strong>التيار: من جرّب المجرّب «بيكون عقله مخرّب» وأهالي المنطقة يأملون في أن يُقدّر موقفهم
غسان سعود

نقلت مصادر الشرطة الاسرائيلية في 24 آب الجاري أن لبنانية في العقد الثالث من عمرها وصلت وأولادها الثلاثة الى الحدود طالبة دخول أراضي الدولة العبرية حيث يقيم زوجها، وهو أحد أفراد «جيش لبنان الجنوبي» المنحل. وتتالت بعدها حالات الانتقال إلى إسرائيل، بالتزامن مع انتشار الجيش في الجنوب، وبلغ عدد المنتقلين نحو 30 شخصاً، معظمهم من بلدات كفركلا والعديسة والقليعة، وهم حسب المعلومات الأمنية إما كانوا في عداد «جيش لبنان الجنوبي» أو من أفراد عائلاتهم.
يتهيّأ سياسيون وإعلاميون لاستخدام المعطيات القليلة المتوافرة عن انتقال عدد قليل من اللبنانيين إلى إسرائيل في الأيام القليلة الماضية في النقاش السياسي الداخلي، في سياق السعي “الأكثري” المحتدم لدقّ إسفين بين التيار الوطني الحر وجمهوره، وبين التيار وحزب الله، عبر الإيحاء بأن “ثمة من لا يطمئن إلى ممارسات حزب الله ويختار إسرائيل بديلًا من الدولة داخل الدولة”، وبأن التيار “لم يحقق شيئاً في تفاهمه مع الحزب، أقلّه على صعيد طمأنة أهالي المناطق الحدودية، وخصوصاً المسيحيين منهم”.
وكان أنصار التيار وقياديوه قد اعتبروا أن إحدى أهم النقاط التي تضمنتها ورقة التفاهم مع “حزب الله” هي مسألة اللبنانيين “الموجودين في إسرائيل”. إذ ورد في البند السادس من وثيقة التفاهم المشتركة أن قناعة الطرفين هي أن “وجود أي لبناني على أرضه أفضل من رؤيته على أرض العدو. لذلك فإن حل مشكلة اللبنانيين الموجودين لدى اسرائيل تتطلّب عملاً حثيثاً من أجل عودتهم إلى وطنهم آخذين في الاعتبار كل الظروف السياسية والأمنية والمعيشية المحيطة بالموضوع”.
وبعدما سُرّبت إلى الإعلام مواعيد غير رسمية لعودة بعض اللبنانيين من إسرائيل، إذا بالأمور تنعكس، فيعلن الإعلام الإسرائيلي “اجتماع شمل العائلات في إسرائيل”. وأوضح القيادي في التيار الوطني الحر جبران باسيل أن التيار وحزب الله “كانا قد نشطا في عملية تسهيل العودة ومراجعة الملفات بدقة، لكن الحكومة بدأت في العرقلة، وبعثت إشارات سلبية مثل الحكم الغيابي المبرم بالسجن 15 سنة لابنة القيادي السابق في “جيش لبنان الجنوبي” عقل هاشم، التي غادرت لبنان في عمر ثماني سنوات، وتوقيف أحد العائدين، ثم تحديد جلسة محاكمته بعد أربعة أشهر، ما أكّد للتيار أن الأكثرية النيابية تريد إدخال هذا الملف ضمن السياسة الضيقة التي تقوم على المزايدات ورد الفعل السلبي”.
وأكد باسيل أن الحرب أظهرت الحاجة إلى حل هذا الموضوع، “وخصوصاً أن مسيحيي الجنوب وقفوا إلى جانب حزب الله، ولا حق لأحد في اعتبارهم عملاء بعدما أثبتوا أنهم وطنيون أكثر من وزراء مشاركين في الحكومة اللبنانية”. وقال “إن المسيحيين الجنوبيين يعلمون قيمة موقفهم في الأحداث الأخيرة، وحزب الله يثمّن هذا الموقف. وثمة حرص متبادل بين الحزب والتيار على عدم تغييب دورهم في المرحلة المقبلة”.
وفي السياق نفسه، قال منسق التيار في جزين زياد أسود إن ثمة توافقاً شبه تام بين الجزّينيين على أن “من جرب المجرب بيكون عقله مخرب”، وإن أهالي المنطقة، وخصوصاً الذين سبق أن اتهموا بالعمالة، “يأملون في أن يُقدّر موقفهم، وتبادر حكومة الأكثرية إلى قبول اقتراحات التيار فتحلّ مشاكل “مكتومي القيد”، وتسجل الزيجات التي حصلت في إسرائيل، وتعيد إليهم حقهم في إصدار جواز سفر، ووقف الكيدية في إعادة حقوق العسكريين منهم. وأكد أسود عدم حصول أية إشكالات أو توقيفات في جزين”.
وقال عضو المجلس السياسي في “حزب الله” الحاج محمود قماطي إن الحزب كان يأمل في أن تكون القصة معاكسة، وأن يستغل اللبنانيون الذين في إسرائيل الثغور في الشريط الحدودي للانتقال من إسرائيل إلى لبنان. وأكد أن الحزب كان وما زال يأمل في عودة العائلات، وليس ثمة أي إشكال أو اعتراض على هذه العودة، حتى بالنسبة إلى المتعامل نفسه، شرط خضوعه للآلية القانونية وتنفيذه الحكم الذي يصدره القضاء اللبناني. وتحدى الذين يتحدثون عن ضغوط من الحزب على عائلات المنتمين إلى جيش أنطوان لحد بأن يثبتوا أي تعاط شاذ من مسؤولي حزب الله أو عناصره. وأوضح أن الحزب يسارع إلى تسليم العملاء الذين يقبض عليهم إلى الدولة، أو يبلّغها للقبض عليهم، وهي تصدر الحكم عليهم، مؤكداً أن هذه الأقاويل “لا تعدو كونها محاولات للتغطية، وهي تبرير جبان للخيانة”.
وفي هذا الإطار أكدت معلومات لـ“الأخبار” أن سمير علي رسلان الذي غادر بلدة العديسة إلى إسرائيل هو مسؤول أمني سابق في جيش لبنان الجنوبي، وهو كفيف العينين، فقد معصميه ورجله في انفجار عبوة قبل بضع سنوات، وكان على اتصال شبه يومي بشقيقته المقيمة في إسرائيل. أما العائلتان اللتان غادرتا كفركلا، فقال معارفهما لـ“الأخبار” إنهما انتقلتا الى اسرائيل نتيجة وعد من أقرباء لهما هناك بتوفير سفرهما إلى كندا. وينتظر أن يصدر قريباً بيان عن أهالي القليعة يؤكدون فيه عدم حصول مضايقات لأي من أبناء البلدة، حتى للذين يقيمون اتصالات مع أقرباء لهم في إسرائيل.