اريس ــ بسّام الطيارةرأى وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي الذي يصل إلى بيروت حاملاً «سلة هموم» فرنسية أن «الوقت يضيق» بالنسبة لنشر الجيش اللبناني في الجنوب. وقال في حديث الى القناة الفرنسية الرسمية الثانية: «يجب نشر الجيش اللبناني في الجنوب بمساعدة اليونيفيل. ما أريد أن أتحقق منه أن تستمر هذه الوحدة الحكومية (في لبنان) وأن يتمكن الجيش من الانتشار وأن يتمتع لبنان بسيادته» على أراضيه.وأضاف: «أعتقد أن كل شيء ممكن. حزب الله سينكفىء وسيسلّم سلاحه بحسب آليات تحدّدها له الحكومة اللبنانية». وأكد مجدداً استعداد بلاده للمشاركة في تعزيز القوات الدولية المنتشرة في الجنوب.
وكان الوزير الفرنسي دخل عشية سفره في «مبارزة إعلامية» مع الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله بتصريحات حول «ضرورة انكفاء الحزب إلى شمال الليطاني» و«تطبيق القرار ١٥٥٩» أي نزع سلاحه.
ويرى مراقبون في باريس أن تصريح دوست بلازي الذي جاء مباشرة بعد مداخلة نصر الله، يختصر هدف الزيارة وهو «حضّ الحكومة على تنفيذ القرارات الدولية». لكن يبدو أن هذا ليس الهمّ الوحيد للوزير الفرنسي، إذ بدا لفرنسا أن صعوبات جمة تعرقل تأليف القوات الدولية التي تطمح إلى قيادتها، في مقدّمها تخوف المشاركين المحتملين من «عدم قدرة الحكومة اللبنانية على تجريد المقاومة من أسلحتها».
وأكد مصدر مطّلع في باريس أن تشكيل القوات مرتبط بما يحصل على الأرض» وأن «كل تردد في المضي قدماً في نزع السلاح يقود إلى تردد في تشكيل القوات». ولفت الى أن الوزير الفرنسي قبل «برمجة زيارته» التي قُرّرت منذ بروز أول العراقيل في عملية تشكيل القوات الأممية، طـــلب من إسرائيل «مـــــبادرة تســـهّل محــادثاتــه في لبنـــــان». وجاءت هذه المبادرة بصورة «إعلان بداية انسحاب القوات الإسرائيلية يوم الأربعاء»... أي يوم وصول الوزير، علماً أن تحركات الجيش الإسرائيلي كانت تجري على قدم وساق لسحب القوات المدرعة مع إبقاء القوات الراجلة في «الجيوب التي تتمسك بها».
وتقول المصادر إن هذه المبادرة تسمح للوزير الفرنسي بحض من سيلتقيهم في لبنان على استعجال إرسال الجيش إلى جنوب الليطاني و«تنفيذ ما وعدت به الحكومة اللبنانية قبل صدور القرار الأممي». وأضافت أن دوست بلازي سيبحث أيضاً في قضية «فتح المطارات والمرافئ المحاصرة إضافة إلى المعابر البرية»، وهي مسألة تشكل، بحسب تسريبات من وراء الأبواب، «معضلة» بسبب تشبث واشنطن وتل أبيب بـ«مراقبة صارمة لحدود لبنان الخارجية»، وهي أحد بنود القرار الأممي كما ذكّر به الناطق الرسمي باسم الخارجية الفرنسية، مستبقاً ما يمكن أن يثيره الفريق اللبناني أمام الزائر الفرنسي.
وعلى أهمية بدء الحديث عن إعادة إعمار لبنان والمساعدات ومؤتمر المانحين، تشكّك مصادر قريبة من دوست بلازي في إمكانية بحث هذه المسائل في شكل معمّق بسبب «القلق من أن الوضع لا يزال في طور التثبيت» وخصوصاً في ظل «السجال السياسي الذي بدأ في لبنان» والذي لا يأخذ «المجرى الذي وعدت به الحكومة اللبنانية».
ويبدو أن باريس تحاول «حلحلة عقد التشابك» بين نشر القوات الدولية في جنوب الليطاني وبين نزع سلاح حزب الله، ومن هنا أهمية اللقاءات التي يمكن أن يقوم بها الوزير الفرنسي في بيروت والتي يتوقع أن «تتجاوز الإطار الحكومي» في محاولة لوضع الأكثرية البرلمانية وبعض الأقطاب في أجواء «المطلوب دولياً والممكن حالياً»، ما يضمن «تسلسلاً تنفيذياً لمطالب المجتمع الدولي».
إذ ترى فرنسا أن نشر قوات دولية ذات وزن عسكري جنوب الليطاني «هو مدخل لحل مشاكل لبنان وتنفيذ قسم مهم من القرار ١٥٥٩»، وبالتالي فهي تطالب واشنطن وحلفاءها ببعض «التفهم للوضع اللبناني المعقد» وبعض المرونة على أساس «خذ وطالب». وبأن المهم هو التوصل لحل مشكلة تأليف القوات ونشرها وكل توتر على الأرض اللبنانية يؤخّر هذا الأمر.
ولذا أرسلت باريس «فريقاً كبيراً من ضباط الأركان» إلى نيويورك للمشاركة في الاجتماعات الفنية لتعجيل وضع آلية تشكيل القوات ومحاولة إقرارها في الأيام المقبلة، بما يسمح بتحييد الجنوب والالتفات إلى تنفيذ بقية بنود القرار ١٧٠١ قبل أن يستفحل الوضع الإنساني والتمويني في شكل يحرج المجتمع الدولي بسبب الحصار المفروض على لبنان أو وصول المساعدات.