غسان سعود
بدا، منذ 12 تموز الماضي، أن الهوة بين أهالي عكار ونوابهم من تيار المستقبل آخذة في الاتساع. وإذا كان العدوان عمّق هذه الهوة، إلا أن الشرخ بدأ قبل ذلك لغياب النواب عن السمع وعدم تحقيق أي من الوعود التي أغدقوها عشية الانتخابات.
ويقول عبد الحميد حسن، رئيس بلدية برقايل، أكبر البلدات السنية، إن أياً من «الوعود السَعدِية» لم يتحقق، فيما يحجم النواب عن متابعة شؤون أبناء منطقتهم التي تعيش ظروفاً مأساوية بسبب انسداد آفاق العلاقات مع سوريا التي ترتبط بها اقتصادياً بعدما سرت فيها غريزة العداء لدمشق ابان الانتخابات. هذا الوضع بدأ يثير نقمة على النواب تجلّت في تناقص معالم «الحريرية السياسية»، فيما عاد الأهالي الى التجمع في صالونات نواب سابقين.
وفي اتصال مع مصطفى حسين، النائب عن المقعد العلوي في عكار، الذي يجهل معظم العكاريين اسمه بسبب غيابه شبه الكامل عن المشهد العكاري، أكد أن العمل الإنمائي كان جارياً وفق المخطط. لكن شهر الحرب خفّف الحركة وأدى إلى تذمّر بعض العكاريين. وأكد زميله الأرثوذكسي رياض رحال تماسك كتلة المستقبل.
وعدّد رحال المشاريع التي تنفذها الكتلة، وفي مقدمها تلزيم شركة لإنشاء محطة كهرباء في منطقة العيون ــ الجومة، وإنشاء شبكات لإيصال مياه الشفة إلى مختلف المناطق، وفتح قسميْ الطوارئ وصور الأشعة في المستشفى الحكومي. وكشف أن مخصصات عكار في موازنة الأشغال ارتفعت من 6 في المئة إلى 13 في المئة، «وصُرف الصيف الفائت 1.256 مليار ليرة لتحسين شبكة المواصلات. وأُنشئت ست محطات تكرير للمياه المبتذلة بلغت قيمتها 86 مليون دولار». وأكد أن العمل جار لاستحداث معمل لفرز النفايات بعد توفير الأموال، وإعادة العمل بمطار القليعات، وتعيين محافظ لعكار بعد صدور مرسوم تحويلها الى محافظة.
إلا أن جوزف شهدا، المرشح عن التيار الوطني الحر في الانتخابات السابقة، الذي نال 75 في المئة من أصوات المسيحيين في عكار، يؤكد أن نواب القضاء «لم يظهروا في الوقت المناسب أثناء الأحداث التي مرت. وحينما يطلّون على الأهالي، يتكلمون بفوقية، وبنفسية التجار». ويشير شهدا الى أنه «لا اجتماعات دورية لكتلة عكار، والنائب الأرثوذكسي عبد الله حنا في إجازة مستمرة في الخارج، وهو لا يتفق مع سياسة تيار المستقبل ولا يؤيدها، ويشعر بانتمائه إلى نهج التيار الوطني الحر». ولفت شهدا الى أن ثمة «استياءً مسيحياً خاصاً» من تصرفات النائب هادي حبيش الذي يصنع من مارونيته رأس حربة ليستعملها تيار المستقبل في مهاجمة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون.
وتبقى الإشارة إلى فراغ سياسي موروث لم يملأه النواب الراهنون الذين يتعاملون مع الأهالي، بحسب ما يقول عدد كبير منهم، بذهنية المنتصر. وهؤلاء النواب، بحسب المطلعين، «متماسكون غصباً عنهم ومتضامنون شكلاً، وعدم انسحاب نائبين على الأقل، حتى اليوم، من الكتلة مردّه إلى عدم الجرأة على مواجهة مؤسسة مالية شكلت رافعة لهم في لحظة معينة». لكن الضغط الشعبي المتفاقم سرعان ما سيُغيّر المعادلات، فردّ الفعل الشعبي على إثارة العصبيات هدأ، وبات العكاريون يبحثون اليوم عمّن يوفّر لهم مصالحهم لا من يجنّدهم جياعاً ومن دون عتاد لمقارعة عدو وهمي.