انطون الخوري حرب
التحالفات الانتخابية “العرجاء” تحولت الى مأزق سرعان ما انكشف بعد تأليف الحكومة الحالية على قاعدة التحالف الرباعي، ثم جاء الانقلاب على البيان الوزاري، لتقوم محلّه معادلة تعايش قسري بين اطراف الحكومة، لكن التجاذب الذي يحدثه الانقسام السياسي تُرجم عملياً في كل محطة وعند كل قرار وعلى كل شيء تقريباً، عدا هذا “التعايش القسري”.
وما نشهده اليوم محاولة التفاف على تداعيات الحرب السياسية والضرورات التغييرية التي تحتّمها. فلا فريق 14 آذار ينوي السماح للفريق الآخر باستثمار الإنجازات السياسية والميدانية التي حصدها الانتصار في المعركة على العدوان الاسرائيلي، ولا الفريق الآخر يقبل باستمرار المعطى السياسي الداخلي على نمطية الاستئثار والتعطيل. فالمطلوب من تجمع 14 آذار الذي خشي انقلاب الوضع عليه جرّاء الحرب، أن يعيد عقارب الساعة الى معركة رئاسة الجمهورية واستحقاقات التحقيق الدولي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما يراد له من خلالهما للنظام السوري وحلفائه في لبنان.
اما حزب الله والتيار الوطني الحر والقوى الاخرى، فيعتقدون بأن ما حصل من تطورات منذ نيف وسنة حتى اليوم، يكفي لإيجاد آلية لتصحيح ما ارتُكب من اخطاء لدى الجانبين. وتبقى الساحة الحكومية هي المكان الصحيح الذي تتذلل فيه السلبيات وتتحقق بداية مسيرة وفاقية بحدها الادنى في هذه المرحلة التاريخية والحساسة، تمهد لانتقال القرار السياسي الى حال الاستقرار الذي يعطّل تحقيقه الاضطراب في المرحلة الانتقالية التي اعقبت خروج القرار اللبناني من الوصاية السورية لعقود خلت.
ومن المحتمل أن تتوقف معادلة التعايش القسري بعد انضمام السيد حسن نصر الله الى العماد ميشال عون في المطالبة بحكومة وفاق وطني صحيح.
ومن المتوقع أن تنقلب موازين القوى، وأن يمعن تجمع 14 آذار في استعمال العدد النيابي الاكثري لكسر اخصامه، لكن المتوقع الصحيح بنظرنا، أننا امام خيار من اثنين، إما التجاوب الحكيم مع ضرورات المشاركة الصحيحة بعد كل ما ذكرنا من تطورات موجبة، وإما حشد الشارع الناقم والجريح لإحداث التغيير المطلوب.
وإذا ما تواجهت الأكثرية النيابية مع الغضب الشعبي، فالفوضى السياسية الامنية هي النتيجة الاكيدة، والتي ستحصد بدربها الفلتان والدماء.