ثائر غندور
يمشي مع صديقته ويده تلتف حول خصرها. هذا المشهد ليس من تظاهرة آذارية، بل من مهرجان النصر، على رغم الفارق الكبير بين المشهدين. ففي الأخير لا تسمع حديثاً عن وحدة وطنية بين «المسلمين والمسيحيين» بسبب حجاب إحداهن وصليب في عنق أخرى.
لم يسمح تنوّع جمهور حزب الله هذه المرّة بأن يتم فصل كامل بين الذكور والإناث، كما جرت العادة في مهرجاناته السابقة، على رغم وجود مداخل «للأخوة» وأخرى «للأخوات». لكن الكراسي المخصصة للأخوات حافظت على «نقاوتها» من الذكور بحماية من المنظمين. تصرخ امرأة متشحة بالسواد بأحد الشبان: «هذا مدخل للأخوات فقط»، يبتسم قائلاً: «ما ضاع الحابل بالنابل».
بعيداً من المنصّة وكراسيها، تنقّل الآلاف من المراهقين والشبان حاملين أعلام أحزابهم وصور قادتهم. ففي زاوية من الزوايا الكثيرة جلس شاب بعلمه الأصفر مع صبية زغرتاوية. حكوا الكثير، ثم تبادلوا صور نصر الله وفرنجية. ليس بعيداً منهما، وجد ثنائي مكاناً له بعيداً من الضوضاء، رمت رأسها على كتفه، وكأن حبهما يحتفل بالنصر.
وتحولت عربات بائعي الكعك والفول والذرة، إلى تجمعات مراهقين ومراهقات يتبادلون النكات حول أكثرية يعتبرونها وهمية، من دون أن ينسوا «مهزلة مرجعيون». فردّدوا: «مع كل صاروخين على الضاحية، بيطلعلك كوب شاي». وربطوا ما حصل في مرجعيون بقرار سياسي للحكومة بالسلام مع إسرائيل فقالوا: «واحد قهوة، واحد شاي. حكومة يلّا باي». وكأنهم يردّون على من اتهمهم بعدم القدرة على التفكير. وللمعاكسة حصتها أيضاً. فزينب التي كانت ترتدي زياً عسكرياً، سمعت كل الشعارات المؤيدة للجيش مثل «الله يحمي الوطن. بأمرك يا حامي لبنان...»، لكنّها لم ترد عليهم لأنهم ببساطة: «شوية زعران، إذا خبّرت أخي أو أحد أصدقائي سيحصل إشكال، لا أريد أن يحدث ذلك في هذا المهرجان». في المقابل، غطّت فتاة أخرى كتفيها بعلم حزبها القومي تحت شعار: «لا تنام بين القبور، ولا تشوف منامات وحشة».
أضاف الوجود الكثيف لجمهور العونيين والمردة والقومي، نكهة جديدة لمهرجانات حزب الله. لم يعد مشهد «الشادورات» والفصل بين الذكور والإناث مسيطراً على الصورة. دخل عنصر جديد إلى المعادلة.