تختتم ليل اليوم، الدورة الخامسة عشر لمهرجان «قافلة بين سينمائيات» الذي انطلق في طرابلس (شمال لبنان) أوّل من أمس الأربعاء. بعد تأجيل لثلاث سنوات بسبب الأحداث الأمنية والاقتصادية وجائحة كورونا، التأمت العروض في أكثر المدن اللبنانية التي أنهكتها الأزمات السابقة والحالية. بعد «جامعة القديس يوسف» في بيروت عام 2010 و«مركز معروف سعد الثقافي» في صيدا عام 2018، اختارت منظمات المهرجان باحة «البيت اللبناني» في «معرض رشيد كرامي الدولي» في «عاصمة الشمال» لتقديم ثلاثة أفلام على مدار ثلاث ليالي. تقرّ مؤسّسة ومديرة المهرجان، المخرجة المصرية أمل رمسيس، بأنّها المرة الأولى في تاريخ الحدث التي تقتصر فيها العروض على ثلاثة أفلام فقط. «جازفنا باختيار لبنان بسبب انقطاع الكهرباء وكلفة تشغيل المولدات الخاصة. لكننا أصرّينا على المجيء و إن بحضور مختصر، لكي لا نغيب أكثر»، تقول في حديثها لـ «الأخبار». أما عن اختيار طرابلس كمكان للعرض، فقد نسبته رمسيس إلى «شريكتَي المهرجان في لبنان جوسلين أبي جبرائيل وفرح ف. النابلسي اللتين وجدتا في الفيحاء مدينة قابلة للحياة والثقافة لكنها مهشمة من قبل كثير من منظمي الفعاليات الثقافية في المناطق». وفي هذا السياق، يشكل المعرض الدولي «صورة عن المدينة المهمة، لكن المهملة والمظلومة». إلا أن المعيار الأبرز في اختيار طرابلس هو «الترويج لقدرات النساء على الإبداع والتغيير من خلال تنظيم مهرجان خاص بعرض أفلام لمخرجات حصراً». ليس في طرابلس أو في العالم العربي فقط، بل «لم يكن سهلاً على الجمهور حتى في أميركا اللاتينية وإسبانيا وألمانيا حيث نظمت دورات سابقة، تقبّل مهرجان سينمائي صنعته نساء، أصبحن فاعلات وليس مفعول بهن كما قدّمتهن السينما»، تقول رمسيس. أما التحدي الثاني الذي تسعى القافلة تخطيه، فهو «الصورة النمطية المتبادلة بين الشرق والغرب. لسنا وحدنا من نملك انطباعاً مسبقاً عن النساء في مجتمعات الغرب. هم أيضاً كانوا بغالبيتهم يرون المرأة العربية ككائن مقموع». وبهدف تغيير الانطباع «نختار أفلاماً تعكس عمق وغنى المجتمعات».
عرض الافتتاح ليل أوّل من أمس كان للفيلم الفلسطيني «أخوات السرعة» لعنبر فارس. وفيه، تسلّط المخرجة اللبنانية ــ الكندية الضوء على أوّل فريق نسائي لسباق السيارات في الضفة الغربية، مصوّرةً حيوات المتسابقات داخل مضمار السباق وخارجه، مشرّحةً موضوع الجندر، والسباق كوسيلة للتصدّي لقيود الاحتلال والمجتمع على حدّ سواء. أما العرض الثاني الذي نُظّم أمس الخميس، فقد كان الفيلم المغربي «على الحافة» لليلى الكيلاني الذي يروي قصة أربع شابات يعملن خلال النهار للبقاء على قيد الحياة والعيش أثناء الليل. هنّ عاملات منقسمات إلى فئتين: عاملات النسيج وعاملات القريدس. الانتقال هو هاجسهن. بإيقاعٍ متهوّرٍ يعبرنَ المدينة منذ الفجر إلى الليل. الزمان والمكان والنوم أمورٌ نادرة. وعلى هذا المنوال، يظهر أمام المشاهد الاندفاع المجنون لكلٍّ من «بادية»، «إيمان»، «أسماء» و«نوال».
أما فيلم الختام الليلة، فهو الوثائقي الكوري الجنوبي «أن أصبح من كنتُ في الماضي» للمخرجة جين جيون الذي يسرد قصة طفل بوذي يبحث عن حياته السابقة في التيبت برفقة معلّمه المسنّ.

*عرض فيلم «أن أصبح من كنتُ في الماضي»: اليوم الجمعة ــ الساعة الثامنة والنصف مساءً ــ باحة «البيت اللبناني» في «معرض رشيد كرامي الدولي» (طرابلس ــ شمال لبنان). الدخول مجاني.