غسان سعود
تنتهي في السادس والعشرين من الشهر الجاري، مهلة الشهرين التي منحها القانون لأعضاء لجنة الإدارة والعدل النيابية للاستماع إلى المرشحين لعضوية المجلس الدستوري. والسؤال الذي يُطرح في الغرف السياسية والقضائية المُغلقة هو: هل يبقى العمل معلّقاً في المجلس الدستوري حتى يستمع مجلس النواب إلى المرشحين، ويضع المحضر، وتُجرى الانتخابات؟ ليولد بعد ذلك مجلس دستوري تفرض نتيجة بته الطعن المقدم به، التشكيك بصدقيته، وشرعيته. أم يستفيد المجلس الدستوري الحالي ذو الأعضاء العشرة المنتهية ولايتهم من المادة الرابعة في نظام المجلس الداخلي والتي تنص على استمرار الأعضاء في ممارسة مهماتهم حتى تعيين البدلاء وحلفهم اليمين، منعاً للفراغ الدستوري. ويعود إلى الاجتماع والبت في الطعون القانونية والنيابية، وأبرزها قانون المجلس الدستوري، والطعن النيابي الذي من شأنه حسب عدد من القانونيين تحويل الأكثرية النيابية إلى أكثرية وهمية.
كان يُفترض أن تُعقد عند التاسعة من صباح الثاني عشر من تموز، جلسة استماع أولى للمرشحين لعضوية المجلس الدستوري. لكن جرت عملية أسر الجنديين الإسرائيليين التي قام بها حزب الله وبدأت الغارات الإسرائيلية. فأطل النائب روبير غانم من المجلس النيابي ودعا إلى تأجيل الجلسة نظراً الى الظروف الطارئة.
وأكد النائب روبير غانم لـ“لأخبار” أن ما جرى “كان قوة قاهرة، طغت على كل ما عداها، ومن الطبيعي أن يحصل تمديد للمهل الدستورية والقانونية”. أضاف إن على الحكومة أو المجلس الدستوري إذا فُتحت دورة استثنائية أن يصدرا قراراً بتمديد كل المهل القانونية التي انتهت في تموز وأيلول، شهرين بدءاً من تاريخ إقرار القانون الجديد. فيما رأى النائب فؤاد السعد، المطعون في نيابته أمام المجلس الدستوري الحالي، أن مهلة الشهرين للاستماع للمرشحين، إدارية وداخلية. ورغم ورودها في القانون، يُمكن تعديلها في جلسة بسيطة، عبر اقتراح قانون تمديد المهل. وأشار إلى أنه كان يفترض أن يُدعى لفتح دورة استثنائية لتعيين المجلس الدستوري قبل 12 تموز. وحصل حدث استثنائي وكان يفترض دعوة المجلس النيابي لمواكبة المرحلة الاستثنائيةوأكد السعد أن المجلس الدستوري الجديد سيبصر النور قريباً بعد أن أقر القانون، ووضعت الصيغة لاختيار أعضائه، وقدمت الطلبات. والانتظار ينحصر باجتماع اللجنة المعينة وتحويل الأسماء إلى مجلس النواب والحكومة. ليختار كل منهما خمسة أعضاء من أصل عشرة.
من الناحية القانونية، أكد النائب السابق مخايل الضاهر من موقعه القانوني، أن أي قانون جديد سيكون قابلاً للطعن من رئيس الجمهورية أو عشرة نواب وما فوق. وأوضح الضاهر أن كل ما يجري يشوش على الضرورة القانونية في أن يبت الأعضاء العشرة المنتهية ولايتهم بالطعون المقدمة، وهم مجبرون وفقاً للمادة الرابعة من القانون الحالي على الاستمرار في عملهم حتى يُعين بدلاء منهم. ولا يمكن أن يتركوا المجلس شاغراً. وإذ يؤكد الضاهر أن القاضي لا يصدر حكماً في القضية إلا بعد درس القضية والاستماع إلى المعنيين بها وصدور قرار على قوس المحكمة، يلفت إلى أن الذين سيعيّنون بموجب القانون الجديد المطعون بشرعيته، يخالفون القانون وتعدّ شرعيتهم مطعوناً بها.
من جهته، أكد النائب إبراهيم كنعان، عضو تكتل التغيير والإصلاح، الذي تقدّم بطعن في القانون الجديد للمجلس الدستوري، أن الحل الوحيد هو العودة إلى المجلس القائم. وخاصة أن المادة الثانية من القانون الجديد، تطلب استمرار قيام الموجودين بواجباتهم حتى يحلف الأعضاء الجدد اليمين الدستورية أمام رئيس الجمهورية. ورأى كنعان أن أبرز دروس الحرب الأخيرة هي عدم الاستئثار بالسلطة، وإيجاد تقنيات قانونية ظاهرها إصلاحي وباطنها تعميق الاستئثار وإلغاء مبادئ التفاهم والتعاون بين اللبنانيين.
ويؤكد عضو المجلس الدستوري سليم جريصاتي بعد استعراض سريع لبعض مواد النظام الدستوري، أن الدستور يمنع أعضاء مجلسه من الاعتكاف أو الاستقالة. ومهلة الشهرين، حسب القانون، مهلة حث وليست مهلة إسقاط. ومرور الشهرين لا يسقط حق السلطة بالتعيين. ولا علاقة للقوة القاهرة بهذه القضية. لكن عدم التعيين ينعش المادة الثانية من القانون الجديد. وبالتالي فإن المجلس الحالي محصّن الشرعية للنظر في جميع الطعون المقدمة أمامه.
ولا يستبعد أحد كبار المحللين السياسيين أن يكون المجلس الدستوري، وبت الطعون النيابية، مدخلاً لإعادة تقاسم السلطة وفقاً لتوازنات جديدة كرسها انتصار حزب الله، والمتفاهمين معه، على إسرائيل والمؤيدين للمشروع الأميركي. وخصوصاً أن أي انتخابات نيابية مبكرة، تبدو مستبعدة في الوقت الحالي، وقد تُلحق نتائجها، إذا جرت، ضرراً أكبر من الاتفاق السياسي على نتائج بت الطعون القضائية.