40 طفلاً يقضون ليلتهم في سجن الأمن العام

بسام القنطار

في 20 حزيران 2006، احتفلت الأمم المتحدة باليوم العالمي للاجئين. وأعلن مفوّض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيريس، أن شعار العام هو «إبقاء شعلة الأمل حية»، اعترافاً بالمرونة التي يبديها اللاجئون في جميع أنحاء العالم.
لكن شعلة الأمل انطفأت صباح أمس في الشارع الضيق حيث كلية الآداب والعلوم الإنسانية في منطقة الأونيسكو، وحيث لجأ إبّان العدوان الإسرائيلي على لبنان أكثر من تسعين لاجئاً من مختلف الدول الأفريقية، بينهم أكثر من أربعين طفلاً، معظمهم دون الخامسة من العمرفي الصباح الباكر، تجمع قرابة مئتيْ عسكري من قوى الأمن الداخلي وعملوا على نقل العائلات مع أمتعتهم في باصات وشاحنات إلى السجن المركزي للأمن العام تمهيداً لترحيلهم إلى بلادهم.
قصة هؤلاء تشبه قصة النازحين اللبنانيين إبان العدوان. فقد هربوا من المناطق التي كانت تتعرض للقصف في الضاحية وقرى الجنوب ومدنه التي عملوا فيها طيلة السنوات الماضية.
بدايةً، نزحوا إلى عشقوت حيث أقاموا في أحد الأديرة. ثم نقلوا إلى عكار. وفي اليوم الأول لوقف النار، أتت بهم القوى الأمنية إلى مبنى كلية الآداب حيث مكثوا طيلة هذه الفترة.
قصص هؤلاء متشابهة. دخلوا إلى لبنان بطريقة غير شرعية، تقدموا بطلب لجوء سياسي إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولم يحصلوا على رد. وهم يجمعون على رفضهم العودة إلى بلدانهم حيث يعانون مشاكل سياسية عديدة.
أحمد توتو (46 عاماً) من دارفور، يقول: «أنا أشعر بالتعاسة، نحن نطلب اللجوء كحق من حقوق الإنسان في هذا العالم، لدي مشاكل كثيرة في السودان، وهذه المشاكل هي وراء رفضي العودة إلى هناك». ويتابع: «لماذا لا تصغي مفوضية شؤون اللاجئين إلينا؟ لو كنت لاعب كرة قدم ماهراً لسارعت الحكومة اللبنانية إلى منحي الجنسية، ولكن ماذا عن أطفالي؟ فقد يصبحون لاعبين ماهرين في المستقبل».
جوزف بلانفي (38 عاماً) من رواندا، وصف لنا رحلة قدومه إلى لبنان قبل ثلاث سنوات مع زوجته وثلاثة أطفال. بدأت الرحلة من رواندا إلى السودان، ثم إلى السعودية مروراً بالأردن وسوريا، وصولاً إلى لبنان. وتخللتها مصاعب ومشاق. اعتقل جوزف لخمسة أشهر في لبنان، لكنه يشكر الدولة اللبنانية «لأنهم اهتموا بي». ويضيف: «مشكلتي مع منظمة الأمم المتحدة للاجئين، فهي المسؤولة عن تأمين دولة آمنة لي ولعائلتي». يتحدث جوزف وهو يرفع قميصه مشيراً إلى جرح عميق في صدره جرّاء إصابته بفأس في حرب التوتسي ضد الهوتو.
أحمد محمد (29 عاماً) من الصومال، يقول: «أريد أن أعيش بسلام وأمان، بإمكان الدولة اللبنانية أن ترميني وزوجتي في البحر، لكنني أرفض العودة إلى الصومال. زوجتي حامل ولا أعلم أي مصير ينتظر ولدي».