strong>وقّع رؤساء الحكومات السابقون «مذكرة تفاهم»، أرادوا من خلالها إطلاق دعوة للتعقل واعتماد الحوار سبيلاً لحل المشاكل العالقة. وتناولت المذكرة المواضيع الرئيسية التي يختلف حولها اللبنانيون
أصدر رؤساء الحكومات السابقون: سليم الحص، عمر كرامي، نجيب ميقاتي، رشيد الصلح وأمين الحافظ، بعد اجتماع عقدوه في منزل الأول أمس، «مذكرة تفاهم» وقّعوا على مضمونها ووجّهوا من خلالها «دعوة الى التعقل والانفتاح واعتماد الحوار سبيلاً لحل جميع المشاكل العالقة. وعرضت المذكرة عناوين القضايا الرئيسية التي يختلف اللبنانيون حولها، والحلول المقترحة لمعالجتها بدءاً من سلاح المقاومة والنظرة الى الحرب الإسرائيلية على لبنان ونتائجها، مروراً بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وإجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون انتخاب عادل، وصولاً الى التأكيد على عروبة لبنان وتصحيح العلاقة مع سوريا، واعتبار تأليف حكومة اتحاد وطني موسعة أمراً ضرورياً مع تعثر إحياء مؤتمر الحوار الوطني.
ويعتزم رؤساء الحكومات السابقون الاتصال بأكبر عدد ممكن من القيادات والقوى والهيئات والشخصيات السياسية للحصول على دعمها للمذكرة والمشاركة في التوقيع عليها. وقال الرئيس الحص لـ «الأخبار» إن «كلاً منا سيبذل ما بوسعه لهذه الغاية. وقد طلبت موعداً عاجلاً للقاء رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ليكون أول من نطلعه على ما قمنا به وتسليمه نسخة عن «مذكرة التفاهم»، إلا أنني لم أحصل على الموعد حتى الساعة نظراً لوجوده خارج لبنان».
ورداً على سؤال عما إذا كانت الاتصالات ستشمل قوى 14 آذار ورئيس الهيئة التنفيذية لـ«القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع أكد الحص أن «لا استثناءات في هذا المجال، وسنكون منفتحين على الجميع».
من جهته، قال الرئيس نجيب ميقاتي لـ«الأخبار» إنه «من الطبيعي أن يعمد رؤساء الحكومات السابقون الى الاتفاق فيما بينهم أولاً والخروج بـ«مذكرة التفاهم» هذه قبل تعميمها على الغير، وإقناعه بجدواها ومطالبته بالمشاركة في التوقيع عليها». وأوضح ميقاتي أنه مستمر في مبادرته الوفاقية التي انطلق بها قبل مدة، مشيراً الى أنه يؤثر إبقاء الاتصالات والتحركات بشأنها بعيدة عن الأضواء.
وتضمنت المذكرة ثمانية بنود، استهلت بمقدمة توقفت عند السجال السياسي «الذي بلغ من الحدة ما لم يحتمل وما قد يسببه ذلك من «تعميق الانقسامات الفئوية على حساب الإرادة الوطنية». ودعت الى «التعقل والانفتاح والاعتدال واعتماد الحوار سبيلاً لحل المشاكل والقضايا العالقة والتشبث بمقتضيات الوحدة الوطنية».
وتناول البند الأول، وهو الأطول في المذكرة، موضوع الحرب الإسرائيلية على لبنان والجدال الحاصل حول أسبابها ونتائجها، فرأى «أن فريقاً من اللبنانيين ينحّي باللائمة على حزب الله بافتعال الحرب أو التسبب بها أو توفير ذرائع للعدو الإسرائيلي لتنفيذها». ودعا الى «الاتفاق على الحقائق الآتية: صحيح أن حزب الله خرق الخط الأزرق واختطف جنديين إسرائيليين. إلا أن إسرائيل كانت عبر أشهر وسنوات خلت تخترق الخط الأزرق وكل الخطوط الحمر في اعتداءاتها شبه اليومية على الأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية، وأحيانا في قصف أهداف برية. ثم إن خطف الجنديين تم صراحة من أجل مبادلتهما بأسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية. ولو استجابت إسرائيل وقامت بالمبادلة لما كانت الحرب. وإسرائيل لها تاريخ طويل بتبادل الأسرى بأسرى، والأسرى بجثث». وتساءلت المذكرة «لماذا رفضت إسرائيل هذه المرة ما كانت تقبل به دوماً»؟ وكان الجواب هو «أن الحرب على لبنان كانت مدبرة، وكانت إسرائيل تتحين ذريعة لإطلاقها. ولو لم تكن ذريعة الأسيرين لاختلقت سواها ولو بعد حين». وتناول البند الأول وما يدور من جدال عميق حول نتائج الحرب وانتصار المقاومة، فأكد أن «انتصار المقاومة كان مبيناً (...) كما أن الحرب اللبنانية قضت على ما يبدو على المشروع الأميركي الإسرائيلي المدمر والمعروف بمشروع الشرق الأوسط الجديد».
