استطاع عناصر من الأمن الداخلي، عند الحاجز الثابت في ضهر البيدر، عند الساعة الثانية من فجر أمس، إحباط عملية تهريب سودانيّين ومصريين دخلوا الى لبنان خلسة، عبر طرقات جبلية غير شرعية، بين الأراضي اللبنانية والسورية، كانوا يستقلون، سيارة بيك آب من نوع هيونداي مخصصة لنقل الخضار من بيروت وإليها، يقودها اللبناني ر. ح. ر. من البقاع الأوسط. وقد ضُبطوا في صندوقها الخلفي وعددهم 14 شخصاً، 10 سودانيين وأربعة مصريين، يتّخذون وضعية النوم، تحت صناديق بلاستيكية، على الأثر أُوقفوا وأوقف سائق البيك آب، بناءً على إشارة من النيابة العامة، لاستكمال التحقيق معهم، بغية معرفة الشبكة التي نقلتهم من داخل الأراضي السورية، الى لبنان، ولمعرفة الطريقة التي نُقلوا بها.
المتسللون سيحوَّلون الى القضاء المختص لإجراء المقتضى القانوني بحقهم، وبحق المهرب اللبناني.
مسؤول أمني قال لـ «الأخبار» إن عملية ضبط المتسللين نُفّذت بعد تفتيش العناصر المناوبين للشاحنة. وأشار إلى أن التحقيقات مع الموقوفين، تؤكد أن السودانيين العشرة لم يدفعوا بعد للمهرب، المبالغ المتفق عليها، بناءً على اتفاق بينهم وبينه ينص على أن يكون الدفع لحظة تسليمهم الى الشخص المخوّل إيواءهم وتوزيعهم على مراكز العمل. فيما لفت المصدر إلى أن المصريين الأربعة، حسب إفاداتهم، نقدوا المهرب الذي نقلهم من سوريا الى لبنان، مبلغاً قدره 2000 دولار، بمعدّل 500 دولار عن كل شخص، لإيصالهم الى بيروت، بينما كان الاتفاق مع السودانيين ينص على تقاضي700 دولار عن كل شخص، مع مهرب آخر «خلافاً لأجرة تهريب المصري، لأنّ السوداني لون بشرته أغمق من المصري والعراقي، لذلك نقله أصعب». وعن دور سائق الشاحنة، قال إن دوره كان في نقلهم من داخل إحدى المزارع المخصصة لتربية الأبقار في محيط وادي عنجر الحدودي مع سوريا، من الجهة الشرقية الشمالية لمعبر المصنع الرسمي، الى بيروت، مقابل 50 دولاراً عن كل شخص. أما عن الطريقة التي جرى تهريبهم بها، من داخل الأراضي السورية الى لبنان، فلفت المصدر إلى أن المهرّب الذي اتُّفق معه على نقلهم الى لبنان، لا يعرفون اسمه، بل يعرفون مواصفاته فقط، «كلّف شخصاً آخر ليعمل دليلاً لهم، وانتقلوا سيراً على الأقدام مسافة نحو 2 كلم، وحسب المواصفات التي أعطوها للمنطقة يمكن التأكيد أنها منطقة وادي عنجر». ولفت المصدر إلى أن الموقوفين السودانيين والمصريين أُدخلوا تباعاً، لا دفعة واحدة، وجُمّعوا في مزرعة، ليُنقلوا الى بيروت بواسطة شاحنة مخصصة لنقل الخضار.
مصدر في الأمن العام اللبناني، رأى أنّ القانون اللبناني يُعدّ عاملاً رئيسياً في تشجيع مهربي الأجانب على استمرار عملهم، يقلّب المسؤول أسماء المهربين الذين هم في معظمهم إن لم يكن جميعهم، ممّن سبق أن أوقفوا وحوكموا في محكمة الجزاء بتهم تهريب أجانب، وغرّموا قبل ذلك. «للأسف لم يرتدع أحد منهم، بل إنّهم فور خروجهم من السجن، يعاودون مزاولة مهنتهم، لأن الواحد منهم إذا قُبض عليه يحكم بشهر حبس وغرامة تراوح بين مئة ألف ليرة ومليون ليرة. «من الطبيعي أن يعود إلى مهنته لما فيها من مردود مادّي له»، باعتقاد المسؤول أن المشكلة ليست عند السوداني أو المصري، بل «المشكلة عندنا نحن، لأننا نحاول دائماً أن نرمي أخطاءنا على الآخرين، فبدلاً من أن نلوم السوداني والمصري وأيّ شخص يريد دخول لبنان خلسة، لماذا لا يجري تحديث القانون حتى يكون رادعاً لهؤلاء المهرّبين». أو أن تنظّم الدولة طريقة، أو تسوية تسمح من خلالها بدخول المصريين والسودانيين الى لبنان، بما يضمن تجنيب اليد العاملة اللبنانية المضاربة، «وهكذا نستطيع إحصاء عددهم ومراقبة دخولهم وخروجهم بما يضمنه القانون، لا أن تترك الأمور على غاربها». وتطرق الى مسألة مكوث الموقوفين في السجون اللبنانية أكثر من ثلاثة أشهر، «يدفع الواحد منهم كلفتها من حريته، لأن سفارات بلادهم تتقاعس عن تأمين الأوراق الثبوتية، وجزء من أكلاف الترحيل الى بلادهم».


خطف

في الشهور الأخيرة، أوقف عشرات من الداخلين بطريقة غير شرعية إلى لبنان. في بعض العمليات كان يُعثَر على عدد منهم ـــــ وخصوصاً من الجنسية السودانية ـــــ تائهين في الطرقات الجبلية الوعرة في البقاع، بعد أن يتركهم المهرّبون والأدلّاء.
الأسوأ في الأمر هو العثور على جثة رجل سوداني مات بعدما ضلّ طريقه.
من جهة ثانية، تجدر الإشارة إلى أن عدداً من السودانيين والمصريين تعرضوا لعمليتي خطف. ففي نهاية العام الماضي، خُطف عمّال مصريون من لبنان، كان خاطفوهم قد أفرجوا عنهم في سوريا بعدما حصلوا على المال مقابل ذلك.
وفي أواخر شهر كانون الثاني الماضي، كان مصير عاملين سودانيين مجهولاً. في البترون، كان يعمل كلّ من خير الله علي وعجيلي الفاضل موسى، قبل أن «يخدعهما» مجهول، أتى إليهما طالباً منهما العمل بصورة مؤقّتة لديه. أقلّهما في سيّارة وفَرّ بهما الى جهة مجهولة، مستخدماً سيّارة أخرى للتمويه. حصلت هذه الحادثة يوم الخميس الماضي، فاتحةً الباب أمام الكثير من التكهّنات في ظلّ عدم التوصّل حتّى الآن الى نهاية سعيدة لحادثة الخطف.