أجريت هذه المقابلة مع هانتر طومسون أوائل عام 1974 وقد قمنا بتعريب مقتطفات منها. حينها أرسلت مجلة بلاي بوي الصحافي كريغ فيتر لمقابلة هانتر طومسون. أفادنا فيتر بما يأتي:
«أمضيتُ سبعة أشهر في العمل على هذه المقابلة، واستغرقتني عملية الهدم والبناء والتحرير وقتاً ليس بالقصير. أجريتُ جلّ هذه المقابلة على الطريق، في المكسيك، وواشنطن، وسان كليمينتي، وكولورادو. والآن بينما أخطّ هذه السطور، نحن موجودون في شيكاغو، حيث تدوّي صفارات الإنذار تحذيرًا من الإعصار. كلانا متوتر جراء اقتراب موعد التسليم، وقد حبس الدكتور طومسون نفسه في شقة مليئة بالمرايا في الطابق العشرين من مبنى شاهق في شارع أستور. لقد أغلق النوافذ الفولاذية الثقيلة، وغرفته لا تحتوي على إنارة، ظهره منحنٍ فوق طاولة القهوة وباستطاعتي سماعه وهو يشتم.

من المقابلة مع مجلة بلاي بوي

نحن نحاول إنقاذ هذه المقابلة، وإجراء تغييرات وتصحيحات وإضافات - وكلها كانت غير ضرورية حتى تسعة أيام خلت، يوم قدّم ريتشارد نيكسون استقالته. تمتم طومسون بأنه لا يقوى على تحريك يده التي يمسك بها القلم وأنه لا يمزح حيال ذلك. هذا النوع من الجنون ليس غريبًا لرجل كطومسون، في الواقع، لقد حوّل هذه المشاهد إلى فن أكثر من مرة: صحافة الغونزو، اختراع طومسون الأخطر والأكثر جموحًا على الإطلاق. ولد هذا الفن مصادفة وسط ألسنة النار التي أشعلها موعد تسليم ميؤوس منه. لا يستطيع أحد محاربة شياطينه والتغلب عليها كل مرة، إلا أن طومسون ينجح في القيام بذلك كل مرة، بفضل البراعة وروح الدعابة التي يتحلى بها والتي يفتقر إليها الكثير من صحافيي اليوم. لا يزال طومسون جالسًا في زاويته محدّثًا نفسه، بينما تتأرجح السيجارة في فمه، وقال قبل عدة دقائق: «عندما ينتهي كل هذا، سأعود إلى كولورادو وسأغطّ في سبات عميق كحيوان بري». ولم يكن يمزح حيال ذلك، لأنه خلال الأسبوعين الماضيين، في الأسابيع الأخيرة لرئاسة نيكسون، عانى طومسون كثيرًا وأمضى ليالي دون أن يغلبه النوم ليكمل العمل على عدة قصص صحفية ويضمن تسليمها في الموعد المحدد، كانت إحدى هذه القصص تتعلق بمُساءلة الرئيس نيكسون، إلا أنها تحولت إلى رماد بعد النار التي أشعلت البيت الأبيض. كان الأمر صعبًا حتى على رجل لقب «بمثال الصحفي الخارج عن القانون». أجبرتنا هذه الملحمة على تعاطي الكثير من المخدرات، لدرجة دفعت طومسون إلى إنهاء بحثه الشخصي حول المخدرات وقطع كل صلاته بالسياسة المحلية والعودة إلى جذوره والبحث عن مصادر إلهام جديدة.
لقد سجلنا ما يقارب ثلاثين ساعة إلى الآن، ولن نسجل ساعة إضافية مهما اضطرّني الأمر إلى ذلك. يعمل طومسون الآن على إجابته الأخيرة ولا يزال يتحدث مع نفسه. أظن أنني سمعته للتو يقول «على الله أن ينجز ما تبقى من هذا» ما يعني أنه على الأرجح قد انتهى». لقد بدأ هذا المشروع في مكان بعيد عن حديقة البؤس والذنب والألم والبشاعة التي نحن فيها الآن. عندما ضغطت زر التسجيل لأول مرة، كنا أنا وساندي وطومسون في الكاريبي نجلس مقابل البحر تحت أشجار النخيل بملابس السباحة التي بلّلتها المياه المالحة. كان الطقس يومها دافئًا، ونيكسون لا يزال رئيس الولايات المتحدة الأميركية، كان طومسون يحتسي كوكتيل بلودي ماري ويمضغ بعض الخضروات، وكان لتوه قد اشترى صحيفة من بائع صحف شاب ودفع مقابلها دولاراً كاملًا. كانت الصحيفة ذاتها ستكلف رجلًا أكثر رصانة واستقامة أربعة وعشرين سنتًا فقط».

