البقاع| لا شيء مختلفاً في دائرة نفوس اللبوة عن مثيلاتها في بعلبك ــــ الهرمل. بل ثمة ما يجمع بينها جميعاً. مواطن كتب عليه أن يعيش كيفما كان مع إهمال الدولة لدوائرها الحكومية في المنطقة. مبنى مستأجر يقبع خلف «كراجات» محال تجارية على طريق عام اللبوة. سجلات مهترئة زادت من تمزق أوراقها «فلفشة» أصابع الموظفين فيها يومياً. أما الأرشيف، فحدّث ولا حرج، إذ إنه مكدس في مطبخ الدائرة. تنوء الدائرة تحت ثقل مبنى فيه نش ورطوبة، لا تدخله الشمس شتاء، ولا يمكن لنسمة هواء أن تتسرب إلى داخل غرفه صيفاً. دائرة رسمية عبارة عن غرفتين ومطبخ وحمام.
الغرفتان يتقاسمهما موظفو الدائرة. الأولى ينفرد بها الموظف المسؤول عن «سكانر» البصمة (البصّامة الخاصة ببطاقة الهوية)، أما الثانية فقد حشر فيها رئيس الدائرة وأربعة موظفين، وسجلات تحوي بيانات أكثر من 120 ألف نسمة في نحو 20 قرية تبدأ من بلدة البزالية مروراً بالعين والفاكهة ورأس بعلبك وصولاً حتى القاع على الحدود اللبنانية ــــ السورية. فيما يقبع أرشيف الدائرة في المطبخ!
وبصرف النظر عن صعوبة تحديد موقع دائرة نفوس اللبوة، «المختبئة» خلف مبان عدة، يواجه أصحاب المعاملات القانونية صعوبة في إيجاد موقف لركن سيارتهم من جهة، كما في إيجاد مكان ينتظرون فيه إنجاز معاملاتهم بعد تقديمها. «ما في لا كراسي ولا تدفئة، ما يدفع الغالبية إما الى اللجوء إلى سياراتهم شتاءً، أو السعي خلف ظل جدار هنا، أو محل تجاري هناك صيفاً»، كما يقول أحد مخاتير بلدة العين هاشم دبوس.
ثلاثة كراس حديدية غطتها طبقة من الإسفنج، لا يجرؤ أحد على الجلوس عليها خوفاً من «الخوزقة» بمسمار أو برغي نافر. أما التدفئة، «فإذا كانت غير متوفرة لرئيس الدائرة والموظفين الذين يتشاركون مالياً لشراء مازوت التدفئة من حسابهم الخاص، فكيف تتوفر للمواطنين عند المدخل؟»، بحسب دبوس، الذي أشار إلى أن أبرز المشاكل التي تواجه دائرة نفوس اللبوة: غياب المكننة، والسجلات الرسمية المهترئة التي تتطلب تعاملاً دقيقاً جداً معها حتى لا تتمزق أية ورقة تحمل بيانات مواطنين، مستغرباً «الحديث المستمر عن التطور والحداثة، في وقت لا زالت دوائر النفوس تعاني غياب المكننة والكمبيوتر».
رغم ذلك، يجمع غالبية المخاتير والمواطنين على أن المعاملات في الدائرة تنجز من دون تأخير، ومن دون «سمسرات»، و«أقصى ما يحصل يقتصر على إنجاز إخراج قيد قبل آخر لوجود قرابة مع صاحب المعاملة»، بحسب دبوس.
مختار بلدة مقراق أحمد أمهز أكد على السرعة في إنجاز المعاملات، وتسهيل عمل المواطنين على رغم الظروف الصعبة التي يعمل فيها موظفو الدائرة، وغياب الدعم لها من الدولة، مناشداً وزارة الداخلية والبلديات إيلاء مشاكل دائرة نفوس اللبوة الاهتمام الكافي بما يسمح بتسهيل معاملات المواطنين وحفظها.
دائرة الأحوال الشخصية في اللبوة استحدثت في العام 2001، وهي تقبع في مبنى مستأجر بقيمة 7 ملايين ليرة سنوياً. لكن ضيق المكان وحالته استدعت مطالبات بتوسيعه أو بتغيير مكانه، الأمر الذي دفع عبد الله سرور، صاحب مبنى الدائرة المؤجر، إلى توجيه طلب إلى وزارة الداخلية والبلديات بتاريخ 2011/5/11 تحت رقم إحالة 404 يؤكد فيه استعداده لبناء طابق فوق مبنى الدائرة أو توسيع المبنى بإضافة غرف عليه على نفقة الوزارة، في مقابل التخلي عن إيجار سنتين كما فعل عند استحداث الدائرة في العام 2001 حيث لم يتقاض الإيجار لمدة سنتين حتى العام 2003. ماذا عن رد الوزارة؟ يجيب سرور أن مديرية الأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والبلديات «لم تكلف نفسها الرد على الطلب، ويبدو أن الطلب نام في أدراجها».