راجانا حميّة
أجرت سارة «المدلّلة» سلسلة تعديلات على جدول يومياتها لتتناسب والحال الراهنة التي فرضتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة. طاولت هذه التعديلات بنوداً «أساسية ثابتة»، منها خفض ساعات النوم وإلغاء «صبحيّة» الساعة الثامنة، واستبدالها بمهمات أخرى «طارئة وجديرة بالاهتمام».
قرار سارة نور الدين (21 عاماً) المفاجئ «للعائلة» لم يكن «صعباً». فالشابّة بحاجة للقيام بشيء مهمّ «أشعر من خلاله بوجودي وانتمائي لهذه الأرض ولضاحيتي أيضاً». سارة واحدة من مئة وثمانٍ وثلاثين شابّة شعرن بالحاجة نفسها، فتطوّعن إلى جانب شباب «الحزب» في مؤسّسة «جهاد البناء» للمساعدة على «إنجاز العديد من الإحصاءات التي يمكننا من خلالها تخفيف بعض الأعباء عن الشباب».
بدأت الفتيات جولة التطوّع منذ أسبوع تقريباً، واقتصر عملهنّ خلال هذه الفترة على مساعدة «جهاد البناء» في إحصاء نوعية الأضرار التي لحقت بمباني الضاحية الجنوبية، ومن ثم وضع «التسعيرة» لكل نوع من هذه الأضرار، مع ضرورة التزام «الدقّة والتركيز منعاً لارتكاب أخطاء غير مطلوبة في الوقت الراهن».
هذا الالتزام الذي فرضه جدول أعمال «الشباب»، لم يمنع هبة حسن الطويل (ابنة الشهيد) من الإصرار على متابعة عملها بالزخم نفسه، مشيرة إلى أن «هذا الأمر لا يعدّ شيئاً أمام تلبية نداء السيّد حسن نصر الله، فواجب علينا العمل الآن كي نشعر بلذّة الانتصار الذي وهبنا إيّاه المقاومون».
تلبية نداء السيد كان «الحافز الأهم» لقيام هبة وصديقاتها بهذا الجهد، وهنّ مستعدّات لتقديم المزيد «كرمى له وللناس المشرّدين». وفي هذا الإطار، تشير مسؤولة المتطوعات خديجة سلّوم، إلى أن غالبية الفتيات «يعملن في المركز بناء على دعوة السيّد، وقد بلغ عددهن حتى يوم أمس مئة وثماني وثلاثين فتاة، يضاف إليهنّ حوالى ثلاثمئة على لائحة الانتظارولفتت سلّوم إلى أن هذا «العدد الهائل سببه هو أن غالبيتهن يشعرن بضرورة المساهمة في هذا الانتصار، غير أننا قرّرنا الاكتفاء بهذا العدد بناءً على طلب المؤسّسة، لكننا سنعمد إلى إشراكهن في وقت لاحق بالبرامج الأخرى المعدّة لشهر رمضان».
لم يقتصر عمل الفتيات على مساعدة «جهاد البناء» فقط في الإحصاءات، فقد أنشأت «نساء الحزب»، عقب وقف النار، مشروع «إعادة ترتيب البيوت الموجودة على أطراف الضاحية والتي لم تشهد خراباً كبيراً».
وقد تجنّد لهذا العمل حوالى 600 متطوّعة، توزّعن في مجموعات عدّة «لمساعدة ست البيت على تنظيف المكان وإعادة ترتيبه ونزع الزجاج المتناثر في أرضه». وقد أنجز الفريق النسائي، وفق سلوم، «مسح 517 مبنىً، حيث قبلت نحو مئة عائلة فقط المساعدة»، واصفةً ما يجري بالتضامن «الرائع من قبل الأهالي الذين هجّروا والفتيات المتطوّعات». ومن المهمّات الأخرى التي تقوم بها المتطوّعات، إلى جانب العمل الميداني، زيارة عوائل الشهداء مرّة في الأسبوع «للوقوف إلى جانبها في هذه الظروف الصعبة وتأمين الحدّ الأدنى من احتياجاتها المتعلّقة بتأمين قراءة عزاء أو «ختميّة» القرآن.
بعد الانتهاء من «إحصاءات جهاد البناء، سنعمل في مشروع ثالث خاص بالمساعدات العينية للعائلات التي تهدّمت بيوتها»، يبدأ السير فيه مع بدايات شهر رمضان.