في حضرة وداع الصبوحة، ليس أمام وسائل الإعلام اللبنانية إلاّ «حُسنَ الأداء». كيف لا و«بنت الضيعة» ماتت، كما عاشت، جميلة متألقة. لا بدّ من أن تكون تغطية مراسم الوداع لائقةً برقيّ الوصية وصاحبتها.وبالفعل، رافقت الشاشات اللبنانية صباح في مشوارها الأخير، من بيروت إلى «الضيعة»، بنقل جادّ و«مسؤول». لربما الإجماع اللبناني على حبها أثمر تنافساً بين المحطات على «إبرازه» بأبهى حلّة.

احتلت صباح، صاحبة «وصية الفرح»، أمس، الشاشات جميعها. انفردت كلّ منها على حدة بنقل وقائع «الزّفة»، على طريقتها. الجنازة التي اتخذت من الصباح الباكر وحتى الليل مسرحاً صاخباً لها، تحولت إلى عرس راقص منفذاً للوصية، وممزوج بدموع الحزن.
نقلت المحطات اللبنانية مشهداً منصفاً للجنازة، مشهد لم يغب عنه أحد: فنانون، سياسيون، أحباء وأقارب، والأهم. جمهور وفيّ بكى بصدق عليها.
أوفت الشاشات صباح أقل حقوقها؛ الوداع اللائق. فالـ LBCI مثلاً، جعلت من استديوهاتها مقراً لاستضافة شخصيات فنية وإعلامية بارزة، كالمخرج سيمون أسمر مثلاً، وتحدثت كل منها عن صباح، الفنانة والإنسانة. ذلك فضلاً عن عرض أجزاء ومقتطفات من مسرحيات وأفلام وأغاني الأسطورة.
بدورها، آثرت قناة «الجديد» الصمت في حرم «الجميلة الراحلة». اكتفت المحطة بنقل مباشر لمراسم الجنازة، يرافقها أغاني الصبوحة طوال الوقت. تغطية الجديد التي حملت عنوان «في وداع صباح» غاب عنها تعليق مباشر من الاستديو، بحيث شُرع الهواء للصوت الراحل عنا، بالإضافة إلى مداخلات للمراسلة نوال بري مباشرة من الجنازة.
كذلك كان للـ mtv وجودها في يوم الوداع ذاك. فنقلت مراسم التشييع من لحظاتها الأولى، بحيث تخلل النقل شهادات حية لمقربين من صباح، فضلاً عن كلمة رثاء خاصة وجهها الرئيس السابق للجمهورية اللبنانية ميشال سليمان عبر المحطة. كما كان للإعلامية ريما نجيم كلمات وداع من داخل حرم "كنيسة مار جرجس" نقلتها الـ mtv مباشرة.
«الحب» بدا أيضاً من خلال تغطية تلفزيون لبنان وقناة الـ otv. صباح شحرورة الجميع، كان ذلك واضحاً. المحطتان نقلتا الوقائع طوال يوم أمس بتعليق ومداخلات هاتفية من المراسلين وأحباء الشحرورة. أدت القناتان قسطهما لـ«حب الشحرورة» على قدر المستطاع.
على هامش هذا المشهد المترابط الذي لم يغب عنه أحد، وقع تلاسن وإشتباك سرعان ما استُدرك، بين الإعلاميين المتواجدين في محيط كنيسة مار جرجس والأمنيين المولجين تأمين مداخل الكنسية. فقد منع الناس والصحافيون من عبور بوابة كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت بسبب «احتكار» الـ mtv للبث من المكان. الامر الذي أدى إلى إصرار عددٍ منهم على الدخول لأن «صباح لكلّ لبنان»، كما قالوا.
وفي معلومات لـ«الأخبار»، تبين أنه بناءً على اتفاق مسبق بين القنوات، تم «تحاصص» نقاط النقل المباشر انطلاقاً من الفندق وحتى النقطة الأخيرة للجثمان في بدادون. فقد «مُنح حق النقل المباشر»، بالتوافق، لكل قناة في منطقة معينة. فكان للـ mtv نقطة الكنيسة، بينما حازت "الجديد" منطقة وادي شحرور وحارة الفغالية، فيما كان لتلفزيون لبنان حق نقل وصول الجنازة وتجولها في بدادون. الأمر الذي ربما لم يبلَغ به المراسلون، إلا أنه وُضح في ما بعد واستعاد الوداع «فرحه الحزين».