جورج شاهين
انتهت الحرب الإسرائيلية على لبنان؟ لا لم تنته! هناك من يعتقد بأن الجولة الثانية قادمة ما دام الحصار ما زال قائماً، والأيام التي تلت الاتفاق على وقف العمليات العسكرية لا تزال تحمل معها مزيداً من الشروط الإسرائيلية يوماً بعد آخر، وقد يصبح فكه مرهوناً بإطلاق الجنديين الإسرائيليين.
على خلفية هذه الصورة الغامضة تتابع المراجع المختصة أخبار «المعالجات الفاشلة» حتى الآن لرفع الحصار، وسط تزايد القلق على ما يمكن أن يؤدي إليه استمراره من أضرار سترفع خسائر الحرب على لبنان والتي قاربت المليارات العشرة، بحسب بعض الأوساط.
وتقول المصادر الاقتصادية التي تتابع هذه المعالجات إن الأمر تجاوز كل الخطوط الحمر، وإن الرعاية الدولية التي حظي بها لبنان بدأت تتراجع منذ بدأ الجدل حول شكل القوة الدولية وحجمها وهوية قيادتها، فيما عززت إسرائيل حصارها على كل الجبهات. وبات الأمر مرهوناً بقبول إسرائيل إعطاء الإذن «بالتقسيط» لكل باخرة أو طائرة، قياساً على محتوياتها ومصدر المنشأ وحاجات السوق اللبنانية «المدروسة بدقة» لأي منها بشكل يبقي الأزمة القائمة على حدتها فلا يتحقق أي انفراج على أي مستوى.
ومن دون الدخول في كثير من التفاصيل، كشفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» أن مكتب الارتباط التابع للقوات الدولية أبلغ المراجع المختصة استحالة دخول ثلاث بواخر تحمل النفط الى خزانات الدورة قبل منتصف الأسبوع المقبل، فيما قد يسمح بدخول باخرتي فيول الى معامل الكهرباء آخر الأسبوع الجاري. ولا يزال الحظر قائماً مانعاً دخول كثير من الشحنات الغذائية واللحوم المبرّدة والحيوانات الحية التي تنتظر في موانئ مصر وسوريا وتركيا منذ أسابيع.
وعلى مستوى الحصار الجوي أبلغ رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت «الأخبار» أن شركة «بريتيش آرويز» أعلنت عن ترتيب رحلتها الأولى الى بيروت أمس وجمعت الركاب في مطار هيثرو قبل أن يتبلّغوا استحالة القيام بهذه الرحلة فعادوا أدراجهم. كما أن شركة «لوفتهانزا» الألمانية أعلنت عن قيامها برحلتها الأولى الى بيروت أمس أيضاً، واتخذت الترتيبات الضرورية للترحيب بالرحلة التي لم تتحقق حتى ساعات المساء الأولى.
وتعليقاً على إعلان شركة الطيران الهولندية «كي.ل.م» رسمياً عن وقف رحلاتها المنتظمة نهائياً الى بيروت قال الحوت إن الشركة الهولندية تنفذ قراراً سابقاً اتخذته بوقف كل رحلاتها ليس إلى بيروت فحسب بل إلى كل من عمان وسوريا لأسباب تجارية بعد اتفاق عقدته مع شركة الخطوط الفرنسية «أيرفرانس» في إطار خطة تهدف الى إعادة هيكلة خطوط الشركتين إلى المنطقة لتتبادل وتتكامل فيما بينها.
وتعترف الأوساط المتابعة بأن قصور المعالجات الجارية لا يعود بالدرجة الأولى الى ضعف المسؤولين اللبنانيين الذين «تورط» بعضهم في مرحلة من المراحل بتقديم اقتراحات حلول عادت إليها إسرائيل لاحقاً ـــ وليس للأسباب الموجبة عينها بالطبع ـــ بل لمزيد من «العربدة» الإسرائيلية التي تلت إفراطها في استخدام القوة إبان الحرب من دون أن تأتي بالإنجازات التي وعدت بها، وانتهت إلى إعلان فشلها في القضاء على قوة «حزب الله».
وبناءً على ما تقدّم بات في علم اليقين لدى المعنيين بالأمر أن الحصار القائم بات يقارب «تجربة غزة» وهو «طويل... وطويل»، إذ لم يعد لدى إسرائيل ما تخسره في لبنان، ودون عملية عسكرية ناجعة معوقات كبيرة، وهي مستمرة بالحصار لعله يأتي بتعويض عن الخسائر العسكرية، لكن لبنان ليس غزة!.