لا يمكن الحديث عن الدراما السورية وسنوات توهجّها من دون التوقّف ملياً عند تجربة السيناريست السوري فؤاد حميرة. الرجل قدّم دراما إشكالية صادمة أوقفت الشارع السوري في «غزلان في غابة الذئاب» (إخراج رشا شربتجي) ليتحولّ العمل لما يشبه النموذج الناجح أو المثال الناصع. لاحقاً قدّم من نفس نوعه مجموعة من الأعمال المحلية، لاقت رواجاً جماهيرياً واسعاً. بعد ذلك، توقّف صاحب «الحصرم الشامي» عن الكتابة نهائياً مع اندلاع الأزمة في سوريا. وكان آخر ما أنجزه مسلسل «حياة مالحة» الذي اشترته شركة «كلاكيت» من شركة «بانة» بقصد إنتاجه بكاميرا رشا شربتجي. لكن العمل لم ير النور رغم البدء في تصويره مرّات عديدة من دون أن يتاح له الاستمرار، ونام في أدراج «كلاكيت». خلال العقد الماضي، لم ينجز حميرة سوى مسلسل هزيل خاص باليوتويب اسمه «نساء ورئيس» هوى إلى مطارح منحدرة، وفقد الحد الأدنى من مقومات المادة الفنية، وخلط الفن بالسياسة بمباشرة تفوّق فيها على أسلوبية المسرح التجاري في أسوأ عروضه. ثم باءت محاولة الافادة منه في مسلسل «الهيبة» بالفشل بعدما استقدمته شركة «الصباح» ومن ثم عادت لتستغني عنه لاحقاً. هذا الموسم عاد فؤاد حميرة إلى الواجهة ليس من خلال نص جديد كتبه، بل مدّعياً بأن مسلسل «كسر عضم» (كتابة علي صالح وإخراج رشا شربتجي) عبارة عن افادة صريحة من مسلسله «حياة مالحة» من دون أي دليل سوى سلسلة من الشتائم والاتهامات بحق المخرجة رشا شربتجي. ثم نشر نص رسالة من المخرج سيف الدين السبيعي يؤكد له فيها بأنه استغرق وقتاً طويلاً حتى ظهر وتكلّم على السوشال ميديا، وبأن النص طرح عليه سابقاً، لكنه رفض لأنه لا يحمل اسم كاتبه الأصلي، علماً بأن سبيعي يقدّم عملاً منافساً يتراجع بشكل واضح مقارنة بالجماهيرية وردود الأفعال التي يحققها «كسر عضم». لاحقاً، نشر ورقة A4 يقول بأنّها مسربة من نص «كسر عضم» تظهر اختلافاً في اسم الشخصية الرئيسية بين حقل السيناريو وحقل الحوار، بمعنى أن الكاتب غفل عن تغيير اسم الشخصية في حقل الحوار وتركه مثلما كان في النص الأصلي الذي يملكه حميرة، ويؤكد بأن الإفادة من مسلسله كانت تحديداً في تقديم شخصية المسؤول الفاسد الذي يكتشف إصابته بالإيدز، وهو ما نشاهده في المسلسل الجديد! لكن اللافت بأن مجريات «كسر عضم» تتصدى للحياة السورية الراهنة بعد اندلاع الحرب، وتصور أحداثاً مرتبطة بالحواجز وسيطرة مافيات الحرب على الطرق والمنافذ البرية مع لبنان وحالات التهريب التي فاحت رائحتها مع اشتعال نيران المعارك من كلّ حدب وصوب، فيما كتب «حياة مالحة» قبل عام 2011، إذ لم تكن تلك المعطيات قد ظهرت على أرض الواقع بعد.في دردشة عابرة للمخرج رشا شربتجي معنا، تلفت إلى أنها تلتزم قرار شركة الإنتاج تأجيل الرد على كلّ ذلك ليوم الأربعاء المقبا، بخاصة أنها تنشغل بعمليات التصوير التي تستمر حتى نهاية شهر رمضان فيما تؤكد وقوفها ودفاعها عن كاتبها لآخر نفس على حدّ تعبيرها، وتوضح بأنها ستتبنى نصّه القادم وستحاول تسويقه لشركة إنتاج كبيرة!
من جانبها، تشرح رانيا الجبّان أستاذة المعهد العالي للفنون المسرحية ومديرة معهد «دراما رود» بأن الكاتب علي صالح التحق بورشة كتابة السيناريو في معهدها وبأنها كانت أوّل من تلقّف موهبته ولعبت دور صلة وصل بينه وبين شربتجي. كما أنها عالجت الحلقات العشر الأوّلى من عمله والرسائل الإلكترونية وإرسال الحلقات في تواريخ محددة ومن بريده الإلكتروني سيكون أكبر دليل على كذب كل الادعاءات التي تحصل في هذا الوقت!
من ناحيته، استغل الكاتب خلدون قتلان هذه المعمعة ليشّن هجوماً من خلال صفحته الشخصية على شركة «كلاكيت» يبدو واضحاً منه الرغبة في تصفية الحسابات بعد خلاف قديم مع شركة الإنتاج السورية.
حتى الحلقة السادسة عشر، لا يهدأ المسلسل ولا يتوّقف عن إثارة الجدل ما يجعلّه متصدراً المشهد ومصبّ اهتمام كثيرين. ولعلّ آخر ما حرر اعتراض مجموعة من المحامين على الصورة التي ظهر فيها أحد المحامين المتحايلين على القانون والحاكمين بأمر المال، فيما درجت نكتة على الفايسبوك تتندّر على محاولة ركوب موجة العمل الجماهيري، بادعاء كثيرين أنهم كتّاب النص، أو اعتذروا عن دور البطولة فيه!