«فقدنا تسعة رجال، لكنّ تسعمئة آخرين جاهزون للحلول مكانهم»، يقول باعتزاز إبراهيم وهو يشير بيده إلى وجوه تسعة شهداء طبعت بالأسود على الحائط. إنهم الأبطال الجدد لقرية عيتا الشعب في جنوب لبنان.إبراهيم في الخامسة والثلاثين. ويؤكد أنه عضو ناشط في حزب الله منذ عشرين عاماً وتدرب على حرب العصابات. يروي كيف حمل السلاح في تموز الماضي للدفاع عن عيتا الشعب في وجه هجوم الدولة العبريةمنذ وقف الأعمال الحربية في 14 آب، التزم ابراهيم، على غرار رفاقه، أوامر الأمين العام للحزب حسن نصر الله. وافق على الهدنة وعاد الى مزاولة عمله العادي. عاد مدنياً طبيعياً أو شبه مدني: فهو لم يسلم سلاحه ولا يعتزم تسليمه.
يقول إبراهيم: «صمدنا أكثر من شهر في وجه الإسرائيليين. كلما اقتربت دباباتهم كنا نجبرها على التقهقر»، مشيراً الى أنه التحق بصفوف حزب الله «بعدما اعتقله الإسرائيليون» خلال احتلالهم جنوب لبنان من عام 1982 الى عام 2000.
وخلال شهر حولت هجمات الجيش الإسرائيلي المتكررة بلدة عيتا الشعب المحاذية للحدود الى ركام وسوّت منازلها بالأرض.
صحيح أن السلاح غير ظاهر في جنوب لبنان، لكن مقاتلي الحزب الذين عادوا الى مواقعهم الطبيعية بين الأهالي يرفضون التخلي عن ترسانتهم ويهددون بمعاودة القتال "دفاعاً عن النفس" إذا "لم تُعد إسرائيل كل الأراضي (إلى لبنان)".
يقول إبراهيم "قاتلت وأنا على استعداد لمواصلة القتال إذا اعتدت علينا إسرائيل".
ويؤكد حسين سرور (72 عاماً) الذي انضم ابنه الى صفوف حزب الله أن "المقاتل لا يتخلى عن سلاحه إلا عند موته".
قلة من المقاتلين توافق على كسر الصمت الذي يحكم هذا التنظيم القوي الذي يتمتع ببنية متماسكة وسيطر على جنوب لبنان منذ انسحاب إسرائيل في أيار عام 2000.
وتنتشر على جوانب الطرق وداخل القرى الرايات الصفراء لحزب الله الذي هو في آن ميليشيا مسلحة وحزب سياسي وشبكة خدمات اجتماعية...
عادت جنى علوية أخيراً الى قرية مارون الراس التي دمرها كذلك القصف الإسرائيلي وتلخص الوضع بقولها "ليس نصر الله وحده هو الذي يدافع عن سلاح حزب الله بل كل الأهالي في جنوب لبنان".
جاء حسين سرور ليتفقد منزله المدمر في عيتا الشعب ويأمل أن يعيد إعمار البيت المكون من ثلاث طبقات. ويقول بتحد ظاهر "ليس هناك رجل تحت الخمسين ليس مقاتلاً فعلياً أو احتياطياً". ويضيف "عناصر حزب الله هم إخوتنا، إنهم أبناء أهالي القرى".
ولا يوحي انتشار القوة الدولية المعززة المستمر في جنوب لبنان للأهالي إلا بقليل من الثقة، لكن كلمة السر حالياً هي الانتظار وعدم اتخاذ موقف.
يقول إبراهيم "يجب أن نترك الوقت يمر لنعرف ما اذا كانت هذه القوات قوة فصل أم قوة احتلال"...
ويقول حسين علوية مدير مدرسة في مارون الراس بثقة واضحة «نحن من نقرر متى يجب أن نسلم السلاح، لا الأمم المتحدة».
ويضيف «لا نشعر بأنّ الأمم المتحدة تؤمن سلامتنا ولا حتى الجيش اللبناني، لا أحد يقبل بنزع سلاح حزب الله، أمننا هو السلاح».

(أ ف ب)