يسلّط المخرج الأميركي ستيفن سبيلبرغ (75 عاماً) الكاميرا على طفولته الخاصة التي تأرجحت بين خلافات والديه وتعرّضه للتنمّر المعادي للسامية، في فيلم «ذا فايبلمانز» (151 د) الذي أقيم عرضه الأول خلال الدورة السابعة والأربعين من «مهرجان تورونتو السينمائي الدولي».يستند الشريط إلى طفولة سبيلبرغ في ولاية أريزونا وعبوره إلى سن الرشد، ويغوص في أسرار عائلة رجل شاب يهوى السينما. وتولى أدوار البطولة في الفيلم الممثلان بول دانو وسيث روغن وزميلتهما ميشيل وليامز.
وأوضح سبيلبرغ أمام جمهور متحمس خلال العرض الذي أقيم ضمن أكبر ملتقى للفن السابع في أميركا الشمالية، أنه أراد منذ مدة طويلة أن يصور فيلماً شخصياً جداً، لكنّ «الخوف» الذي أثارته جائحة كورونا كان في نهاية المطاف الحافز للإقدام على هذه الخطوة.
وقال سبيلبرغ بعد العرض: «لا أظن أن أيّ شخص كان يعرف في آذار/ مارس أو نيسان/ أبريل 2020 ما سيكون مصير الفن والحياة ولو بعد سنة واحدة»، مضيفاً: «كل ما في الأمر أنني فكرت بما أحتاج فعلاً لتوضيحه أو البوح به عن أمي وأبي وشقيقاتي إذا كنت سأترك شيئاً ورائي... لم أكن أمام معادلة الآن أو أبداً ولكن أمام خيار يشبهها تقريباً».
وتبدو أوجه الشبه واضحة بين حياة سبيلبرغ الفعلية وتلك التي عاشها مع عائلة «سامي فايبلمان»، وهو الشخصية الرئيسية في هذا الفيلم القريب من السيرة الذاتية.
تماماً مثل سبيلبرغ، انتقلت عائلة فايبلمان من نيوجيرزي إلى أريزونا واستقرت في كاليفورنيا، حيث عشق «سامي» السينما، وعمل على إتقان هوايته بمساعدة أصدقائه مبتكراً تقنيات خاصة بالكاميرا.
واسترجع سبيلبرغ شريط ذكرياته، قائلاً: «كنت أستخدم الغراء واللعاب لمحاولة التوصل إلى تثبيت الأشياء بعضها مع بعض». علماً بأنّ الشريط يستعيد أفلاماً عدة صورها عندما كان مراهقاً.
وشرح المخرج المخضرم أنه فعل في هذا الفيلم «كل العمل الذي يحصل في الكواليس، بشكل أفضل بكثير مما فعل في الأفلام بصيغة 8 ملم» التي صورها.
لا يخفي الفيلم مشكلات سامي في المنزل، كتلك التي واجهتها علاقة والديه اللذين يجسد دوريهما كلّ من ميشيل وليامز وبول دانو، مع أن السينما شكّلت للشاب الشغوف بالكاميرا مصدر راحة وهروب من الواقع.
كذلك، يُظهر سبيلبرغ في فيلمه ما كان يتعرض له من تنمّر معادٍ للسامية من تلميذين زاملاه في مدرسته الثانوية في كاليفورنيا. وأوضح سبيلبرغ بأنه شاء أن يتناول في عمله هذه الحوادث الحقيقية ولكن من دون إبرازها في الواجهة، واصفاً التنمّر بأنّه «مجرد جانب صغير» من حياته، نافياً ما تردّد في تقارير صحافية حول أنّ هذا الفيلم هو الأخير له.
وأكد سبيلبرغ أنّ «ذا فايبلمانز» لا يعود إلى كونه قرر «التقاعد»، مؤكداً: «لا تصدقوا كل هذا الكلام». كما لفت قبل العرض إلى أنّ العمل هو الأوّل له الذي يشارك في مهرجان سينمائي، ما يشكّل إنجازاً للحدث الكندي.
ودرجَ «مهرجان تورنتو السينمائي الدولي» على استقطاب حشود من هواة السينما لحضور أبرز العروض الأولى، لكنّ التأثير السلبي لجائحة كوفيد-19 كان كبيراً عليه، وهو يعوّل تالياً على هذه الدورة لاستعادة هالته الكاملة.
ويُتوقّع أن يشهد المهرجان الذي بدأ الخميس الماضي ويُختَتَم في 18 أيلول (سبتمبر) الحالي حضور عدد من النجوم على سجادته الحمراء.
ومن بين هؤلاء الممثلة جنيفر لورانس التي جذب فيلمها «كوزواي» هواة السينما أوّل من أمس السبت، ويتمحور حول محاربة سابقة تحاول الانخراط مجدداً في الحياة المدنية في نيو أورلينز.
وفي البرنامج أيضاً عرض لفيلم التشويق «غلاس أونيون: إيه نايفز آوت ميستري» للمخرج رايان جونسون من إنتاج «نتفليكس» وبطولة دانيال كريغ مجدداً دور المحقق الخاص، وإلى جانبه مجموعة من الممثلين البارزين، كإدوارد نورتون وإيثان هوك وجادا بينكيت سميث.
ولا يمنح المهرجان الكندي جوائز على غرار السعفة الذهبية في «مهرجان كان» أو الدب الذهبي في «مهرجان برلين»، بل يكتفي بمنح جائزة الجمهور، وغالباً ما يوفر لمحة عن الترجيحات لجوائز هوليوود في فصل الشتاء.