بلاي بوي: لقد دفعت المبلغ الذي تدفعه للحصول على جرعة ميسالين مقابل جريدة، هل أنت مدمن أخبار أيضاً؟
طومسون: نعم، يجب أن أتابع أحدث الأخبار. في صباح كهذا، اشتريت جريدة كتب على غلافها بالخط العريض «انتحر ريتشارد نيكسون ليلة البارحة» يا إلهي! هل تستطيع أن تتخيل النشوة التي ستعتريك عند قراءة هذا الخبر؟
بلاي بوي: هل تجد في السياسة المتعة ذاتها التي تجدها في المخدرات؟
طومسو: أحيانًا. يعتمد ذلك على نوع السياسة ونوع المادة التي أتعاطاها. هنالك أنواع لذة مختلفة. لقد خضت هذا النقاش من قبل مع شاب في مكسيكو سيتي، ذات ليلة أرادني أن أنضمّ إليه في مدينة زيهواتانيجو وأن ننتشي معًا لعشرة أيام متواصلة، بينما نمكث معاً على مرتفع يطل على أجمل حقل زهور في المكسيك. لكنني أخبرته بأنني لا أستطيع القيام بذلك وبضرورة عودتي إلى واشنطن.
بلاي بوي: من المؤكد أن يكون اليوم الخميس لأنك شربت منذ الصباح كأسَي «بلودي ماري» وثلاثة أقداح بيرة وشممت بودرة بيضاء تعادل بكميتها أربع ملاعق صغيرة في غضون ساعة من استيقاظك. أنت لا تستطيع إنكار ولعك بالمخدرات، أليس كذلك؟
طومسون: كلا، لماذا عليَّ أن أنكر ذلك؟ أنا أحب المخدرات. أعطاني أحدهم ليلة البارحة هذه البودرة البيضاء. أشك في أنها كوكايين، لكن هنالك طريقة واحدة للتأكد من ذلك - انظر إلى هذا الخراء، لقد تبلورت حبيبات البودرة في هذه الرطوبة اللعينة - لا أستطيع تفتيتها باستخدام المقص الموجود في سكيني السويسرية. في الحقيقة، الكوكايين مخدر بلا قيمة ويفتقر إلى الأصالة. أؤكد لك أنه على الأرجح أقل المواد فعالية في السوق. إنه لا يستحق الجهد أو المخاطرة أو النقود – على الأقل بالنسبة إليّ. إنه مخدر تتعاطاه بين الفينة والأخرى في الدوائر الاجتماعية، أي يتوجب على المرء تقديمه للآخرين لا تعاطيه. لكن العالم في هذه الأيام مليء بمجانين الكوكايين ويميلون في العادة إلى مشاركة ما بحوزتهم. لقد شعرت بالتعب بعدما استيقظت هذا الصباح وفي حوزتي هذه البودرة، لذا...
بلاي بوي: متى كانت أول مرة تعاطيت فيها «الأسيد»؟
طومسون: تعاطيتها لأول مرة أثناء عملي على كتاب «ملائكة الجحيم». أراد كين كيزلي أن يلتقي ببعض أفراد العصابة فعرّفته عليهم ودعانا جميعًا إلى منزله في لا هوندا. كان لقاءً مهمًا ورهيبًا في الوقت ذاته وفكرت في نفسي أن من الأفضل أن أكون موجودًا لأشهد ماذا سيحدث عند اجتماع هذا المزيج المميز من الشخصيات. وبالطبع، قاد «الملائكة» حوالي أربعين أو خمسين دراجة نارية وعرض كيسي وآخرون عليهم بعض «الأسيد». وقلت لنفسي: «يا للهول، ماذا سيحدث الآن؟»
بلاي بوي: كم تقدر قيمة إنفاقك على المخدرات في السنة الواحدة؟
طومسون: يا إلهي ...
