strong>رشا أبو زكيخطة النقل العام التي طال انتظارها متوقفة على موضوع واحد، وهو ظل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة الذي لا يزال يتحكّم في قرار مناقشة هذه الخطة في مجلس الوزراء، انطلاقاً من رفضه تفعيل مصلحة النقل المشترك، وإصراره على خصخصة القطاع! واحدة من خلاصات عدّة في هذا الحديث من وزير الأشغال العامّة والنقل غازي العريضي

ما هو مصير مشروع قانون النقل العام الموجود منذ سنتين في مجلس الوزراء؟

إن خطة النقل العام تعدّ نموذجية، فهي شاملة، وأُعدَّت بشراكة تامة بين الوزارات المعنية والنقابات المعنية المختلفة في توجهاتها السياسية وآرائها وحساباتها، والقطاع الخاص، ورغم ذلك أرسلت هذه الخطة إلى رؤساء الكتل النيابية والإعلام لكي تناقش، ولم تردني ملاحظات على الخطة إلا من الوزير السابق الياس سكاف. على أي حال، أرسلت الخطة إلى الحكومة السابقة برئاسة فؤاد السنيورة، ولكن الخطة لم تدرج على طاولة مجلس الوزراء، والسبب كان واضحاً، وهو الخلاف على مصلحة النقل المشترك التي نصرف عليها منذ سنوات الأموال ولكنها لا تعمل بسبب العناد في أنهم لا يريدون المصلحة ويريدون خصخصة القطاع، ولكن هذا رأي وهناك رأي آخر. انتهى عمر الحكومة السابقة ولم تناقش، وجددت إرسال النص إلى الحكومة الجديدة مع بدايتها، وللأسف لم تناقش حتى الآن، فقد حصل إضراب للسائقين في نيسان الماضي، وصدر بيان رسمي عن مجلس الوزراء في 21 نيسان يقضي بتفعيل النقل المشترك وعقد جلسة لمناقشة الخطة، وحتى الآن لم يحدث ذلك.

من الذي يحرّض ويعطّل إقرار هذه الخطة؟

في الحكومة السابقة كان لدي مشاكل مع رئيس الحكومة فؤاد السنيورة لها علاقة بالوزارة وغيرها، وللأسف بعض من يتعاطى السياسة يخلط بين الأمور ويصفّي حسابات، إذ هناك ضغوط باتجاه عدم بتّ الخطة، بسبب العناد في رفض تفعيل المصلحة ورفض تنفيذ قرار مجلس الوزراء في عام 2004 في عهد الرئيس رفيق الحريري، وهو يقضي بشراء 250
أوتوبيساً. وقد تبيّن كذلك أن هناك تحريضاً للقطاع الخاص لمواجهة الخطة تحت عنوان أن الوزير لا يريد القطاع الخاص. ومن المعلوم أن القطاع الخاص هو المهيمن حالياً على النقل بسبب ضعف مصلحة النقل المشترك، وقد استدعيت رموز هذا القطاع وأطلعتهم على الخطة، وقلت لهم إن من يحرّضهم افتعل «حولاً» سياسياً.

ولكنّ السنيورة ترك رئاسة الحكومة، لماذا تعليق مناقشة الخطة لا يزال قائماً؟

لأن ظل السنيورة لا يزال موجوداً، علماً بأنني عقدت اجتماعاً مع رئيس الحكومة سعد الحريري، وكلّف مؤسسة لدراسة مشكلة النقل العام في لبنان عموماً وتقديم آراء بشأن الحلول. أنجزت اللجنة الدراسة، وجلست مع اللجنة وممثلين من رئاسة الحكومة، وأطلعوني على النتائج، فكانت متطابقة مع ما توصلت إليه وزارة النقل، باستثناء البنود المتعلقة بالنقل المشترك. ومن المفترض أن نعقد خلال أيام اجتماعاً آخر مع اللجنة لغربلة كل هذه الأمور ونرفع تقريراً إلى رئيس الحكومة.

من المستغرب ألا يكون في وزارة النقل خطة لتفعيل سكة الحديد، ما السبب؟

نحن نتصرف ونفكر واقعياً. فسكك الحديد تعرّضت لاعتداءات. جزء منها أزيل بالكامل، وجزء تعرّض لاعتداءات بحيث بُني فوقه لمصالح خاصة أو لمصالح حكومية وإدارات رسمية من دون العودة إلى مصلحة سكك الحديد، وقد بيع جزء كبير من سكة الحديد لإحدى الدول العربية، وكذلك أنشئت أتوسترادات فوق سكة الحديد، منها أوتوستراد جونية ـــــ ضبية، وبالتالي فإن هناك استحالة في تنفيذ مشروع إعادة تأهيل سكة الحديد.

