مسلسل «أنيميشن» من تأليف وكتابة، وتمثيل صوتي، ورسم شخصيَّات، وتحريك، وهندسة صوت، ومونتاج، وأزياء وستايلست، وإدارة انتاج، وإخراج محمد علي فوعاني!هذا ما تقوله شارة البداية لـ «زعاميط». وهذا ليس انقلاباً على دستور «اللعب الجماعي» ولا «ريمونتادا حنين» لزمن الـ One man show الجميل (وإن كان فوعاني يصرّ على أن اليد الواحدة تصفق أحياناً، فليس شرطاً أن تصحّ الأمثال على الدوام) بل هي محاولة لتحدّي الظروف، أو ربّما للتعايش معها، وفي الحالتين هي دعوة للشباب الموهوبين في مختلف المجالات الفنيَّة إلى التوقف عن إضاعة العمر في انتظار فرص استثنائيَّة بشروط مثاليَّة قد لا تأتي أبداً.
بعد «مش غلط» (ستاند آب سياسي) و«كول وشكور» (مسلسل «أنيميشن» رمضاني أبطاله أدوات المطبخ) يطل فوعاني على متابعيه ببرنامجه الثالث «زعاميط» عبر صفحات «مش غلط» التي باتت عنواناً ثابتاً لمشروعه المتنوّع، والبرنامج الجديد عبارة عن حلقات «أنيميشن» منفصلة وقصيرة، أبطالها بشر وحشرات وأشياء وأشباح وكل ما يقع تحت يد الفوعاني ويجده صالحاً للاستخدام في سياق إيصال رسائله الساخرة. تقول هذه الشخصيات الكثير بكلمات قليلة وفي إطار كوميدي لطيف نجح صانعها في إبقائه بعيداً من المطّ والتطويل والخطابة والتنظير.
وبالإضافة إلى تقديم كوميديا حقيقيَّة «خفيفة دم» ومتحرّرة من الثقل والافتعال الذي يطبع الكثير من التجارب الجديدة، فإن «زعاميط» تمتاز أيضاً بتنوّع مواضيعها، فرغم حداثة البرنامج الذي لم يصل بعد إلى حلقته التاسعة، صوَّب فوعاني حتى الآن وبأوجز وأظرف طريقة ممكنة على: الإعلام الفضائحي، تداعيات الأزمة الإقتصادية، الاقتصاد الريعي، «فجور» بعض التجار، المنطق المتهافت لأصحاب المصارف، وصولاً إلى سرّ اختفاء الجوارب أثناء الغسيل.
أما لماذا «زعاميط»؟ فيذكّر فوعاني بالمعنى المتداول للكلمة وهو الكائنات ذات الأجسام الصغيرة، ويخبرنا أنَّه مع اضطراره لإنجاز العمل بمفرده بما فيه الجزء الأصعب وهو رسم وتحريك الشخصيات كان لا بدّ له من تلخيص عجلة الانتاج بطريقةٍ ما لتوفير الوقت، وكانت الطريقة هي تبسيط الشخصيات بالحدّ الممكن لتخرج بهذه الأحجام الصغيرة، ويرى أنَّ شخصيَّاته لو قدّر لها الانتقال إلى عالم الواقع فلن يزيد حجم الواحد منها عن حجم شخصيَّة هانس كريستيان أندرسن الشهيرة «عقلة الإصبع».
يأمل فوعاني في ختام حديثه معنا أن تستمرّ تجربته الكوميديَّة رغم ضغوطات الحياة، وأن يستطيع تطوير مشروعه ليصبح عبارة عن منصّة منفردة وعجلة انتاج تضمّ إليه كتّاب ورسّامين و«أنيميتورز» من المبدعين الذين يشاركونه الإيمان بقيَم المقاومة ورفض الهيمنة والتبعيّة والفساد، ويحلم أن يتمكن يوماً من انتاج أفلام «أنيميشن» لشخصيَّاته الصغيرة التي تستحقّ حتماً مساحة أكبر.

رابط حلقة من حلقات زعاميط:
https://youtu.be/mO-woHrvz6E