مرجعيون ــ عساف أبو رحال
يبدو أن عقارب الساعة أسرع من تنفيذ مخطط الاحتلال في الهجوم على بلدة الخيام والاستيلاء عليها، حيث لم يبق سوى ساعات قليلة فاصلة لإعلان وقف إطلاق النار على الجبهة الجنوبية، الذي سيأتي مترافقاً بدق ناقوس خيبة الاحتلال وفشله في التقدم وسط سهل مرجعيون الذي بات أشبه بمقبرة لدباباته وآلياته المحترقة عند الأطراف الجنوبية من السهل قبالة مستعمرة المطلةوثمة عامل آخر يتمثل بصمود المقاومين فرض نفسه ميدانياً لتبقى عقارب الساعة مجرد أدوات تدور حول نفسها، عاجزة عن تحديد أو توقيت سير العمليات أو وقفها. فالاحتلال الذي وصل إلى ثكنة مرجعيون، وعينه على بلدة الخيام، تعثّرت خطواته عند أول محاولة لاختراق خط الدفاع الأول، فتراجعت قواته وتموضعت في محيط الثكنة دون اللجوء إليها خوفاً من مهاجمتها، في حين بقي تل الحمامص شرقاً والقريب من مستعمرة المطلة يشكل نقطة متعثرة منيت بالفشل بعد محاولتها التقدم شمالاً باتجاه بلدة الخيام.
وبين المحورين الشرقي والغربي، وبعد فشل كل المحاولات في الأيام الماضية، لم يبق أمام الاحتلال سوى خيار واحد: الزحف وسط سهل مرجعيون للوصول إلى الخيام.
وفي تفاصيل الوضع الميداني أن جيش الاحتلال دفع بعدد من آلياته عند الطرف الجنوبي من سهل مرجعيون في محاولة، للتقدم شمالاً، باءت بالفشل بعد مواجهات عنيفة مع المقاومة التي تمكنت من تدمير وإحراق خمس دبابات توزعت بين السهل والأطراف الشرقية لبلدة القليعة، حاول الاحتلال سحبها إلى خلف الشريط وسط معارك عنيفة وصفها شهود عيان بالأعنف على هذا المحور منذ بدء العدوان.
وفي منتصف ليل أمس الأول نفذت الطائرات الإسرائيلية عشرات الغارات استهدفت وسط البلدة وأحياءها السكنية، ترافقت مع قصف مدفعي ثقيل قدّر بأكثر من ألف قذيفة حتى ساعات الظهر، كما تعرضت بلدة دبين ومجرى الليطاني لغارات مماثلة امتدت لتشمل مرتفعات العرقوب ومحيط بلدة كفرشوبا.
وقال شهود عيان إن مواجهات عنيفة جرت بعد ظهر أمس وسط سهل الخيام وعند أطرافه الشرقية والغربية بين دبابات الاحتلال التي تحاول التقدم متعثرة مع كل شبر وبين رجال المقاومة الذين أجبروا قوة مدرعة، حاولت التقدم من تل الحمامص نحو البلدة، على التقهقر وأنزلوا بها خسائر في الأرواح والمعدات. وأكد مصدر مراقب حرق عدد من الدبابات والآليات بعد ظهر أمس عند أطراف سهل الخيام.
وأدى إطلاق المقاومة دفعات جديدة من الصواريخ على المستعمرات والمدن الشمالية داخل فلسطين المحتلة، إلى إصابة قوات الاحتلال بالجنون وصبّت جام غضبها في بلدة الخيام من خلال عشرات الغارات الجوية المتتالية والقصف المدفعي المركز والمتواصل، بحيث غطى الدخان والغبار المتصاعد منطقة العرقوب والقرى المجاورة.
وقدرت مصادر عسكرية عدد القذائف التي سقطت في الـ24 ساعة الماضية بأكثر من أربعة آلاف قذيفة من العيارات الثقيلة.
ومع استمرار الاعتداءات التي قد تمتد وتتواصل مع ساعات صباح اليوم في محاولة لفتح ثغرة نحو بلدة الخيام، وبذلك يكون جيش الاحتلال قد دخل مرحلة الخيار الصعب في منطقة القطاع الشرقي من جنوب لبنان.
السيناريو العسكري الإسرائيلي في التقدم نحو بلدة الخيام قد لا يختلف كثيراً عن سابقه في بنت جبيل وعيتا الشعب. لكن ضيق المسافة الزمنية لإعلان وقف إطلاق النار يبقي الأمور الميدانية معلقة ومرهونة بتطورات جديدة قد تعقب هذا الوقف، وبالتالي يبقى الاحتلال رهينة ضربات وعمليات اعتادت عليها المقاومة في منطقة خبرت كافة تفاصيلها الجغرافية والعسكرية.
وبالتالي فإن الساعات القليلة الآتية فاصل مهم في تحديد الخريطة الميدانية العسكرية التي تختلف تماماً عن خريطة اجتياح العام 1978 ورسمها.