ألا يمكن تحديد خطوط أخرى لسكة الحديد غير تلك التي كانت قائمة؟

هنا أصبحنا نتحدث عن مشروع كبير بكلفة هائلة، وليس مدروساً حتى الآن، على الرغم من أن سكك الحديد هي أكثر من ضرورة، وخصوصاً أنها تخفض كلفة النقل وتعالج أزمة السير في كل المناطق، وتخفف من الحوادث، وقد بقي من سكة الحديد قطعة يمكن تفعيلها وتسييرها سريعاً، وهي تلك القائمة بين مرفأ طرابلس ونقطة العبودية. وفي عام 2004 عقد اجتماع بين لبنان ووزارة النقل في سوريا، وتقرر أن تنفذ شركة سورية تأهيل هذه القطعة، ووُقّع عقد، وقد تأخر التنفيذ، ودخلنا في الأزمة عام 2005، وتجمّد المشروع، وقد وعد الصندوق الكويتي بتوفير التمويل الكامل للمشروع، إلا أنه لا يموّل مشاريع موقّعة بالتراضي، بحيث هناك إصرار على المناقصات. وبالتالي، بعد البحث مع الوزير السوري، كان هناك تجاوب تام بشأن اعتماد الخيار المناسب للبنان، وبالتالي خيارنا فسخ العقد مع الشركة السورية وفق الأصول والإجراءات القانونية، وخصوصاً أن هناك قسماً من السكة موجود في حرم مرفأ طرابلس، وقسماً كبيراً من التجهيزات للعمل كانت قد اشترتها الشركة السورية، وفور إنهاء هذا الأمر، سنطرح المناقصة العالمية على هذا الموضوع.

حصلت على موافقة مجلس الوزراء في استدراج عروض محصور بشأن مشاريع الأشغال والإنارة، بسبب مشاكل في تصنيف الشركات. أليس الحل هو في إعادة تصنيف هذه الشركات بدلاً من إقامة مشاريع من دون مناقصات عمومية؟

إن تصنيف الشركات الذي يحصل في الوزارة كان سيّئاً، إذ إنه كان كل من يأتي بأوراق إلى الوزارة يحصل على تصنيف لأسباب مالية وسياسية وشخصية... كذلك فإنه كان هناك شركات ممنوع أن تدخل إلى الوزارة وهي بالعشرات، وشركات يرسو عليها الالتزام فيؤخّرونه «بسبب الزعرنة والرذالة» بالسياسة أو بالأموال، وأنا لم أحاسب بالسياسة، ولم أشارك أحداً في الأموال.
وهناك آلاف من الشركات المصنّفة التي لا تراعي المواصفات المطلوبة، وبالتالي عند استدراج العروض، تتقدم هذه الشركات إلى المشاريع بأسعار منخفضة، ويرسو المشروع عليها، فيتبيّن أنه ليس لديها المعدّات ولا القدرة على التنفيذ، وهذا ما يحصل في مختلف مؤسسات الدولة، وخاصة الأشغال. واستدراج عروض محصور يعدّ أكثر أمناً وأكثر جدية في تنفيذ المشاريع.
وأنا لم أقم بعملية إعادة تصنيف، لأن هناك مشكلة في لجنة التصنيف لها علاقة بوضع المدير العام للوزارة المشكوك في أمره، وأنا طبعاً لا أشغّله، وسنصل إلى إعادة التصنيف، ولكنها ستطال مئات الشركات، ولن أنتظر حلّ هذه المشكلة، وبالتالي اختيرت بعض الشركات ولزّمتها القيام ببعض المشاريع الأساسية.

هناك أزمة حقيقية على الطرقات، وخاصة على الأوتوسترادات الدولية تتعلق بالإنارة، ما يسبّب حوادث قاتلة، تتضافر فيها وعورة الطريق والحفريات وانقطاع الكهرباء، أين الحلول؟

أنا لا أستطيع حل كل المشكلات المتراكمة منذ سنوات طويلة، فقد قمت بمشاريع كثيرة تتعلق بإنارة الطرقات الأساسية. فنفق المدينة الرياضية كان مظلماً، وخلال 7 سنوات لم تسأل الوزارة عن مفتاح النفق، الذي تبيّن أنه كان خلال تلك الفترة عند رئيس بلدية الغبيري محمد الخنسا. وبعد اكتشاف ذلك، أضأناه، إضافة إلى نفق شكا ومستديرة السفارة الكويتية والمطار والمدينة الرياضية. كذلك تبيّن أن نصف التمديدات الكهربائية في منطقة ضهر البيدر ـــــ المديرج مسروق، فوضعنا كابلات أخرى فأعيدت سرقتها، ونعمل حالياً على تلزيم مشروع الإنارة على الطاقة الشمسية. ولكن هناك شيء أساسي، أن غالبية حوادث السير لا تتعلق بالإنارة ولا بالحفريات، بل بالسرعة.


بلد مفروز

يؤكد العريضي أن السائقين غير ملزمين بالحصول على التراخيص من اتحاد نقابات السائقين، لافتاً إلى أن السائق غير الموجود في نقابة ولا يريد الانتساب يستطيع أن يتوجه إلى مديرية النقل في الوزارة فيحصل على الترخيص المطلوب، ومشيراً إلى أن غالبية السائقين موجودون في النقابات، لكون «البلد مفروز، وكل اتحاد نقابي يمثّل طرفاً سياسياً، وكل سائق يعود إلى النقابة التي تمثّل جهته السياسية».