الغجر ـــ عسّاف أبو رحال
الخطّ الأزرق الذي جرى ترسيمه في عيد التحرير تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة فريق عسكريّ لبناني بقيادة العميد أمين حطيط، قُدِّر له المرور وسط بلدة الغجر لتصبح شطرين تنفيذاً للخرائط المرفقة والموقّعة من الأمم المتحدة. الشطر الجنوبي يتبع الجولان السوري المحتل منذ عام 1967، والشمالي لبناني الهوية قضمه الاحتلال خلال الفترة التي امتدت حتى عام 2000، بدليل المد السكاني الذي غطّى مساحات واسعة من الأراضي اللبنانية باعتراف بعض أهالي الغجر الذين أوضحوا ذلك سابقاً.
أمام هذا الواقع، باتت البلدة جزءين من الناحية النظرية، ما مكّن مجموعات من الصحافيين منذ أكثر من سنة من الدخول الى أحد الأحياء السكنية الشمالية والتجوال في محيطها، مما أزعج الاحتلال وقرّر إقامة جدار عازل وسط البلدة عند الخط الأزرق. لكنّ الأمر لاقى عدم قبول لدى السكان المحليين، فعدل الاحتلال عن رأيه، مبقياً الجزء اللبناني تحت أنظار جنوده وأجهزته الأمنية التي كانت تجول بلباس مدني منعاً لأيّ إشكال .
وبعد الاعتداءات الأخيرة وإخلاء حزب الله لموقعه المحاذي لمنازل البلدة، دفع الاحتلال بجرّافة وحفارة تعملان منذ بعد ظهر أمس على إزالة دشم المقاومة ورفع السواتر الترابية، وإقامة جدار إسمنتي. وبعدما نقلت شاحنات مئات المكعّبات الإسمنتية، ينشط فريق فني بتثبيتها على امتداد خط يفصل شمال البلدة عن الأراضي اللبنانية، على مرأى من قوات اليونيفيل القريبة والمتمركزة في بلدة العباسية شرقاً. هذا الجدار من شأنه إعادة الحدود إلى ما كانت عليه قبل ترسيم الخط الأزرق، أو بمعنى آخر، إلغاء الخط الأزرق عند بـــــلدة الغــــجر بحجة أن البلدة مأهولة ولا يمــــكن تجزئتها بانتظار حل نهائي.
وحسب شهود عيان، أقامت قوات الاحتلال كميناً متقدماً على الطريق الممتد بين العباسية والغجر، لمنع الاقتراب من مكان العمل وإتاحة الفرصة أمام الآليات لقضم مساحات إضافية على حساب الأراضي اللبنانية.
السؤال المطروح لماذا لم يجرؤ الاحتلال على إقامة هذا الجدار قبل اعتداءاته الأخيرة؟ ولماذا لم ينفّذ فكرته السابقة بإقامة الجدار وسط البلدة ؟ لكن، يبقى الأهم من ذلك، موقف الأمم المتحدة التي رسمت الخط الأزرق، وقوّاتها التي ستصل لبنان قريباً وتنتشر في الجنوب من الناقورة حتى بلدة شبعا.
فهل ستحرّك الحكومة اللبنانية ساكناً تجاه هذا الأمر منعاً لأي تداعـــــيات سلبية قـــــد تطرأ جنوباً؟ وهل ســـتوجـــــّه بالتالي رسالة واضحة إلى الاحتلال تلـــــزمه بحـــــدود الــــخـــــط الأزرق والتخلي عـــــن مـــــسألة الضم والاقتطاع؟