نُقل أمس الموقوفون في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري الى مبنى خاص بهم "داخل حرم سجن رومية المركزي" وأعلنت زوجة أحد الضباط أنهم بدأوا إضراباً عن الطعام احتجاجاً. أضافت إنها تعرّضت لخشونة أحد الضباط الذي كان يحاول منعها من رؤية زوجها. فيما علم أن اللواء جميل السيد رفض الانتقال الى المبنى الجديد.
عمر نشابة

عند التاسعة من صباح أمس طلب حراس سجن مبنى الأحداث في رومية من الموقوفين الانتقال من غرفهم حتى يتم «الفحص الدوري». ليتبين أن المقصود نقلهم الى مبنى جديد. وقد تعامل غالبية الموقوفين مع الأمر بسهولة، لكن اللواء جميل السيد تنبه إلى الأمر عندما شاهد مجموعة من فرقة الفهود، فعمد الى إقفال باب غرفته بواسطة سرير السجن وأعلن رفضه مغادرة الغرفة ورفض وجبة الطعام الرئيسية وطلب مقابلة المسؤول الأمني عن الملف. ليصار بعد وقت الى الاتصال بعائلته وبعائلات بقية الموقوفين لإطلاعهم على الإجراءات الجديدة.
وعند وصول عائلات الموقوفين طلبت إدارة السجن من زوجة اللواء السيد إقناعه بقبول الانتقال. ثم حصل جدال طلب على أثره من القوة الأمنية الابتعاد عن غرفة السيد، ثم خرجت زوجته وأبلغت المقدم وسام الحسن رفضه مغادرة الغرفة وإعلانه الإضراب المفتوح عن الطعام وإبلاغ المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا ولجنة التحقيق الدولية بالأمر من خلال محامي السيد.
وقال مصدر أمني رفيع لـ“الاخبار” إن قوى الأمن الداخلي لن تستخدم القوة لنقل السيد الى المبنى الجديد و“ستعطيه الوقت الذي يحتاج إليه ليقرّر حتى لو استغرق ذلك يومين أو ثلاثة أيام». أضاف إن الطبيب سيكون موجوداً طوال هذه المدة لمراقبة حالته الصحّية. وقال المصدر إن رفض السيد الانتقال الى المبنى الجديد «أمر طبيعي فالسجناء يرفضون عادة الانتقال من مكان تأقلموا على ظروفه»، أضاف إن نقل الضباط الأربعة «جاء تناسباً مع مطالبتهم لأنهم اشتكوا من ضجيج مبنى الأحداث ولأن المبنى الجديد أوسع ويسمح بالتالي بأكثر من مواجهة مع الزوار على عكس مبنى الاعتقال القديم الذي كان يسمح بمواجهة واحدة فقط». وهناك سبب ثالث وأساسي وهو أمني كما قال المصدر الأمني. فمبنى الأحداث قريب من السور الذي يحيط بالسجن بينما المبنى الذي نقل اليه الموقوفون قريب من اللولب، أي المبنى الدائري الرئيسي الذي يتوسّط السجن. وبالتالي يعدّ المبنى الجديد «أكثر أمناً». لكن زوجة أحد الضباط نفت أن يكون الضباط الموقوفون قد اشتكوا من ضجيج الأحداث وأكّدت أن الظروف الأمنية للمبنى الجديد ليست أفضل من القديم لأنه «يمكن رؤية المبنى الجديد من جهة البحر وبالتالي تستطيع أي بارجة إسرائيلية مثلاً أن تطاله بدقّة». أمّا في ما يتعلّق بالمواجهات، فقالت إنها «تخضع لمزاجية المقدّم وسام الحسن إذ يستطيع منعنا من مواجهة أزواجنا متى شاء وهذا ما فعله في الماضي».
وعلمت «الأخبار» أن عناصر من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي تقوم بحراسة المبنى وهو مجهّز من ناحية المساحة والأمن. لكن يبدو أن هناك إرباكاً ما أو سوء تنسيق بين قوى الأمن الداخلي من جهة والسلطات القضائية من جهة أخرى في قضية نقل الضباط من سجن الى آخر إذ قال مرجع قضائي رفيع إن إجراء نقل الموقوفين هو إجراء داخلي تتخذه قوى الأمن الداخلي ولا علاقة للمدعي العام به، لكن المصدر الأمني الرفيع عاد وأكّد لـ“الاخبار” أن قوى الأمن لا تقوم بإجراء كهذا إلا بعد التشاور مع المدّعي العام القاضي سعيد ميرزا.
كان الموقوفون في هذه القضية وهم اللواءان السيد وعلي الحاج، العميدان مصطفى حمدان وريمون عازار، وأحمد ومحمود عبد العال، وأيمن طربيه ومصطفى مستو, محتجزين في الطبقة الثانية من مبنى الأحداث حيث قضوا أكثر من عشرة أشهر وكان ذلك يشكل عبئاً على السجن المكتظّ بالسجناء من موقوفين ومحكومين عددهم يفوق سعة السجن بأضعاف. فسجن رومية الذي بني أصلاً ليستوعب 1100 سجين، يفوق عدد المحتجزين فيه 3000.
وعلمت «الأخبار» أن المبنى «الجدبد» المؤلف من طبقتين كان في عهدة قوة من الجيش اللبناني أخلته العام الماضي، ومنذ إخلائه عملت قوى الأمن الداخلي على تجهيزه وزيادة قضبان حديدية على نوافذه وتوسيع مساحات الزنازين الداخلية. وفي المبنى غرفة مخصّصة للطبيب. وبحسب عائلات الموقوفين فإن كل غرفة من المبنى الجديد جهزت بأربع كاميرات مراقبة بما في ذلك مدخل الحمام الخاص بها، كذلك رفعت النوافد الى أعلى سقف الغرفة بارتفاع نحو 30 سم وجهزت بشبك خاص. كذلك جعلت المواجهات من خلف لوح زجاجي سميك وتتم المحادثة من خلال هاتف يجــــــري وصله عادة بغرفة ضابط الأمن.
ويأتي موعد نقل الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس الحريري من سجن إلى آخر غداة إطلالة الشاهد والمشتبه به زهير صديق على شاشات التلفزيون، وأيام قليلة قبل صدور التقرير الخامس للجنة التحقيق الدولية المستقلة، وبعد تقديم مساعد الأمين العام للشؤون القضائية نيكولا ميشال مسودة المحكمة الدولية.



4 ساعات بين وسام الحسن وجميل السيد

بعد اعلانه الاضراب المفتوح عن الطعام ورفضه الانتقال الى سجن جديد، التقى اللواء جميل السيد في سجن رومية مع رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي المقدم وسام الحسن، وناقشا كل ملفه لأكثر من 4 ساعات، اتفق خلالها على انتقال السيد صباح اليوم الى المبنى الجديد وعلى اجراءات أخرى.