الحياتية والاجتماعية والمعيشية، دفع بكثيرين، للأسف، إلى الترحم على زمن الاحتلال. فالدولة لم تكلّف نفسها تأمين الطبابة والاستشفاء والطرقات التي يمكن أن تسهّل للمواطن الجنوبي العودة إلى بلدته وقريته. ولم تؤمّن المياه ولا فرص العمل للعاطلين منه، بعدما فقدوا بدائل كان يوفّرها العدو في الداخل الإسرائيلي. ولم تتدخّل الدولة أيضاً لتدعم بعض الزراعات والحرف والانتاج المحلي، ناهيك عن تفعيل الوزارات المختلفة بما يوفّر على المواطن اجتياز عشرات الكيلومترات لإنجاز معاملة إدارية أو مالية أو حتى لدفع الضرائب الواجبة عليه.
عاد الجيش اللبناني إلى حيث كان يجب أن يبسط ظله وأمنه. لكن، هل قرّرت الدولة التي أرسلته أن تعود إلى الجنوب اللبناني؟ الدلائل لا تشير، بعد نحو شهر على وقف إطلاق النار، إلى ما يبدد هواجس أبناء القرى الحدودية بشأن عودة الدولة لتسأل عن أحوال مواطنيها وتفتح أمامهم طرقات العودة وتعطيهم الأمل في إعادة الإعمار.