ايمن فاضل
لماذا تهتم شركة تبغ عالمية بسوق محلية صغيرة تتميز بمخاطر عالية؟

أعطى مجلس الوزراء موافقته المبدئية على طلب تقدمت به إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية (الريجي) للتفاوض مع شركة altadis الفرنسية لإنشاء مشروع مشترك يهدف إلى تصنيع منتوجات altadis والريجي في لبنان.
وكانت «الريجي» قد أعدت دراسة جدوى أولية عن مشروع للتعاون بينها وبين هذه الشركة الفرنسية من أجل تجهيز مصنع جديد للسجائر في لبنان، ورفعتها إلى وزير المالية جهاد أزعور منذ مدّة لعرضه على مجلس الوزراء. وتقول «الريجي» إن هذا المشروع سيزيد من قدراتها على المنافسة في مجال تصنيع التبغ في السوق الداخلية.

توزيع المهام بين الإدارة والشركة

تبلغ كلفة هذا المشروع 39 مليون دولار أميركي، منها 27 مليون دولار، هي ثمن شراء الآلات و10 ملايين دولار على شكل مواد أولية ولوازم ، والتجهيزات وهي على عاتق شركة altadis، في حين أن كلفة تجهيز المباني تقع على عاتق الريجي، وقد حدِّدت بـمليوني دولار أميركي. وينص مشروع التعاون المقترح على التزام كلا الطرفين بجملة من المهام، فتتكفل altadis شراء الآلات وتركيبها، فيما تتكفّل الريجي بتجهيز المبنى، وتشتري altadis المواد الأولية واللوازم ومراقبة النوعية، في حين أن إدارة الريجي تدير المصنع واليد العاملة والصيانة وتخزين المواد الأولية والمنتوجات الجاهزة، وينص الاتفاق على تحديد سعر تسليم المنتوجات إلى الإدارة من شركة altadis، فيما تحدِّد الإدارة سعر المبيع للعموم حسب المعادلة المطبّقة على السجائر المستوردة، وتتولى altadis أعمال الدعاية والتسويق، فيما تتولى الإدارة توزيع المنتجات بواسطة شبكة رؤساء البيع في المناطق.

مصنع لا ينتج أرباحاً!

لكن ما هي الزيادة الفعلية في أرباح الريجي نتيجة هذا المشروع؟ هذا السؤال حملته «الأخبار» إلى الأمين العام التجاري في «الريجي» جورج حبيقة، الذي قال إن المشروع لا يزيد فعلياً أرباح الإدارة، لأن «الريجي» تستطيع أن تؤمن أرباحها من بيع الأصناف المستوردة، مشيراً إلى أن هدف المشروع الأساسي هو خفض فاتورة الاستيراد، لأنه يؤمن وفراً في ميزان المدفوعات خلال السنوات العشر القادمة بقيمة 110 ملايين و108 آلاف و844 دولاراً أميركياً، مشيراً إلى أن هذا هو الربح الحقيقي، فضلاً عن إسهام المشروع في تنشيط العجلة الاقتصادية وتأمين فرص العمل وضخ مبالغ كبيرة من العملات الصعبة في الداخل بدل ذهابها إلى الخارج، متابعاً أن «الريجي» ستربح معنوياً أيضاً عبر تحوّلها من تاجر يشتري الدخان المستورد وتبيعه في الداخل، إلى مشارك في التصنيع.
وعند سؤال حبيقة عن إمكان التصدير، قال إن هذا وارد، وإن altadis تسيطر فعلياً على السوق العراقية، وهي تستطيع إدخال منتجاتنا إلى جانب منتجاتها.
وتبلغ حصة مبيعات altadis في السوق اللبنانية 18 في المئة، وتحل في المرتبة الثالثة بين الشركات التي تبيع منتجاتها التبغية في لبنان، فيما تبلغ حصة مبيعات «الريجي» من السجائر المصنّعة لديها 10 في المئة. وقال حبيقة إن المشروع سيتيح لـ altadis تصنيع «جيتان» و «غولواز» في لبنان وبيعها للإدارة بعد تحديد سعرها على باب المصنع.

