جورج شاهين
بينما تنشغل البلاد بأزماتها المتتالية قام ممثل الأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون بجولة اتصالات واسعة بأهل الحكم والمرجعيات السياسية والحزبية حاملاً معه الكثير من الأسئلة والنصائح الدولية انطلاقاً من مضمون التقرير الشهري الدوري الثاني للأمين العام كوفي أنان الذي صدر في 14 أيلول الماضي، وتحضيراً للبيان الآتي في 14 تشرين الأول المقبل.
وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ“الأخبار” إن بيدرسون ركّز في سلسلة الزيارات واللقاءات على قضايا محددة ذات صلة “بالنقاط الحساسة”، كما يرغب بتسميتها، وهي تلك التي تتصل بالمفاصل الأساسية للقرار 1701، والقرارات الأخرى التي استند إليها من الـ425 الى الـ1686 مروراً بالقرارات الكبرى من الـ1595 والـ1559 والـ1614 والـ1636 والـ1644 والـ1664 والـ1680، وهي التي تتصل بتكليف فريق دولي بـ“تقصي الحقائق” في جريمة اغتيال الرئيس رفيق
الحريري وإنشاء المحكمة الدولية الى ترسيم الحدود اللبنانية ــ السورية في مزارع شبعا والإقرار بالتمثيل الدبلوماسي بينهما، وصولاً إلى وقف العمليات العسكرية في 14 آب الماضي الذي أنهى حرب تموز الأخيرة.
وفهم بعض من التقوا بيدرسون أن الأمم المتحدة تستبعد صدور قرار آخر غير القرار 1701 كما كان يعتقد البعض، استناداً الى إشارة القرار نفسه إلى أنه جاء
بديلاً منه، ويمهد لقرار آخر لوقف نهائي لإطلاق النار، وأن موعده مرتبط وفق التقرير الثاني لأنان بتنفيذ القرارات ذات الصلة بالقرار 1701 ومنها القرار 1559 الذي يتحدث عن “تجريد الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية من أسلحتها”.
أما بيدرسون فيعتبر “أن القرار نفسه الذي تحدث عن وقف العمليات العسكرية رسم خريطة طريق وآليات هي نفسها التي تعتمد في قرارات وقف النار، ومنها المتصلة بساعة الصفر لوقف العمليات وببرنامج الانسحابات الإسرائيلية وانتشار القوات الدولية المعززة والجيش اللبناني حتى الخط الأزرق المؤقت للحدود الدولية بين لبنان واسرائيل، وهي المراحل عينها التي اعتمدت في مفاوضات الكيلومتر 101 بين مصر واسرائيل مكرسة وقف النار بين البلدين من دون الحاجة الى قرار آخر”.
وفي السياق عينه أمطر بيدرسون كل من التقاهم بسيل من الأسئلة أبرزها ما يتصل بالآتي: هل سيستأنف الحوار الوطني حول الطاولة المستديرة؟ وهل
بإمكان هذه الحكومة تنفيذ ما تم التوصل إليه في شأن تحديد الحدود اللبنانية ــ السورية والتبادل الدبلوماسي بينهما وتجريد الفلسطينيين خارج المخيمات من أسلحتهم؟ وهل القوات الدولية ستتعرض لعمليات عسكرية عدائية؟ وما هي الظروف والتوقعات التي تعرضها لمثل هذه المخاطر؟ وهل ممكن الحديث عن تسليم سلاح حزب الله للدولة وفتح القنوات الدولية لتبادل الأسرى؟ أو الأمر أسهل عبر مبادرات شبيهة بالمبادرة الألمانية عام 2004؟
ويقول أحد الأقطاب الذي زاره بيدرسون لـ“الأخبار”: إنه وبقدر ما كان واضحاً في جوانب من البحث، أضاف غموضاً عندما سأله عن الالتباسات في بعض العناوين ومنها كيفية العودة الى اتفاق الهدنة عام 1949، والإجراءات الواجبة للتطبيق، وهل عدم إعلان وقف نار نهائي يبقي كل الاحتمالات مفتوحة، وما هو الموعد الذي يضع حداً للانتهاكات الإسرائيلية فوق رؤوس القوات الدولية المعززة، فكان الجواب: “إن العودة لهذه القضايا لا يدخل في صلب الفقرات التنفيذية للقرار 1701 وإنها من البنود السبعة التي أقرتها الحكومة اللبنانية، وإن الأمر يحتاج الى مفاوضات لاحقة ستجري فور الانتهاء من إنشاء المنطقة الأمنية جنوبي الليطاني”.
وختم هذا القيادي بالقول: “صحيح أن بيدرسون قدم عرضاً متكاملاً، لكنني لا أشاطره القول بأن قراراً آخر غير ضروري، فهناك استحقاقات كبيرة ليس من السهل عبورها من دون الرعاية الدولية”، وعلينا التوقف عند “الإشارة البليغة” للرئيس الفرنسي جاك شيراك أمام الأمم المتحدة إلى “الهدنة الهشة”.