strong>برزت خلال فترة إغاثة النازحين إلى الشمال ظاهرة قيام جماعات وتيارات سنّية سلفية بتقديم المساعدات إلى النازحين على نحو مفاجئ، نظراً للودّ المفقود بين هذه الفئات وبين الشيعة الذين شكّل النازحون السواد الأعظم منهم.طرابلس ـــ عبد الكافي الصمد
ملأت بعض التيارات السنّية السلفية في طرابلس فراغاً تركه غياب «الجماعة الإسلامية»، و«تيار المستقبل»، و«دار الإفتاء» عن القيام بدور فاعل في إغاثة النازحين إلى الشمال. وبدا جهدها مضاعفاً في ظلّ غياب رسمي لافت، تمثّل في البطء الشديد، وقلّة التقديمات، الذي اتسم به عمل الهيئة العليا للإغاثة، والذي كان محلّ انتقاد واسع.
وبرزت من بين هذه التيارات جماعة «وقف أحياء السنّة» (الاسم الكامل لها هو «وقف أحياء السنّة للتربية والتعليم والإغاثة»)، التي كان لها دور فعّال في مساعدة النازحين، وتقديم المعونات، وخصوصاً في مناطق طرابلس، والضنّية، والمنية، وعكار، ومخيمي اللاجئين الفلسطينيين في البداوي والبارد، "من دون سؤال أي من هؤلاء عن طائفته أو مذهبه"، بحسب قول رئيس مجلس أمناء الوقف حسين سلّوم.
ويلفت سلّوم الى أن "ما نقوم به ينطلق من قناعة شرعية وإنسانية وذاتية ثابتة، وأن فيه الكثير من الأجر والثواب"، مشيراً الى أنه "برغم الاختلاف الفقهي والفكري مع الشيعة، فإن عملنا هدف بالدرجة الأولى الى تنفيس الاحتقان القائم الآن بين السنّة والشيعة، حرصاً على السلم الأهلي، وخصوصاً أننا نتفق وإياهم على بديهية راسخة وثابتة، وهي أن إسرائيل عدو للمسلمين".
وإذ يفضّل سلّوم، الحائز على إجازة جامعية من كلية الدراسات الإسلامية في جامعة الجنان بطرابلس، عدم إطلاق صفة السلفية أو غيرها على أحد، "لأننا كلنا مسلمون في النهاية"، فإنه يشير الى أن "الواجب يقتضي، بالنسبة إلى أصحاب الفكر والمبدأ، المساهمة في تنفيس الاحتقان وترويق الجو، والمساهمة في ذلك، إمّا عن طريق الموقف، أو الإغاثة أو غير ذلك".
ويوضح سلّوم أن "خطّنا من واجبه، وواجب الناس عليه، أن يوضح هويته، وأن يحدد غاياته وأهدافه". غير أنه يشير الى أن "الإعلام بكل أشكاله يعمل ضد هذه الخطوط ولا يبرزها، وأننا نرى في ما حدث، مؤخراً، فرصة للتعبير عن أنفسنا".
أما لناحية مصادر تمويل "الوقف"، ودعمه في نشاطه الخيري وعمله الإغاثي، فإنه يأتي بأكمله حالياً، بحسب ما أوضح سلّوم، عن طريق "مؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية" في دولة قطر، التي يلفت مدير العلاقات العامة والإعلام فيها، ومنسق أنشطتها في لبنان خلال الأحداث الأخيرة، الشيخ خالد زعرور الى أن «المؤسسة فضّلت، بعد دراسة متأنية، التعاون مع أشخاص يتمتعون بالثقة والمناقبية، وهي الآن تقوم بدعم الأنشطة والمشاريع التي يقوم بها وقف أحياء السنّة في الشمال، وجمعية التقوى الخيرية في بيروت».
ويوضح زعرور أن "المؤسسة تعمل في لبنان منذ سنوات، وهي تقدم المساعدات الى محتاجيها بعيداً عن أي انتماء، وهي ستطور عملها وتوسعه لاحقاً، بما يتناسب مع أهدافها الإنسانية والخيرية".