منذ فترة، انتشرت على صفحات الإنترنت رسوم كاريكاتورية تظهر الرئيس المصري محمد مرسي وهو يسجد باتجاه صندوق النقد الدولي. وقد استوحى الرسامون هذه «المشاهد» من طلب الرئيس المصري من الصندوق قرضاً بقيمة ٤,٨ مليارات دولار، بهدف إنعاش الاقتصاد المصري، الذي يشهد ركوداً منذ اندلاع الثورة. وليس هذا فحسب، فقد تناولت الصحافة أخيراً «نبأً» عن عرض تقدم به الاتحاد الأوروبي، يقضي بتقديم قرض بقيمة ١,٢٩ مليار دولار، إذا حظيت مصر بقرض صندوق النقد. تأتي هذه القروض عادة مشروطة ومرتبطة بباقة من السياسات الاقتصادية، مثل رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع الأساسية وتحرير الأسواق، وقد أدى تنفيذ هذه السياسات في الماضي إلى اندلاع احتجاجات شعبية في مصر، كما في بلدان فقيرة أخرى. لهذه الأسباب، يطلق بعض الناشطين في مجال العدالة الاجتماعية على صندوق النقد صفة صانع الفقر والحرمان والديون، التي تبقي بلدان العالم الثالث تحت سلطة البلدان الغنية، كما أنها تأتي مصحوبة بشروط سياسية تتعلق بالموقف من «إسرائيل» ومن سياسات الجوار الحسن. ويتساءل المراقبون لشؤون التنمية عما إذا كانت مصر تحت إدارة الإخوان المسلمين قد تسلك الدرب الاقتصادي نفسه الذي اعتمده حكم حسني مبارك، على رغم خطاب العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر، الذي روجّه الإخوان خلال الانتخابات الأخيرة. قد يعود خيار اللجوء إلى قروض مشروطة إلى واقع الاقتصاد المصري، في عالم يعاني أزمات اقتصادية متتالية، وقد يسوّق تحت عنوان الواقعية السياسية، كما أن البعض قد يتساءل عن حدود هذه الواقعية، وخصوصاً أن رئيس الحكومة المصرية هشام قنديل أعلن أن مصر لن تتراجع عن التعامل الاقتصادي والصناعي مع «إسرائيل»، مشيراً إلى المناطق الصناعية المميزة التي تنتج صناعات إسرائيلية ــــ مصرية، والمنتشرة على كافة الأراضي المصرية.