للمرة الأولى ينزل اللقاء اليساري التشاوري الى الأرض، مشاركاً مع الحزب الشيوعي اللبناني في إحياء عيد العمال في الأول من أيار، في مسيرة حاشدة رفعت خلالها الأصوات المطالبة بوقف عملية الاستلاب الفكري التي يمارسها زعماء الطوائف لتعمية المواطنين عن معاناتهم المعيشية، داعين العمال إلى الوحدة...
رزان يحيى

في الوقت الذي كان البعض يلقي الخطابات ويجتمع حول مآدب الطعام للاحتفال بعيد العمال، كان الحزب الشيوعي اللبناني واللقاء اليساري التشاوري يتحركان في مسيرة شعبية حاشدة، الانطلاقة كانت من ساحة حبيب أبو شهلا في الأونيسكو نحو برج المر، مروراً بشارع مار الياس، وصولاً إلى السرايا الحكومية، حيث تقدمهم الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني خالد حدادة وأعضاء اللقاء اليساري التشاوري، وكان اللافت أن المسيرة لم تكن أرض ـــ أرض، إذ زفّها خلال مروها في الأحياء السكنية بالأرز والأغاني، كما تميزت المسيرة بمجسمات تعكس حياة العمال من فلاحين وميكانيكيين، وبمجسم المنجل والمطرقة... «من أجل وطن حر وشعب سعيد» مشى العمال في مسيرة الأول من أيار الحمراء، ودعوا للمشاركة في كل التحركات العمالية، ومنها دعوة الاتحاد العمالي العام في السابع من أيار، ودعم التحركات المصرية في الرابع من أيار، وإضراب الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية في الرابع عشر من أيار...

هتافات وكلمات

وقد هتف المشاركون في المسيرة ضد الحكومة وضد زعماء الطوائف غير الآبهين بمعاناة المواطنين، وطبعاً هتفوا للعسكر «يا عسكر خيك معنا زت سلاحك ولحقنا» عند مرورهم قرب ثكنة الحلو في مار الياس.
وعلى وقع النشيدين اللبناني والشيوعي وصلوا إلى برج المر، وعلى المنصة تداور ممثلون من أصحاب الدعوة لإلقاء الكلمات. استهل باسم شيت باسم اللقاء اليساري الكلمات، مشيراً إلى أن الفقر والجوع يطالان جميع اللبنانيين من دون أن يميزا ولاءهم أو طوائفهم، وأضاف «إن اللقاء اليساري الذي يضم مروحة كبيرة من اليساريين والشيوعيين والنقابيين والمثقفين، هو ترجمة مباشرة من إنتاج مشروع يربط ما بين العمل الجبهوي لليسار، وصولاً حتى إنشاء الحزب الواحد على أسس ديموقراطية جدية على نهج فكري وعملي تغيري فعلي»، مشيراً إلى أن التحرك هو لتثبيت ثقافة مشتركة على قاعدة التغيير والمقاومة، مؤكداً أن الكلمة الأولى تقال في الشارع.
ثم دعا رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين رضا سعد إلى «تصعيد وتيرة التحركات المطلبية والشعبية، في مواجهة أرباب الجشع والاحتكار ومافيات ارتفاع الأسعار، من خلال استخدام كل الأساليب السلمية والنضالية، دفاعاً عن لقمة العيش والحرية، في وجه سياسة الإفقار والتجويع (...) التي أنتجت هذه الأزمة الاقتصادية الاجتماعية الخانقة والمتعاقبة، ومديونية قاتلة وفساداً مستشرياً وهدراً وسرقة للمال العام، والمزيد من الضرائب على قوتنا اليومي وأجورنا المتدنية». سعد طالب قيادة الاتحاد العمالي العام وكل الاتحادات، بعقد مؤتمر نقابي عام، مقترحاً جدول أعمال يتضمن:
أولاً: إقرار هيكلية نقابية استناداً إلى الاتفاقية الدولية رقم 87، التي تضمن حرية التنظيم النقابي وتحد من تدخل الدولة في الشؤون النقابية.
ثانياً: إقرار برنامج مطلبي يستند إلى مواجهة سياسة الخصخصة والتعاقد الوظيفي، ويدعم القطاع الزراعي والصناعي من أجل خلق فرص عمل والحد من البطالة والهجرة.
ثالثاً: إجراء انتخابات عامة على أسس ديموقراطية ومتوازنة لتوحيد الحركة النقابية، بما يضمن وحدة الاتحاد العمالي العام.

