برلين ــ غسان أبو حمد
على رغم النفي الرسمي الألماني، على لسان وزير الخارجية فرانك شتاينماير، لأي دور وساطة ألمانية في عملية تبادل للأسرى والرهائن بين إسرائيل وحزب الله، أصرّت بعض وسائل الإعلام الألمانية الصادرة أمس، ومنها «فايننشال تايمز دويتشلاند» ووكالة «أوزنابروغ أونلاين»، على الحديث عن وساطة أمنية تستعد لها برلين بطلب من وزيرة الخارجية الإسرائيلية.

وكشفت الحوارات الصحافية مع السياسيين الألمان أن «ترتيب» الوساطة يتمّ بهدوء وبعيداً من الأضواء، نظراً الى حساسية هذه القضية التي تطال في بعض فصولها النشاط الرسمي للأمم المتحدة.
وشاءت الصدفة وحدها أن تتزامن زيارة وزيرة خارجية إسرائيل تسيبي ليفني إلى برلين مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى لبنان، من هنا رأت الصحافة الألمانية صعوبة الحديث «رسمياً» عن «وساطة للتبادل» في برلين، فيما يحمل الأمين العام كوفي أنان في جعبته مطلب تسليم الجنديين الإسرائيليين إلى منظمة الصليب الأحمر أو الحكومة اللبنانية من دون شروط!
وإضافة إلى إصرار المصادر الصحافية الألمانية على وجود «وساطة ألمانية» لتبادل الأسرى والرهائن بين إسرائيل وحزب الله، جاءت الوقائع والمواجهات الصحافية المتلفزة لتشير بدورها إلى وجود وساطة يقوم بها الجهاز الأمني الألماني «بي.أن.دي»، بما يملكه من تجربة وخبرة عميقة وواسعة وصداقات تاريخية متينة مع بعض «المفاتيح» في كلا الطرفين.
على صعيد الوقائع، أصرت التلفزة الألمانية من ناحيتها على اعتبار أن «اللقاء بين وزيرة خارجية إسرائيل ورئيس دائرة الاستخبارات الألمانية أرنست أورلاو في برلين» لا تبرير منطقياً له غير «جسّ النبض» الألماني للتحرك باتجاه وساطة ممكنة، من دون تعكير خطوة المساعي السياسية الجارية عن طريق الأمم المتحدة.
إلا أن القناة الثانية «زد.دي.أف» ذهبت أبعد من ذلك وأجرت اتصالاً مع وزير الدولة الألماني غيرنوت أرلر وسألته عن الغاية من اجتماع ليفني مع رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية، فأجابها الوزير حرفياً: «من الجائز أن يكون الموضوع متعلقاً بوساطة ألمانية لتبادل الأسرى والرهائن بين حزب الله واسرائيل».
وأشار أرلر إلى أن ألمانيا سبق لها أن حققت نجاحاً في هذا المجال. ورداً على سؤال مكرّر عن صحة وجود وساطة ألمانية، قال أرلر حرفياً: «توجد قاعدة قديمة مفادها: إذا أردت أن تكون وسيطاً ناجحاً... لا تدع أحداً يعلم بمهمتك»!. وتجدر الإشارة إلى أن كلاً من شتاينماير ورئيس جهاز الاستخبارات الألمانية أرنست أورلاو، سبق لهما أن حققا نجاحاً في مهمة قاما بها مطلع عام 2004 عندما تمكّنا من تنفيذ صفقة تبادل ناجحة أسفرت عن إطلاق سراح الإسرائيلي الحنان تننباوم، لقاء الإفراج عن 400 أسير عربي في السجون الإسرائيلية.
أما وزيرة الخارجية الإسرائيلية فقالت للتلفزة الألمانية عن إطلاق سراح الجنديين الإسرائيليين: «نحن ننتظر المساعدة من الجميع، ومن ألمانيا تحديداً، من أجل التوسط لدى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة والاتصال به كي يتحمّل المسؤولية ويهتم بعملية الإفراج عن الجنديين».
وأضافت: «في الماضي لعبت ألمانيا دوراً مهماً وناجحاً في التوسط لدى حــــزب الله من أجل الإفراج عن الرهائن».