صور ــ علي ضاحي
يظن البعض أن شيئاً لم يحدث. فأهالي صور وقرى القضاء يحاولون لملمة آثار العدوان سريعاً، ليعودوا الى نسق حياتهم الطبيعي، وإن كان بوتيرة متصاعدة. وقد انعكس ذلك بخروج الناس الى الاسواق التجارية ومنها سوق صور القديمة.
الداخل الى السوق، لا بد أن يستوقفه علي بدوي صاحب «بسطة الحلوى» ليطعمه حلوى النصر، كـ«طعم» على ما يبدو لعرض بضاعته، من دون أن ينسى شرح الوضع وآثار العدوان وغيره. ويقول: «حركة الشراء تراجعت الى النصف، ومعظم الزبائن من الميسورين والمغتربين أو من بقي منهم؛ وأحياناً نبيع بالدين لبعض الأصدقاء، على كلمة، بعدين بنحاسبك».
أما حيدر، الصراف الذي كان يعمل في الخفاء قبل العدوان، فيبادر فوراً الى طرح عملاته متذمراً من قلة السيولة بين أيدي الناس، معللاً ذلك بأنه من آثار العدوان.
ويشير حسين دهيني العامل في شركة صرافة الى ان عمليات بيع العملات الصعبة وشرائها تصل الى حدود خمسين في المئة ومعظم زبائنه من قرى القضاء الذين تلقوا تعويضات مالية من «حزب الله».
والمتوغل بعيداً في «دهاليز السوق» لا تفوته ملاحظة «العجقة» الكبيرة على أحد المحلات المشهورة لبيع الفلافل و«المقالي» ولسان حالهم «يباس أمعائهم من علب الطون والسردين».
التوجه الى سوق «القماشين» في المقلب الآخر من السوق يبدو اسهل لقلة الرواد الذين يفكرون في تبديل ما عتق من ملابسهم، ما خلا الباحثين عن ملابس الحداد السوداء، أو من عاد منهم ليجد منزله ركاماً وألسنة النيران الفوسفورية المجتاحة لكل ما يعوق طريقها.
ومن هؤلاء فاطمة من بلدة الناقورة التي دخلت محلاً لبيع الألبسة الجاهزة «لتشتري رداءً اسود لمراسم الحداد على استشهاد أخيها وصهرها بدل ان تكمل «جهاز عرسها» وبعض الألبسة «الولادية» لأولاد اختها التي تهدم منزلها».
ويوضح حيدر الحسيني، (صاحب محل لبيع الاقمشة) «ان الحركة خفيفة جداً، ووجودنا في المحل هو مجرد تأكيد أننا ما زلنا أحياءً للسائل عن حالنا، ولبيع بعض الاقمشة السوداء والمناديل والرايات الصفراء».
ويلفت حسين جوني (صاحب محل لبيع الالبسة النسائية) الى ان «الأضرار غير المباشرة كبيرة تتمثل بكساد البضائع المخصصة للموسم الصيفي، ونكون بذلك ساهمنا بفاتورة صغيرة من فاتورة النصر والحرية».
ويعلل جوني عودة الحياة الى طبيعتها بوتيرة متصاعدة وسريعة الى التصدي السريع «لحزب الله» وتطويقه آثار العدوان فأضــفى شعوراً بالاطمئــــنان.
وإذ يلاحظ انعدام الحركة في السوق ابتداءً من الساعة الثالثة من بعد الظهر، بقي بائع الحلوى والصراف يقومان بما كانا يقومان به، على أمل أن يحمل النهار التالي رزقاً أوفر.