بلاي بوي: برأيك، كيف تؤثر هذه المخدرات على جسمك؟
طومسون: حسنًا، لقد خضعت لتوي لفحص طبي شامل للمرة الأولى في حياتي. ذهبت إلى الطبيب بعدما عبر المقربون مني عن قلقهم حول صحتي، وأخبرته أنني أرغب بإجراء كل الفحوصات الطبية اللعينة التي عرفتها البشرية حتى يومنا هذا، أردت تخطيطًا للقلب والدماغ وكل شيء. بدأ الطبيب بطرح سؤال تلو الآخر واستمر على هذا المنوال لمدة ثلاث ساعات متواصلة، وفكرت «ما هذا بحق الجحيم، أخبره بالحقيقة، أنت هنا لتقوم بذلك» وأخبرته بالتفصيل عما فعلته خلال السنوات العشر الأخيرة، ولم يصدق كلامي. قال لي الطبيب «رباه، هانتر، أنت في حالة يرثى لها» هذا ما قاله لي بالضبط. بعدها أجرى لي الطبيب كل الفحوصات اللازمة ووجد أنني في صحة ممتازة، ووصف الأمر «بأعجوبة جينية».
بلاي بوي: ماذا عن عقلك؟
طومسون: أظن أنه في صحة جيدة. أصبحت بعد بدئي تعاطي المخدرات إنسانًا مسترخياً ومنفتحاً أكثر وازداد ارتياحي مع نفسي. هل تعتقد أن المخدرات قضت عليّ؟ أجلس الآن أمام شاطئ خلاب يقبع في الساحل المكسيكي، لقد ألّفتُ ثلاثة كتب، وأملك حصنًا بديعًا يمتد على مسافة مئة هكتار في كولورادو. ووفقًا لذلك، أنا أشجع تعاطي المخدرات. لكن لن أنصح الآخرين – بحق الجحيم ـــ بجميع أنواع المخدرات. على سبيل المثال، ينبغي على البعض ألا يقتربوا من مادة «الأسيد» أو يفكروا حتى بتعاطيها، وخاصة الأشخاص الذين لديهم حمل نفسي ثقيل وفي داخلهم أعباء وصدمات نفسية لم يتعاملوا معها بعد، والذين يكبتون غضبهم ويتصرفون بعدائية – هؤلاء أنفسهم يتحولون إلى سُكارى خطيرين.
بلاي بوي: هل تؤمن بالمعتقدات الروحية المرتبطة بتعاطي المخدرات؟
طومسون: لا، لم أؤمن بها قط. هذا هو اعتراضي أمام ثقافة المخدرات. لم أؤمن بالانتشاء الذي يتحدث عنه المعلمون الروحيون. أنت تعرف، رباه، «النيرفانا» وترهات قمعية أخرى من هذا القبيل. أنا أحب إحضار المواد التي أرغب بتعاطيها من على قارعة الطريق ويروقني أن أترقّب ما سيحدث لي بعد ذلك، أحب تجربة حظي. الأمر أشبه بأن يكون كالجلوس على دراجة سباق وأن تجد نفسك فجأة على منعطف رملي وأنت تسير بسرعة 120 ميلاً في الساعة، وتفكر في نفسك «يا إلهي، ها نحن ذا» وتستمر على هذا المنوال حتى يصطدم وتد الدراجة بالشارع ويبدأ المعدن بإطلاق الشرار. إن كنت جيدًا بما فيه الكفاية فستنجو، لكن قد ينتهي بك المطاف أحياناً في غرفة الطوارئ مع ابن حرام برداء أبيض يعيد حياكة رأسك إلى مكانه.
بلاي بوي: ما نوع الانتقاد الذي تحصل عليه جراء صراحتك حول المخدرات؟
طومسون: أنا لست شديد الحذر حول ما أقوله، لكنني حذر جداً في الوقت ذاته. على سبيل المثال، أنا لا أتاجر بالمخدرات ولا أتورط في ترويج أي مادة في هذا المجال. أود أن أوضح أنني لا أعلم حتى عن ذلك. أنا حذر جداً في الحفاظ على قدرتي على الإنكار، كما تعلم – مثل نيكسون. أنا لا أتاجر بهذه المواد بتاتًا. الاستخدام البسيط شيء – كشرب الكحول عندما يكون المرء في عشرينياته – لكن المتاجرة شيء آخر، لأنهم سيلاحقونك للقيام بذلك. أنا لن أبيع المخدرات لأمّي مهما كان السبب... كلا، الشخص الوحيد الذي قد أبيعه المخدرات سيكون ريتشارد نيكسون، سأبيعه كل ما يرغب به هذا اللعين.. لكن عليه أن يدفع ثمنًا باهظًا مقابل ما سأعرضه عليه وسيتذكر هذا اليوم جيدًا.
