من يجالس النجم السوري عبد الهادي الصبّاغ، يدرك بأنه بارع في فهم الطرفة والتعاطي معها برشاقة وذكاء، بل يجاريها بسرعة بديهته وروحه الدمثة الحاضرة دوماً. لا يتوقّف عن الضحك، حتى في بعض مواقع التصوير تصبح «إيفهاته» متداولة حتى في غيابه. لكنّ خفة الظلّ تلك لم يستثمرها في أعمال الكوميديا كونه لم يكن صاحب باع طويل معها كما هي الحال مع الأنواع الدرامية الأخرى، إنما ترك فرصة لتعليقاته الساخرة وشخصيته العفوية أن تظهر في أعمال مثل «الولادة من الخاصرة» (سامر رضوان ورشا شربتجي وسيف السبيعي) و«غداً نلتقي» (إياد أبو الشامات ورامي حنّا). لكن ما لا تعرفه الغالبية بأنّ تلك مجرّد طريقة بارعة للهرب من التراكمات، فحساسيته المفرطة ستجعله حزيناً منصاعاً لأوجاع الحياة إن لم يحتل عليها بالضحك المتواصل وإبتداع الطرافة أينما حلّ!حالياً، يصوّر الممثل المخضرم مجموعة أعمال من بينها «أثر الفراشة» (تأليف محمود عبد الكريم وإخراج زهير قنوع). يشعر أفراد فريق العمل بسعادة لوجود خبير مثل الصبّاغ معهم. طاقتهم الإيجابية يستمدونها من قدرته على توزيع الفرح بإستمرار. يمثّل هذا العمل حالة خاصة بالنسبة إلى الصباغ، كونه بشراكة صديقته القديمة سمر سامي. في منتجع بحري على شواطئ مدينة طرطوس، إلتقينا الصبّاغ سريعاً كونه كان يستعدّ للمغادرة إلى دمشق. يقول في حديثه مع «الأخبار» بأنه «لم يسبق أن جسدت مجموعة أدوار في موسم واحد، ليس لأن الأمر مرهق جسدياً فحسب، بل لأنني أتماهى مع الشخصية وأذهب مع معاناتها إلى الحد الأقصى وأصدّقها في غالبية الأحيان. عندها، يصعب عليّ الفصل والتخلي عنها لصالح شخصية ثانية! طبعاً يمكنني ذلك ان أردت بالاتكاء على التكنيك، وقد قدمت مرّة بطولتين متناقضتين بين مسلسلي «الثرّيا» لهيثم حقي و«أيّام الغضب» لباسل الخطيب، لكن ذلك يتعبني ويستهلكني نفسياً ولا أميل إلى تكراره. هذا الموسم كنت أمام التزامات أخلاقية مع أكثر من جهة، إضافة إلى إمكانية التنسيق بين مجموعة أعمال، وهو ما جعلني أوافق على تجسيد ثلاثة أدوار في ثلاثة مسلسلات». نبدأ من دورك في «أثر الفراشة»، كأننا ندور في فلك حكاية تشبهك من ناحية رومانسيتها وطريقتها الشفافة في التعاطي الحياتي، ورغبة صنّاع العمل بأن تكون رسالته بمثابة تحية حب للمرأة العاشقة؟ يجيبنا «ينسجم ما قلته مع ما يفكر فيه مخرج المسلسل. أما من ناحيتي، فألعب شخصية طبيب لمّاح يعيش حالة استقرار واحترام عميق مع زوجته وبقيّة أفراد عائلته. ينتبه لوجود رجل كانت تجمعه بزوجته أيّام صباها علاقة حبّ عاصفة، فيفاجئ الجميع بأنه يتفهّم الأمر وينتبه لمعطياته بشكل جيد لكنّه يبقى مستكيناً لإيقاع شريكته وثقته المطلقة بها. هذا على المستوى الخارجي، لكن الأمر يترك في أعماقه وجعاً كبيراً، فيتدخل القدر ليحسم ويحيك النهاية بطريقة منطقية هذه المرّة». أنجز الصبّاغ حوالي ثلثي مشاهده في هذا العمل، ولمس إختلاف شخصيته هنا عما يجسده هذا الموسم في أماكن أخرى تحديداً في ما يقدّمه ضمن المسلسل الشامي «سلاسل الذهب» (تأليف سيف رضا حامد وإخراج إيّاد نحّاس). إذ تدور الكاميرا حالياً في دمشق وينجز الصبّاغ مشاهده برفقة النجم بسّام كوسا، وجيني اسبر، وسحر فوزي. عن هذه الشخصية، يفصح: «رجل فاعل إلى حد كبير ضمن إطار الحكاية، لأنه متزوج من امرأتين واحدة تصغره بسنوات كثيرة وتملك جمالاً كبيراً، والثانية تمثّل له حالة من النكد المتواصل. يتعرّض لأذية كبيرة على المستوى المالي بسبب حالة نصب يقع فريستها، فيبدأ بالبحث عن حلول غير متوقعة ودفاع مستميت عن نفسه ومصالحه وفق حبكة درامية ومعطيات جذابة». في السياق ذاته، سيضطر محدّثنا للسفر إلى أبوظبي وبيروت باستمرار ليلحق دوره في «حرملك» (كتابة سليمان عبد العزيز وإخراج تامر اسحق). إذ سيقدّم شخصية مرتزق ومنتفع ممن حوله يصدم بهروب زوجته من بيته لتبدأ رحلته مع مخيلة تؤرق يومياته.
إلى جانب تلك الأعمال الثلاثة، ربما سيكون نجم «تخت شرقي» (يم مشهدي ورشا شربتجي) حاضراً في عمل لبناني لكنّه لنفس الكاتبة والمخرجة، وبطولة ممثلين سوريين أحدهما الصبّاغ والثاني لممثلة صغيرة تلعب دور حفيدته وسيكون من إنتاج «إيغل فيلمز» وينطلق تصويره في الشهر الأوّل من العام الجديد.