حدادة: الجوع والقمع يتوحّدان

والختام كان لحدادة الذي رأى أن الفقر والجوع والقمع يجب أن تطلق النضال من أجل تغيير وطني ديموقراطي، للمضي قدماً في لبنان والعالم العربي نحو الاشتراكية. وسأل حدادة «أين يذهب سمك القرش بأموال اللبنانيين وعرقهم؟ ألم يحن الوقت لكي تقوم كل الفئات الممثلة للطبقة العاملة من اتحادات ونقابات بمراجعة حقيقية لما ساهمت به في زيادة انقسام الطبقة العاملة وفقراء لبنان، ومنعتهم من التوحد في تحركات تهدف إلى تحقيق مطالبهم بزيادة الأجور والضمانات الاجتماعية وتطوير التعليم الرسمي والصحة العامة؟ ألم يحن الوقت لكي يطلق الاتحاد العمالي العام، وقد عاثوا به فساداً عندما كانوا موحّدين في إطار سلطاتهم المتعاقبة، واليوم يحاولون منعه من التوحد مجدداً على أسس ديموقراطية».
حدادة دعا عمال لبنان وطلابه ومؤسساته إلى المشاركة الفاعلة بكل التحركات النقابية والقطاعية المعلنة، سواء توحدت في يوم واحد أو بقيت على أيام عدة، مطالباً الاتحادات والفروع الطلابية «بأن تعي تماماً أنه حان الوقت لكي لا تبقى جزءاً من قطعان بشرية تحمل في انتخاباتها صورة هذا الزعيم أو ذاك، بل أن تحمل صورة مطالب عن الجامعة اللبنانية وتطويرها، طلاباً وأساتذة وتعليماً ومؤسسات، وكذلك طلاب الثانويات وأساتذة التعليم، وسنكون مع كل هذه التحركات».
ورداً على الذين «يلهون شعبنا بمبادرة من هنا تطلق من عاصمة خارجية، وينهيها ويفشلها وزير خارجية دولة غير دولة لبنان»، قال حدادة «كفاكم لهواً بنا. لا المبادرات العربية ولا المبادرات اللبنانية ضمن إطار الحفاظ على الصيغة الطائفية ستنقذ الوطن وتنقذ الشعب»، مشيراً إلى أن هذه المبادرات لا تنتج إلا تعميق الصراع والتناقضات المناطقية والمذهبية والطائفية. حدادة رأى أن الوصول إلى وطن حقيقي له بوابتان، الإصلاح الاجتماعي الاقتصادي، وإعادة تقويم أسس الإنتاج في لبنان على قاعدة دعم الإنتاج المحلي صناعة وزراعة وسياحة على حساب الربح الشرعي، والبوابة الأخرى هي بوابة الإصلاح السياسي وإلغاء الطائفية التي تسمونها سرطاناً، بوابة النظام الانتخابي المقبل على الدائرة الواحدة وعلى النسبية. متحدياً «من يريد إظهار وزنه الحقيقي وتمثيله فليذهب إلى النسبية والدائرة الانتخابية الواحدة، وليكف السياسيون ورجال الدين عن تعميق هذه الأزمة والتجاذبات في مجتمعنا اللبناني».
حدادة يدعو للمشاركة في تحرك الاتحاد العمالي في 7 أيار وفي تحركات أساتذة الجامعة اللبنانية ودعم تحركات مصر.