بعيداً عن الصورة الوردية التي يرسمها المتابعون لحياة الممثلين في سوريا بسبب ظاهريتها الموسومة بطقوس الشهرة والنعيم، إلا أن جولة سريعة في كواليس هذه المهنة تكشف الكثير من المآسي التي تسوّر حياة نجوم الصنعة الشامية الأبرز. على الأقل، تنجز بعض النقابات في سوريا مهامها وتبذل جهودها في سبيل الدفاع عن أعضائها، ما عدا نقابة الفنانين التي تمضي وقتها في إصدار قرارات تعسفية من فصل ومنع، وتهديد ووعيد، من دون أن يسمع أحد بأنها انبرت للدفاع عن ممثل تعرّض لحالة نصب واحتيال من أي جهة انتاجية. عدا عن أن غالبية الشركات في سوريا لا تعطي الممثلين نسخة عن عقودهم حتى لا تتعرض لملاحقات قضائية في حال إخلالها ببنود هذا العقد، إضافة إلى تهاوي الأجور بعدما فقدت الليرة السورية عشرة أضعاف قيمتها بسبب الحرب. وسط كلّ ذلك، وجد النجم محمد الأحمد نفسه وحيداً رغم شعبيته وتزاحم المعجبين من حوله، وخصوصية موهبته! لكن كل ذلك لا ينفع بلغة تجّار السوق. إذ لا يقدر الممثل المعروف على تحصيل أجره، ولا يملك نسخة من عقده، ولا تسانده أيّ جهة أو مؤسسة. بعدما لعب بطولة مسلسل ستيني بعنوان «فرصة أخيرة» (عن دراما هندية إخراج فهد ميري إنتاج قبنّض) بقي ما يقارب 70 في المئة من أجره لم يصله منها سوى «الوعود الزائفة» وفق ما يقول لـ «الأخبار». ويضيف: «قررت اللجوء إلى الصحافة والمطالبة العلنية بحقّي المتبقي في ذمة النائب والمنتج محمد قبنّض، فصاحبة الجلالة هي الوحيدة التي يمكن أن تنصفنا وتعوّضنا معنوياً، ولن أوفّر أي وسيلة إعلامية للحديث فيها عما جرى». أما عن التفاصيل، فيقول : «لم يسبق لي أن اضطررت لأخذ نسخة من عقدي لدى العمل مع بقية الشركات. وفي حال كانت معي، فإنني في مثل هذا الظرف سأذهب للقضاء، وحينها ستنام القضية سنوات في المحاكم! في هذا العمل، رأينا العجب، عدا أننا لم نتمكن من أخذ نسخنا من العقود، إلا أنه منذ البداية كان الفنيون يضربون عن العمل، ويحجزون المعدّات حتى يتمكنوا من أخذ أجورهم. شخصياً دفعت مبالغ باهظة ثمن ثياب للشخصية، كما أننا كنا نشتري الماء على حسابنا في موقع التصوير، ووجباتنا كانت ترمى كما هي لرداءتها، ونشتري طعامنا على حسابنا. كلّ ذلك كان سهلاً أمام أن أتفرّغ لعمل واحد في ذاك الموسم، من ثم يبقى حوالي ثلاثة أرباع أجري وأضطّر للبدء بملاحقة الشركة ولا أجد منها سوى وعود واهية حتى الآن! كذلك هي حال المخرج فهد ميري في بقية أجره، والزميلة دارين حمزة... إن كانت الحجة بأن العمل خسر، فهذا كلام مرفوض، لأننا لم نكن يوماً شركاء في الربح لنكون شركاء في الخسارة. كما أن العمل بيع وعرض ولم يخسر». لكن لماذا لم تتوجّهوا كفريق إلى النقابة؟ يضحك نجم «دومينو» وهو يرد: «ذهبنا إلى النقابة، فإذا بالنقيب زهير رمضان يشكو حاله لأنّ للنقابة أموالاً في عهدة هذه الشركة، ولم تتمكّن حتى الآن من تحصيلها رغم أنها حقوق مؤسسة دولة»!من جانبه، ينفي النائب والمنتج محمد قبنَض كل ما سبق في اتصاله معنا ثم يعود ليدعونا على فنجان قهوة في مكتبه لشرح ملابسات القصة! نلبّي الدعوة سريعاً لفهم حيثيات القصة ومحاولة حلّها. يزدحم المكان بعدد كبير من الزوار. لكن اجتماعنا بالرجل على انفراد يجعله يغيّر رأيه عما قاله قبل قليل. يقرّ بالمبالغ المتبقية للأحمد وميري وحمزة كأنه يترك مأخذاً واضحاً يؤكد كلام خصومه. لكّنه يستطرد: «اتفق ابني أيهم وهو المدير التنفيذي للشركة مع محطة «زي ألوان» لتشتري العمل حصرياً، لكن الفريق تأخر في إنجاز المواد وهو ما جعل المحطة تعزف عن الشراء بسبب عدم الالتزام بالمواعيد، إضافة إلى دفعنا شرطاً جزائياً بمبالغ وصلت إلى 300 ألف دولار. وهذا يتحمله فريق المسلسل. كل ما في الأمر أننا طلبنا مهلاً لنترتب أمور الخسائر التي تعرضنا لها بسببهم، وسندفع للجميع حقوقهم لأننا لا نريد أن نأكل حق أحد». نعيد الاتصال بنجم «أحمر» لنطلعه على ما سمعناه، فيؤكد بأنه تم التواصل معه ووافق على مهلة عشرة أيّام يتم دفع مستحقاته بعدها. لكن كما كان متوقعاً انقضت المهلة وبضعة ايّام فوقها وأموال الناس ما زالت في ذمة «الحجي» لكن إلى متى؟ ربما هذا هو السؤال الذي حيّر العلماء ولم يتمكّنوا من الإجابة عليه إطلاقاً!