بدون دعاية مكثفة، ورغم انطلاق التصوير قبل رمضان بأقل من 30 يوماً، نجح مسلسل «بدون سابق إنذار» في جذب انتباه الجمهور بعد انطلاق حلقاته في النصف الثاني من شهر الصوم ليكون في مقدمة الأعمال التي تستحوذ على اهتمام جمهور المحروسة في الجولة الثانية من سباق مسلسلات الـ 15 حلقة . مع عرض نهايات العديد من مسلسلات الـ 15 حلقة التي انطلقت مع بداية شهر الصوم، تكاثرت الأسئلة حول المسلسلات القادرة على المنافسة في النصف الثاني من شهر رمضان، وكأننا أمام سباق من مرحلتين، على أن يصل إلى النهائي الأفضل في كل مرحلة. وفيما تفوقت في النصف الأول من رمضان مسلسلات مثل «أشغال شقة»، و«صلة رحم»، و«مسار إجباري»، و«أعلى نسبة مشاهدة»، نجح مسلسل «بدون سابق إنذار» بعد حلقتين على الأقل في تأكيد وجوده واستعداده للصدارة في سباق النصف الثاني. لكن اللافت أنّ المسلسل (كتابة ورشة تأليف، إخراج هاني خليفة) نجح في ذلك رغم أنه لم يحظ بحملة دعاية كبيرة، خصوصاً عبر السوشال ميديا. كما أنّ الكاميرا دارت قبل أقل من 30 يوماً على بداية شهر الصوم، ولهذا كان منطقياً تأجيل عروضه حتى 16 رمضان. ورغم استمرار التصوير لكن كعادته نجح المخرج هاني خليفة في تقديم محتوى جذاب ومتماسك فنياً منطلقاً من قصة جديدة إلى حد كبير على المشاهد المصري في خطوطها الدرامية المتداخلة، وإن كانت «العقدة الدرامية» قد تكررت هذا الموسم في مسلسل آخر هو «العتاولة» (كتابة هشام هلال، إخراج أحمد خالد موسى).
ينطلق «بدون سابق إنذار» من وصول الزوجين مروان وليلى إلى طريق مسدود وبداية التفكير في انفصال حقيقي يعيقه سقوط ابنهما الوحيد عمر مريضاً بأحد أنواع سرطان الدم، وحاجته إلى عملية زرع نخاع من شخص قريب منه، وتتوالى المفاجأت فيتضح أنّ البصمة الوراثية لعمر مختلفة عن أفراد عائلته، لتبدأ رحلة البحث وراء نسب الطفل. ويشكّ مروان في زوجته التي سرعان ما تبرّئ نفسها بكونها هي أيضاً ليست أم الطفل، وتبدأ رحلة مشوقة للغاية للبحث عن سرّ تبديل الطفل وعند من يتواجد الآن ابنهما الحقيقي، واعتمد فريق الكتابة على كون مفارقات رحلة العثور على الطفل الضائع منطقية لارتباطها بالبيروقراطية المصرية التي لا تحتاج لأحداث مبالغ فيها أو نقلات درامية غير مقنعة، لكن على مستوى المشاعر الإنسانية، نجح الممثلون وبالأخص بطل الحلقات آسر ياسين في التعبير عن حجم الاضطراب الداخلي الذي يمر به، من خلال التجاوب مع الخطوط المتقاطعة، فهو من ناحية يعاني أزمة مع زوجته، وفي ناحية أخرى حزين لأن ابنه يصارع مرضاً خبيثاً، وفي ناحية ثالثة هي الأصعب يبحث عن ابنه الأصلي وفي الوقت نفسه عن أهل ابنه المريض علّهم ينقذوه من المصير المحتوم بعملية نقل نخاع تتوقف على تطابق البصمة الوراثية.
كل ما سبق يقدمه المخرج هاني خليفة من خلال إيقاع مشدود وحوار قصير ومؤثر مع الاهتمام بالخطوط الموازية لأزمة مروان وليلى، حيث شقيق مروان يعاني أيضاً مع زوجته على صعيد آخر، والأهل في الإسماعيلية – مسقط رأس الطفل- يشكلون غرفة عمليات للوصول إلى سرّ ما حدث وقت الولادة، إلى جانب إظهار ضراوة سوق العمل الذي لا يمهل الأبوين الوقت الكافي لرعاية طفلهما المريض.
يشكّل المسلسل إضافة بارزة لمشوار النجم الوسيم آسر ياسين مع الدراما التلفزيونية، ويؤكد على قدرة المخرج الحصول على أداء مختلف من كل الممثلين، حيث ظهروا جميعاً بأداء جيد خصوصا عائشة بن أحمد في شخصية ليلى والشقيق وزوجته أحمد خالد صالح وجهاد حسام الدين، وصديقة ليلى التي جسدتها نور شيشيع بجانب الطفل سليم يوسف المصاب بالسرطان الذي حظى باهتمام كبير عبر منصات التواصل الإجتماعي بسبب أدائه المؤثر رغم أنها أول تجربة تمثيل حقيقية له بعد العمل في الإعلانات.
----
«بدون سابق إنذار»: س:19:15 على dmc بتوقيت بيروت ومنصة «واتش إيت»