«خمرة الحبّ» ودّعنا هذا الصباح. بهذه العبارات، أعلن الناشطون على صفحات السوشال ميديا رحيل الفنان صباح فخري (1933 ـــ 2021). يعتبر المطرب السوري من أعلام الموسيقى الأصيلة، ولطالما أجمع النقاد على أن طبقات صوته نادرة. درس صباح الدين أبو قوس الملقّب بصباح فخري تقديراً لفخري البارودي الذي رعى موهبته، في مدينة حلب السورية. ظهرت موهبته في عمر صغير، إنتسب أولاً إلى المعهد الموسيقي في حلب، ثم أكمل دراسته في دمشق، لينطلق منها إلى معظم مسارح العالم. درس الموشّحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود. ومن أساتذته كبار الموسيقيين السوريين أمثال الشيخ علي الدرويش والشيخ عمر البطش ومجدي العقيلي ونديم وإبراهيم الدرويش ومحمد رجب وعزيز غنّام. كان في شبابه موظفاً في أوقاف حلب ومؤذناً في جامع الروضة هناك. تخطّت شهرة فخري حدود الدول العربية، ووصلت إلى أرجاء العالم. دخل موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية بعدما وقف على المسرح عشر ساعات متواصلة. كان ذلك في مدينة كراكاس في فنزويلا، نسي ابن السادسة والستين حينها الزمن، فمزج الليل بالنهار، وراح يتمايل على خشبة المسرح بانتشاء صوفيّ أخّاذ. لم يترك فخري بصمته في الغناء فحسب، بل إنّ بعض الاحداث التاريخية طُبعت بصوته. ففي العام 1973، غنّى خلال حرب تشرين «حيّ على الجهاد»، ما حدا بحكومة العدو الإسرائيلية آنذاك إلى إصدار أمر بحرق ألبوماته في الشوارع وفق مقابلة سابقة معه. وفي إحدى حفلاته في الأردن، قام بطرد إسرائيليين أرادوا حضوره. عن علاقته بالقدود الحلبية والموشحات التي إلتصقت به، أجاب صاحب «قدّك الميّاس» و«قل للمليحة» في إحدى المقابلات معه بأنه «كان أول من عمد إلى تطوير التراث الغنائي الحلبي وإزالة الغبار عنه. لم أتوقف إلى اليوم عن نبش التراث وتطويره»، بحسب تعبيره. شغل فخري، مناصب عدة فانتخب نقيباً للفنانين ونائباً لرئيس «إتحاد الفنانين العرب» ومديراً لـ«مهرجان الأغنية السورية». في هذا السياق، نعت «وزارة الثقافة» السورية الراحل، إلى جانب «نقابة الفنانين». ولفتت وكالة «فرانس برس» نقلاً عن أنس صباح فخري، إلى أن والده توفي وفاة طبيعية، من دون أن يحدد مكان الوفاة وتفاصيل التشييع.