بلاي بوي: هل أنت الصحفي الوحيد في أميركا الذي تجول مع ريتشارد نيكسون و«ملائكة الجحيم»؟
طومسون: لا بد أنني كذلك. من غيري قد يقول شيئاً كهذا؟ اللعنة، من غيري قد يعترف بذلك؟
بلاي بوي: أيهما كان أكثر رعباً؟
طومسون: «الملائكة». لا يستطيع أحد بث الرعب في جوفك بقدر «ملاك جحيم». واحدهم لديه زرادية تتدلى من حزامه، ويستخدمها عادةً لخلع أسنان الناس في منتصف الليل. حتى إن بعض «الملائكة» يزينون أحزمتهم بهذه الأسنان.
بلاي بوي: لماذا قررت العمل على كتاب يسلط الضوء «الملائكة الجحيم»؟
طومسون: النقود. كنت حينها قد استقلت وطُردت في الوقت ذاته من وظيفتي في مجلة «ذا ناشونال أوبزيرفر». لم يسمحوا لي حينها بتغطية قصة حرية «أن أترك الصحافة اللعينة» وعدت إلى كتابة الروايات. حاولت قيادة سيارة أجرة في سان فرانسيسكو وجربت كل شيء.
اعتدت النزول إلى الشارع في تمام الساعة الخامسة من فجر كل صباح والوقوف وراء طابور من المشردين السُكارى في ميشن ستريت لأبحث عن عمل في توزيع النشرات الدعائية لمتاجر البقالة وهراء من هذا القبيل. كنت أكثر الأشخاص صحة وشباباً هناك، لكن مع ذلك، لم يخترني أحد. حاولت أن أجعل شكلي غريباً وقذراً، فارتديت سترة جيش قديمة وجعلت لحيتي رثة. حاولت جهدي أن أبدو كمشرد ثمل، ومع ذلك لم يبادر أحد الى اختياري للقيام بالمهمة.
بلاي بوي: كيف التقيت بـ«ملائكة الجحيم»؟
طومسون: لقد ذهبت إليهم وقلت: «انظروا، أنتم لا تعرفونني وأنا أيضاً لا أعرفكم، إلا أنني سمعت بعض الأخبار السيئة عنكم، ما مدى صحتها؟» كنت أرتدي حينها معطفاً وحذاءً رجالياً رسميًا، شيء من هذا القبيل، أظن أنهم شعروا بأنني غريب بعض الشيء – لأنني كنت الكاتب الوحيد الذي تكبد عناء المجيء إليهم والتحدث معهم في المنطقة التي فرضوا سيطرتهم عليها، حتى ذلك الوقت، كل القصص التي سُمعت عن «ملائكة الجحيم» كان مصدرها الشرطة. بدوا كأنهم مصدومون من فكرة قدوم كاتب حقيقي - قلباً وقالباً - من مجلة أدبية في نيويورك تكبد عناء تعقب أثرهم، وأتى ليقابلهم في ورشة لتصليح المركبات تقبع في الأحياء الصناعية الفقيرة في جنوب سان فرانسيسكو. كانوا مترددين في البداية، لكن بعد احتساء 50 أو 60 زجاجة بيرة نجحنا في التفاهم والوصول إلى أرضية مشتركة. وكما هو الأمر دائماً فالمجانين يميزون بعضهم بعضاً من نظرة واحدة.
بلاي بوي: هل كنت مهتماً بالدراجات النارية من قبل؟
طومسون: قليلاً، لكن عندما حصلت على دفعة مقدمة من الكتاب، ذهبت واشتريت أسرع دراجة نارية تمت تجربتها في مجلة هوت رود. فكرت في نفسي «إن كنت سأقود مع هؤلاء الملاعين فعليّ أن أقود أسرع دراجة نارية عرفها البشر حتى يومنا هذا».
بلاي بوي: هل مرت عليك لحظات تساءلت فيها كيف انتهى بك المطاف للانضمام إلى واحدة من أخطر جماعات الدراجات النارية الخارجة عن القانون؟
طومسون: حسناً، خطر في بالي أنها تجربة صعبة – ربما الأصعب على الإطلاق- لكن في الواقع بدأت أحبذ الفكرة أكثر فأكثر بعد انضمامي إليهم، لكن زوجتي كانت مرتعبة في بادئ الأمر.
