فداء عيتاني
“ماذا لو أقدم شابان ارمنيان، في ذكرى المجازر الارمنية في 24 نيسان المقبل، على استهداف القوات التركية التي قد تشارك في اليونيفيل؟”. يرسم احد الأقطاب الأرمن سيناريو افتراضياً للأسوأ، ليخلص الى القول إن دخول القوات التركية الى لبنان هو “عامل انعدام استقرار وليس العكسويقول النائب عن كتلة “المستقبل” وزير التنمية الإدارية جان اوغاسبيان: “الطاشناق هم من حذروا من عدم الاستقرار. نحن أبدينا تحفظنا داخل الحكومة”. وحين استيضاحه عن حدود التحفظ وهل يصل الى الاعتراض، يجيب مستنكراً: “كيف ليس لدينا اعتراض؟! لدينا تحفظ”. وفي 17 الشهر الجاري اجتمع رؤساء الطوائف الارمنية، وأبدوا اعتراضهم على مشاركة القوات التركية في قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) التي ستوسع بحسب القرار الدولي 1701. وفي اليوم التالي زارت قيادات ارمنية سفراء عدد من الدول لابلاغها هذا الموقف، وفي 19 الشهر زار وفد من حزب الطاشناق رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأطلعه على الموقف الأرمني.
ابدى السنيورة حرجه نظراً الى ان دولاً كثيرة أبدت تردداً في الموافقة على المشاركة في القوات الدولية، بحسب احد المشاركين في الاجتماع، ورد الوفد بأن الأمم المتحدة تضم 190 دولة “فلنستبعد تركيا من المشاركة ولنعمل على انضمام غيرها”، فذكّر رئيس الحكومة الوفد بالعلاقات الطيبة التي تربط البلدين، وخصوصاً على الصعيد التجاري. وينقل زوار رئيس الجمهورية اميل لحود عنه موقفه المؤيد لرفض المشاركة التركية، ويشيرون الى تصريحه علناً بعدم الرغبة في مشاركة اطراف لديها اتفاقات استراتيجية مع اسرائيل، كما هي الحال بالنسبة الى تركيا. فيما ينقل زوار الرئيس نبيه بري عنه تفهمه للموقف الأرمني. وهنا لا يبدو موقف الرئيسين منسجماً مع الموقف الحكومي.
النائب عن المستقبل يغيا جرجيان يؤكد انه “ليست لدينا ثقة بالسياسة التركية، اذ إن لأنقرة معاهدة دفاع استراتيجي مع اسرائيل. ولكن في حال اصرار الحكومة على مشاركتهم في اليونيفيل فهذا وضع خاص، ولا نربط عدم الثقة بمشاركتنا في الحكومة”.
ويضيف: “وزيرنا سجل اعتراضه، كما سجل غيرنا في مناسبات اخرى ملاحظاته، ودعنا لا نركز على مشاركة تركيا الى هذا الحد، فهناك امور اخرى تشغل البال اكثر من هذه المشاركة”. وما يشغل بال جرجيان هو “عدم انتهاء الحرب وامكان استئنافها في اي لحظة نظراً الى عدم ازالة اسبابها”.
من جهته يركز النائب اغوب بقرادونيان على “الاسباب اللبنانية” الموجبة لرفض المشاركة التركية في اليونيفيل، قبل ان يقول: “لن نشعر بالارتياح لوجودهم”، وتخونه اللغة العربية فيستعمل الانكليزية لوصف “الانزعاج” من دخول تركيا الى لبنان.
يعدد بقرادونيان الذي شارك في الجولة على السفراء والرؤساء الأسباب “الارمنية وغير الارمنية” للاعتراض: “فالمشاركة في حاجة الى اجماع وطني، وهو غير متوافر، ووجود القوات التركية سيضرب الاستقرار، وعلى الدول المشاركة ان تؤمن اساساً بالسلام، وتاريخ تركيا لا يساعدها، ففضلاً عن مجازر الأرمن هناك التوغل في العراق واحتلال قبرص والمشاكل مع اليونان وسوريا وأرمينيا. ثم هناك الاتفاق العسكري مع اسرائيل، وانزال الطائرات الايرانية (أخيراً) لتفتيشها، ولتركيا اطماع قديمة ــ جديدة، ولا ننسى لماذا لدينا في لبنان ساحة الشهداء».
ويصف بقرادونيان مجيء القوات التركية بأنه “اتيان بالدب الى كرمنا” اللبناني، قبل ان يؤكد ان مجيء تركيا “ليس ضمن اطار كاريتاس، وليس من دون مقابل”، مبدياً تخوفه من ان مجيء هذه القوات سيجلب معه اجهزة المخابرات التركية، ومن جهة اخرى فإن انقرة تحاول “الحصول على براءة ذمة” بمشاركتها في لبنان للاقتراب اكثر من الدخول في الاتحاد الاوروبي، وهو ما يعني بالنسبة الى بقرادونيان “استخدام لبنان لأهداف تركية داخلية”.