انتقل زاف (جوزيف عبّود) في غضون سنوات من الغناء في شوارع جبيل إلى فنان تحقّق أغنياته المصوّرة ملايين المشاهدات بفضل اجتهاده ونجاحه في استقطاب الجماهير الشابة إلى موسيقاه. قبل مدّة قصيرة، أطلق ألبوم «أوّل كلمة» الذي جمع خمس أغنيات أرادها أن تكون مترابطة وملخّصاً وتعريفاً عنه وعن حياته. لا يأتي زاف من عائلة موسيقية، إلّا أنّه ترعرع في أجواء فنية منذ الطفولة، وخصوصاً أنّ المطرب السوري صباح فخري كان أحد أقرب أصدقاء جدّه وغالباً ما كان يزور منزل العائلة، كما يقول في حديث معنا. أما دخوله المجال الموسيقي، فحصل منذ اللحظة التي أمسك فيها آلة الغيتار وبدأ العزف في شوارع جبيل: «ساعدني الأمر في التطوّر وتعرّفت إلى أشخاص منوّعين، وخصوصاً أنّ وسائل التواصل الاجتماعي لم تكن متطورة آنذاك في مطلع عام 2011. كان التفاعل مباشراً. ولأنّني أحب كثيراً طرح الأسئلة، صرت أبحث مع كثير من الأصدقاء الذين يعملون في مجال الموسيقى، وأصبحت لديّ معرفة كبيرة في النظريات الموسيقية وصناعة الموسيقى عموماً. فالعمل في هذا المجال يشمل أيضاً التسويق والإخراج والتلحين».


يميل زاف إلى الغناء بلغة بسيطة تعبّر عنه وعن مسائل شخصية تتعلّق بحياته العاطفية وعلاقات من حوله: «من الطبيعي بالنسبة إلى الفنان الذي يؤدي أغنياته الخاصة ولا يشتري الكلام أو اللحن، أن تكون لأعماله صلة بحياته الشخصية وليس فقط بعلاقاته. فهو يستوحي من أهله وأصدقائه. أحاول أن أكتب عن هذه العلاقات التي قد تتقاطع أحياناً وتختلف أحياناً أخرى. أبحث عن صلة الوصل بينها وأكتب عنها بطريقة جديدة وباللغة التي نستخدمها في يومياتنا ولا تحتاج إلى قاموس لفهم كلماتها». ويتابع: «الكلام واضح وبسيط لكنه يحمل أفكاراً عميقة». سبق لزاف أن تعاون مع موزّعين موسيقيين، لكنّه في ألبومه الجديد تفرّد بتلحينه وتوزيعه كاملاً. تضمّ الأسطوانة المصغّرة خمس أغنيات. «في عصرنا، يبتعد الفنان عن الألبوم. فالحياة أصبحت أسرع وبكبسة واحدة يمكن للناس الانتقال من أغنية إلى أخرى. لكنّني قرّرت أن أنجز «أوّل كلمة» رغبةً منّي في إيصال رسالة إلى الناس بفكرة واحدة. هذه الأغنيات مجموعة لسبب محدد، فعندما يستمع إليها المرء يفهم من هو زاف وما الفكرة التي يريد إيصالها. ألّفت عشرين أغنية إلا أنّني اخترت منها خمساً فقط، على أن أحتفظ بجزء مما تبقى لوقت لاحق وأصدر جزءاً آخر على شكل أغنيات منفردة»، يقول قبل أن يضيف: «أحببت أن تكون هذه المجموعة متسلسلة لأوصلها كما أرغب إلى الناس تماماً كما يدلّ أغنية «أوّل كلمة»».
العام الماضي، حقّقت أغنية «البِكْلة» أكثر من 12 مليون مشاهدة على يوتيوب، وهو ما لم يكن في حسابات زاف لدى إطلاقها بالاشتراك مع خطيبته (حبيبته آنذاك) الممثلة اللبنانية ستيفاني عطالله. بدورها، احتلت «أوّل كلمة» المراتب الأولى لدى صدورها، وهو ما «يفرحني لأنّ الوقت والمجهود اللذين خصصتهما لهذا العمل كبيرَان... وعندما ألمس نتيجة مماثلة، أتشجع لإكمال المشوار لأن الفنان يمرّ بتقلبات كثيرة، وقد يصل إلى طريق مسدود... هناك أيضاً مصادر إلهام قوية مثل الحب الذي هو الدافع الأساسي لكل شيء في الحياة. برأيي، علينا الإفادة من كل لحظة على هذا الكوكب للتعبير عن مشاعرنا للأشخاص الذين نحبّهم. هذا هو الدافع الأساسي للاستمرار».
حقّقت «البِكْلة» أكثر من 12 مليون مشاهدة على يوتيوب


لا يحبّ زاف التحدّث عن نمط محدد عندما يعرّف بموسيقاه، ويشرح: «الأنماط الموسيقية تختلف مع الزمن. وما يسمّونه اليوم موسيقى «بديلة» قد يصبح بعد خمس سنوات موسيقى بوب. الموسيقى التي أصنعها نابعة من قلبي وإحساسي أنجزها من دون جهد. قد يستوحي أشخاص آخرون منها لاحقاً وقد تتطور وتصبح شعبية».
يتحضّر زاف حالياً لجولة حفلات في لبنان وخارجه، تشمل سوريا والأردن والسعودية والإمارات وقبرص وتركيا ومصر وغيرها. كل مرحلة في حياته المهنية، تتطلب التركيز على جانب معيّن من عملية إنجاز الموسيقى. أما اليوم وقد انتهى من العمل على ألبومه الأوّل، فهو يصبّ اهتمامه على الإعداد لهذه الجولة والأداء المباشر أمام الجمهور: «أعمل بجهد كبير على هذه الجولة التي ستجري بين كانون الأوّل (ديسمبر) وكانون الثاني (يناير) المقبلين». ويختم حديثه معنا مؤكدّاً أنّ أحد أسباب حماسته لإصدار ألبوم هو تعريف الناس «عليّ وعلى الموسيقى التي أنجزها ضمن مجموعة واحدة، ولأتمكّن من أن أؤديها في الحفلات. ولو اكتفيت بإصدار أغنية منفردة كل ستة أشهر، فكنت سأنتظر لسنوات قبل تقديم حفلة مباشرة».