تعرفت جيدًا على خمسة أو ستة فصائل من أوكلاند وفريسكو وكانوا يأتون إلى شقتي ليلاً أو نهاراً دون خبر مسبق – كانوا يجلبون معهم أصدقاءهم، وثلاثة صناديق بيرة مسروقة وحفنة من الحبوب المخدرة وبعضاً من «الميثامفيتامين». أحببتُ هذه التجربة، لقد كانت محور حياتي آنذاك وكانت أكثر من وظيفة أقوم بها فحسب.
بلاي بوي: تعرض أسلوبك الصحفي لهجوم من بعض النقاد – بالتحديد من قبل مجلة «كولومبيا جورنال ريفيو»، ونظرتَ إليه على أنه سرد ممزوج بقليل من الخيال وهذيان رجل تعاطى المخدرات لمدة طويلة.
طومسون: اللعنة على مجلة «كولومبيا جورنال ريفيو». هم لا يدفعون لي إيجار بيتي. يذكّرني هراؤهم بفترة أوائل الستينيات عندما كان جميع الناس يقولون «هذا الشاب المدعو ديلان شوّه سمعة تين - بان – اللعنة، هو ليس بموسيقي، حتى صوته ليس جميلًا».
في الحقيقة، أشعر بالإطراء عندما أرى مجموعة مثلهم تكرس جهدها وجلّ طاقتها لمهاجمتي.
بلاي بوي: ما هي صحافة الغونزو؟
طومسون: إنها نتاج قصة كنت أغطيها عن سباق «كنتاكي ديربي» للخيول لمصلحة مجلة سكانلانز. كنتُ وسط أزمة مرعبة لضمان تسليم المادة في الموعد المحدد ونفد الوقت مني يومها. كنت يائساً. عمل رالف سيلمان على الرسوم التوضيحية وطُبع الغلاف، وكان هناك فجوة مهولة في المقابلات التي أجريتها. كنت مقتنعاً بأنها ستكون نهايتي، تصدع رأسي وأنا أفكر في الطريقة المثلى لكتابة القصة ولم أستطع العمل على شيء. قررت في النهاية القفز إلى دفتر كتاباتي وتفحص الملاحظات التي سبق أن دوّنتها. قمت بترقيمها وترتيبها وأرسلتها إلى الطباعة. كنت على يقين يومها بأنها ستكون آخر قصة سأكتبها لمصلحة أي جهة. حازت القصة أصداء خيالية، كان هنالك عدد هائل من المكالمات والرسائل والتهاني الموجهة إليّ، وبدأ الناس يصفون ما كتبته بـ«نقطة تحوّل عظيمة في الصحافة» وفكرت في نفسي «يا إلهي، إن كان بإمكاني تسليم كتابة كهذه والنجاة بفعلتي، فلماذا أجبر نفسي على الكتابة بأسلوب النيويورك تايمز؟» كان الأمر أشبه بالوقوع من كابينة المصعد والهبوط وسط بركة مليئة بالحوريات.
بلاي بوي: هل تختلف صحافة الغونزو عن الصحافة الجديدة؟
طومسون: نعم، أعتقد ذلك. على سبيل المثال، أنا لا أحاول إعادة بناء القصة كما يفعل توم ولف أو غاي تاليس. كلاهما مراسلان صحفيان أفضل مني، لكن في الوقت ذاته أنا لا أنظر إلى نفسي على أنني مراسل. لقد اخترت كلمة الغونزو لأنني أحببت وقعها على الأذن، وهذا لا يعني غياب الاختلاف بين أسلوب كتابتي وأسلوب تاليس وولف. كلاهما يميلان إلى العودة للقصة وإعادة صياغة الأحداث، بينما أنا أفضل أن أعيش في القصة التي أكتبها وعدم التدخل فيها قدر الإمكان.
بلاي بوي: هل يتمحور أسلوبك في الكتابة حول الخيال الخصب والأفكار الجامحة؟
طومسون: حتماً. أطلق العنان لخيالك واسمح له بأن يأخذك حيثما يريد. تماماً مثل قصة إدموند موسكي، فأثناء تصفّحي لتقرير مخدرات نشره مختبر ما في كاليفورنيا حول أعراض التسمم بعقار «الإيبوجايين» فكرت في نفسي «لقد صادفت أمرًا شبيهًا بهذا من قبل، ليس في غرب أفريقيا ولا في غابات الأمازون، لقد رأيت هذه الأعراض أخيراً» وثم خطرت لي فكرة أخرى «بالطبع! نوبات غضب، فقدان الحس، القدرة على الجلوس المتواصل لأيام دون القيام بأي حركة – هذا ينطبق على إد موسكي».