ورأت المذكرة «أن من مقتضيات استعادة الوحدة الوطنية الاعتراف بكل هذه الحقائق، «لافتة الى أن «أعداء لبنان يرون في الوحدة الوطنية حصن لبنان المنيع».
ورحبت مذكرة التفاهم في بندها الثاني بالقوات الدولية (اليونيفيل) العاملة جنوبي الليطاني، ودعت إلى «الحرص على التزام مهمتها المحددة في القرار 1701، وعدم تجاوزها».
ورأت أن انتشار الأساطيل في المياه الإقليمية اللبنانية «لا داعي له ما دام الشاطئ اللبناني تحت السيطرة الأمنية اللبنانية الكاملة». واستغربت ما صدر عن المستشارة الألمانية من أن «مهمة الأسطول حماية أمن إسرائيل». وأكدت المذكرة أن «لبنان هو الذي يحتاج إلى الحماية».
وأعلنت مذكرة التفاهم في بندها الثالث «مخالفة موقّعيها، رؤساء الحكومات السابقين، رأي الذين يقولون إن سلاح المقاومة وجد ليبقى». وأوضحت «أن المقاومة اقترن وجودها باعتبارات معينة. من ذلك وجود أرض لبنانية تحت الاحتلال، هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، ووجود محتجزين لبنانيين في السجون الإسرائيلية، وانكشاف لبنان على اعتداءات شبه يومية جواً وبحراً وبراً. ومن المفترض أن تعالج هذه الاعتبارات في معرض تطبيق القرار 1701، فلا يعود ثمة موجب لاستمرار وجود السلاح في غير يد الدولة. وهذا ينسجم مع الموقف الذي أعلنه أمين عام حزب الله في احتفال النصر مساء 22/9/2006».
وتطرق البند الرابع الى موضوع رئاسة الجمهورية وقال «إن الحل لهذه المسألة يقتضي عملياً النظر في أطروحتين : الأولى هي استصدار قانون انتخاب جديد وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، ومطالبة المجلس الجديد بانتخاب رئيس للجمهورية بتقديم موعد الانتخابات الرئاسية كما كان عام 1976 ، فيكون إلى جانب رئيس الجمهورية رئيس منتخب يساعد وجوده على ملء الفراغ وتهدئة الأجواء. والأطروحة الثانية، انتظار موعد الانتخاب الرئاسي على أن يتم الانتخاب في حينه بالتوافق على شخص الرئيس العتيد سلفاً. ذلك لأن التحدي بانتخاب رئيس من طرف معين سيؤدي إلى شرخ جديد بحيث يبدأ الرئيس العتيد عهده كما انتهى الرئيس المغادر، أي بمقاطعة من فريق وازن من اللبنانيين». وأكدت المذكرة في البند الخامس «على التمسك بنظام الديموقراطية التوافقية، ولكن مع إرساء قواعد الإصلاح الشامل المنشود،» معتبرة «أن المدخل إليه هو إصلاح سياسي يرمي إلى تعزيز الممارسة الديموقراطية»، مشيرة الى ان مفتاح الإصلاح السياسي «قانون انتخاب عادل يعتمد النسبية، وضوابط للعملية الانتخابية».
وجرى التأكيد في البند السادس للمذكرة على «التسليم بعروبة لبنان» والمطالبة «بتصحيح العلاقة مع الشقيقة سوريا والارتقاء بها الى مستوى التميز على اساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة».
وطالب البند السابع بالاتفاق على «صيغة فاعلة للمحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مع الحرص على ان تكون منسجمة مع متطلبات السيادة اللبنانية ومع القانون اللبناني».
ورأت مذكرة التفاهم في بندها الثامن والاخير «ان قيام حكومة اتحاد وطني موسعة امر ضروري بحيث تكون بمثابة المؤتمر الدائم للحوار الوطني فتبقى الخلافات مطروحة للحل على طاولة مجلس الوزراء فلا تتسرب الى الشارع».
(الأخبار)