بيروت ــ «الأخبارالضاحية الجنوبية مجدداً... طائرات إسرائيلية تحمل عشرات الأطنان من الصواريخ تغير في أقل من خمس دقائق على مبان مأهولة بالسكان. إنه انتقام الساعات الأخيرة من بقعة جغرافية لا تتجاوز مساحتها بضعة كيلومترات، سقط فيها على امتداد أيام العدوان الهمجي ما يزيد عن 4000 صاروخ وقذيفة من الطائرات الحربية والبوارج. حارة حريك، الرويس، بئر العبد، المعمورة، الغبيري، صفير، الشياح. أسماء مناطق وشوارع كانت قبل شهر تعج بالحياة في تجمعات سكنية متلاصقة يسكنها الآلاف من الناس، وأصبحت اليوم أنقاضاً وركاماً.
أضيفت المجمعات السكنية في الرويس الى سجل المناطق التي شهدت جرائم حرب بعد المجزرة التي طالت شارع الحجاج في الشياح.
هدوء حذر شهدته الضاحية الجنوبية أول من أمس وصباح أمس، وتخللته طلعات عدة للطائرات الحربية الإسرائيلية وطائرات الاستطلاع MK وصولاً الى الجبل. فجأة شنت الطائرات الإسرائيلية، حوالى الثالثة إلا ربعاً، سلسلة غارات خلال أقل من دقيقتين، هي الأعنف منذ اندلاع المعارك، استهدفت خصوصاً مجمع الإمام الحسن ومجمع صفي الدين في منطقة الرويس خلف مقبرة الرادوف.
تصاعد الدخان الكثيف فوق الضاحية الجنوبية، وأدت شدة الانفجار وقوة الضغط إلى إطلاق العنان لأصوات أجهزة الإنذار في السيارات في مختلف أنحاء العاصمة.
ودمّر القصف عشرة أبنية وألحق أضراراً كبيرة بأربعة مبان ومسجد في مجمع الإمام الحسن ومجمع صفي الدين في حي الرويس.
وفي حصيلة أولى، تم انتشال طفلة ورجل من بين الأنقاض، ونقل عشرون جريحاً إلى مستشفيات القديسة تيريزا، قلب يسوع وسان شارل. وتستمر قوى الإغاثة في الدفاع المدني والصليب الأحمر والهيئة الصحية الإسلامية وكشافة الرسالة بإزالة الركام بحثاً عن الضحايا، علماً بأن أكثرية المواطنين بعد يومين من الهدوء حضروا لتفقد منازلهم إلا أنهم فوجئوا بالغارات خلال خمس دقائق. ويشير أهالي المنطقة إلى أن هناك أكثر من 40 شخصاً ما زالوا تحت الأنقاض.
ومساءً اعلن استشهاد عدد كبير من المواطنين عرف منهم عائلة الحاج علي نور الدين من بلدة خربة سلم الجنوبية والمؤلفة من خمسة اشخاص.وعائلة من آل فرحات مؤلفة من خمسة افراد من بلدة ميس الجبل الجنوبية. وامرأة في العقد الثاني من العمر وثلاثة اطفال مجهولي الهوية, والمواطن علي ترحيني من بلدة عبا الجنوبية. وفي فترات متلاحقة من ليل امس عاود الطيران غاراته على الضاحية على دفعات مستهدفا مجمع سيد الشهداء فدمر مبنى تعاونية رمال المؤلفة من ثماني طبقات تدميرا كاملا. كذلك استهدف ايضا محيط حي معوض وحي ماضي مبنى مؤلف من ثماني طبقات. واستهدف القصف ايضا منطقة ما يعرف بالمربع الامني في حارة حريك.
تجدر الإشارة الى ان الطائرات الإسرائيلية وسّعت حلقة الاستهداف في أكثر من منطقة في قرى جبل لبنان، فأغارت عند الثالثة والنصف تقريباً على معمل لصناعة الورق في منطقة التلال ما بين الناعمة والدامور، فدُمّر واشتعلت محتوياته. الى ذلك لم تبارح الطائرات الإسرائيلية سماء منطقة الشوف منذ الصباح، وشنت غارات وهمية في فترات متقطعة. وفي الرابعة إلا ربعاً من بعد الظهر، أغارت الطائرات على معمل لتصنيع إطارات الكاوتشوك، في خراج بلدة جون، فاندلعت فيه النيران بشكل هائل، وهرعت سيارات الإطفاء إلى إخماده، فيما لم يبلغ عن وقوع أي إصابات لكون المعمل مهجوراً منذ فترة طويلة.
من جهة ثانية واصلت فرق الإنقاذ التابعة لكشافة الرسالة وبلدية الغبيري والهيئة الصحية الاسلامية، عملية رفع الانقاض في شارع الحجاج في منطقة الشياح، بحثاً عن 12 شخصاً لا يزالون مفقودين منذ الغارة التي نفذتها طائرات العدو مساء الاثنين الماضي في 7 آب الجاري، وذهب ضحيتها حوالى 60 شهيداً و75 جريحاً.