إبراهيم حيدر
المــال تجمِّــد سنــدات الخزانــة إلا بفـائــدة صفــر

هل يتمكّن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من مواصلة تقديماته لعام 2007؟ سؤال طرحه عدد من المعنيين بشؤون الصندوق في ضوء استمرار الأزمة المالية على حالها، بعدما تبين أن حوالة وزارة المال التي وعد بها الوزير جهاد أزعور «ضلّت طريقها» ولم تصل الى مصرف لبنان.
مصادر في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قالت لـ«الأخبار» إن أزعور لا يزال متمسّكاً بشروطه لإصدار سندات خزانة خاصة بالليرة لمصلحة الصندوق بموافقة مجلس إدارة الضمان على فائدة صفر في المئة. ولفتت الى أن أزعور أضاف شرطاً جديداً بعدم صرف الحوالات من مصرف لبنان إلا بعد موافقته وبقرار منه.
وأوضحت المصادر أن الصندوق استأنف تقديماته بناء على وعد أزعور بالدفع، وبعد موافقة وزارة الوصاية، فيعود الصندوق الى إجراء العملية الحسابية في صناديقه من جديد عن 2007، وخصوصاً أن عملية التدقيق في حسابات الصندوق عن السنوات من 2002 الى 2006 قد بدأت بعدما رست المناقصة على إحدى الشركات المعروفة عالمياً.
وأشارت الى أن مجلس الإدارة شرّع الاستلاف من صندوق نهاية الخدمة بعد وعد الدفع، وإيداع الحوالات للتحصيل والاكتتاب بها بسندات خزانة، ووصفتها بنوع من الاستعارة للسداد نهاية 2007، لحاجات استمرار التقديمات التي كانت قد توقفت نحو ثلاثة أشهر. لكن المشكلة بحسب المصادر تكمن في تفاقم العجز في الصندوق. إذ لم يتمكن الضمان من قفل حسابات 2006 بعد استدانة نحو 310 مليارات ليرة من فرع نهاية الخدمة لمصلحة فرعي المرض والأمومة والتعويضات العائلية، ما يرتّب عجزاً جديداً قد يتضاعف الى نحو 600 مليار ليرة، إذا لم تبادر وزارة المال الى إيداع حوالات بـ230 مليار ليرة بحسب الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين المدير العام للضمان الدكتور محمد كركي وممثلي الدولة في مجلس الإدارة وبين رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة وأزعور.
وأوضحت المصادر أن مجلس إدارة الضمان جدد رفض شروط وزير المال، ورفض إصدار السندات بالليرة لمصلحة الصندوق بفائدة صفر في المئة، إذ إن قانون الضمان ونظامه الداخلي لا يجيزان توظيف أموال بفائدة أقل من 5،5 في المئة، وأي موافقة على خفض الفائدة تعتبر مخالفة قانونية. ولفتت الى أن أزعور لم يبدِ استعداده للتوصل الى تسوية بخفض الفائدة الى 4 في المئة أو 3 في المئة، على رغم تجاوز ذلك أيضاً قانون الضمان. وأشارت الى أن وزير المال يستطيع على مسؤوليته إيداع الحوالات للتحصيل والاكتتاب بها بسندات خزانة في مصرف لبنان بفائدة صفر، لكنه لن ينال موافقة الصندوق، على رغم إصراره على الموضوع. وإذ اعتبرت أن رفض مجلس الإدارة يرفع المسؤولية عنه، من خلال عدم إقدامه على مخالفة قانون الضمان وأنظمته الداخلية، ذكّرت بما واجهه مجلس الإدارة السابق من مخالفة قبل نحو 6 سنوات، حين كان رئيس الحكومة الحالي فؤاد السنيورة وزيراً للمال. فقد كان معدل توظيف الأموال في سندات الخزانة نحو 18 في المئة، فاتخذ السنيورة قراراً على مسؤوليته بإصدار سندات لمصلحة الصندوق بفائدة 8 في المئة على رغم اعتراض مجلس الإدارة، وقد انتهت مدة السندات.
وقالت المصادر إن مجلس الإدارة يُجري اتصالات مكثّفة لمعالجة الملف المالي، معتبرةً أن إطالة أمد المشكلة لأكثر من أسبوعين قد يُدخل الضمان في أزمة جديدة لناحية التقديمات.

الضمان الاختياري

مشكلة أخرى يواجهها صندوق الضمان تتعلق بوضع الضمان الاختياري. المصادر قالت إن هذا الفرع معرّض للوقف بشكل كامل بعد العجز الكبير الذي يواجهه، وخصوصاً مع تراجع سداد الاشتراكات من قبل المضمونين الاختياريين، وكان جزء كبير منهم يعالج على نفقة وزارة الصحة العامة.
وإذ أوضحت المصادر ان الصندوق عاجز عن سداد الفواتير للمستشفيات عن المضمونين الاختياريين بسبب ضعف الموارد، لفتت الى ان مجلس الإدارة بحث عدداً من الحلول للموضوع، وقرر رفع كتاب الى الحكومة يتضمن اقتراح زيادة اشتراكات الضمان الاختياري، أو تحمّل الدولة فروقات العجز مما كانت تدفعه من نفقات وزارة الصحة العامة. وإذا لم تجد الحكومة حلاً بين هذين الاقتراحين، فمصير الضمان الاختياري على المحك.

اجتماع مجلس الإدارة

مصادر الضمان أكدت أن مجلس الإدارة بحث في اجتماعه أول من أمس، المشكلات وبنود الخطة الإصلاحية للصندوق. ولفتت الى أن المجلس اتخذ قراراً مبدئياً بتحييد أمور الضمان عن التجاذبات السياسية وصراعاتها، مشيرةً الى وجود أبواب مشرعة للتدخلات السياسية يعمل المجلس على قفلها وعدم تعريض الصندوق لأخطار مباشرة، وخصوصاً في الظروف الراهنة.
في موازاة هذا الملف، تابع مجلس الإدارة مناقشة بند المرض والأمومة في الخطة الإصلاحية. وقالت المصادر إن المجلس أقر الاقتراحات الواردة في الخطة على صعيد ضبط التقديمات الصحية، وطلب من المدير العام محمد كركي إعداد القرارات المرتبطة بها في آلية التنفيذ لإقرارها رسمياً حتى يتسنى له تخفيف الأعباء.