العجز فرض المشروع

يذكر الكتاب المقدّم إلى مجلس الوزراء أن الريجي لا تستطيع دفع تكاليف إنشاء مختبرات حديثة امتثالاً لقرارات يتوقّع أن تصدرها منظمة الصحة العالمية خلال السنوات الست المقبلة، وتنص على تحديد نسب 40 مادة في السيجارة. وأفاد حبيقة بأن إنشاء مختبرات كهذه غير ممكن على حساب الريجي نظراً لمحدودية السوق اللبنانية، مشيراً إلى أن تطبيق هذه الشروط يحتاج إلى دراسات كثيرة ومكلفة، لافتاً إلى أن الدراسات عن إمكان تغطية هذه الفحوص بيّنت لهم أن كل الأرباح الداخلية لا تغطّيها، متابعاً أن هذا الأمر وضعهم أمام أحد حلّين: إمّا الاستمرار في التصنيع والرضوخ لشروط منظمة الصحة العالمية، أو الاتفاق مع شركة تقوم بتحضير الطبخة في الخارج وتقوم الريجي بتعبئتها في لبنان. وتابع أن الريجي امتنعت عن هذا الخيار لأنه ممارسة غير نافعة وغير صناعية، على أساس أنهم يريدون أن يحصلوا على «سيجارتهم الخاصة»، وفي المقابل تأمين شروط منظمة الصحة العالمية، مضيفاً أنه لا غنى عن هذا المشروع لتأمين هذين الشرطين، لافتاً إلى أن توجّههم بناء على ذلك كان لإقامة المشروع مع إحدى الشركات الصناعية الكبرى في العالم ليجري التصنيع في لبنان وتكون الاختبارات والتحليلات في مختبر الشركة الأم.

Nostalgie وراء قبول altadis

وكانت «الريجي» قد عرضت على أربع شركات عالمية، هي «PM» و «JTI» و«ALTADIS» و«BAT»، إلا أن «ALTADIS» وحدها وافقت على التفاوض، وقال حبيقة إنهم لا يعلمون سبب موافقة altadis الحقيقي، مشيراً إلى أن سبب رفض الشركات الأربعة الأخرى قائم نتيجة خوفهم من استخدام رأسمالهم في مشروع عالي المخاطر وقليل المردود. أمّا لماذا قبلت هذه الشركة، فهو يرى أنه بسبب nostalgie فرنسي (حنين) ناحية الريجي بسبب كونها هي التي أسستها خلال الانتداب.

صعوبات قانونية

ويقول حبيقة أن هذا المشروع يعاني صعوبات قانونية تعترض طريق الاستمرار فيه، لجهة عدم خرق قوانين الاحتكار لافتاً إلى أن القوانين تمنع altadis من إدخال التبغ إلى لبنان باسمها، وإذا أدخلته باسم الريجي فستواجه مشاكل مع الشركة الأم في فرنسا.



130.87 دولاراً

هو متوسط كلفة إنتاج صندوق السجائر الواحد، ويحتوي الصندوق على 10000 سيجارة، وأشارت الدراسة إلى أن الصندوق يباع بسعرٍ يصل إلى 162 دولاراً تقريباً، ما يوفر أرباحاً تصل إلى 24.6 في المئة عن كل صندوق.
وأظهرت دراسة الجدوى الاقتصادية أنه يُتوقع أن يُنتِج المصنع خلال 10 سنوات من بدء التشغيل مليوناً و40 ألف صندوق سجائر، وعن توقّعات بيع هذه الكمّية، قال حبيقة إن الريجي تبيع حالياً من منتوجها الخاص (سيدرز) بما حجمه 10 في المئة، أما altadis فتبيع 18 في المئة من مجمل السوق، ودراسة الجدوى الاقتصادية التي على أساسها تحدّد رقم البيع المتوقّع اعتمدت على إعطاء الأرقام الدنيا، مشيراً إلى أنهم يتوقّعون أرباحاً تفوق القيمة الموضوعة في دراسة الجدوى الاقتصادية.

4 سنوات

هي المدة اللازمة لاسترجاع رأس المال، أمّا الرقم المتوقّع للعائدات الصافية للخزينة من أرباح الإدارة من المبيع والرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة فيقدّر بـ 384 مليوناً و43 ألفاً و692 دولاراً، أمّا في ما يتعلّق بالأرباح المتوقّعة العائدة لشركة altadis فستبلغ خلال 10 سنوات 63 مليوناً و504 آلاف دولار، في حين أن أرباح الخزينة المتوقّعة تبلغ 384 مليون دولار أميركي تقريباً.