عصام الجردي
المشروع سيشمل مؤسسات كبرى في القطاع الخاص

تبحث لجنة الرقابة على المصارف وجمعية مصارف لبنان، في مشروع تعميم تنوي لجنة الرقابة إصداره ويتعلّق بتنظيم العلاقة بين المصارف وشركات تصنيف الائتمان. وفي المعلومات أن المشروع المنتظر سيشمل إلى المصارف، مؤسسات وشركات أخرى في القطاع الخاص، بقيت حتى الآن خارج دائرة التصنيف الائتماني، على غرار ما هو قائم في المؤسسات المصرفية ولا سيما الكبيرة منها. وتخضع المصارف اللبنانية في رأس لائحة المصارف العشرة الأولى، وخصوصاً تلك التي أدرجت أسهمها، أو جزءاً منها في بورصة بيروت، إلى عمليات تصنيف دورية من وكالات تصنيف ائتمان دولية معروفة، مثل ستاندرد أند بورز، وموديز، وفيتش وغيرها.
ويتناول التصنيف على نحو رئيسي كفاية رأس المال، وموجودات المصارف، وخصوصاً التسليفات المثقلة بأوزان مخاطر على اختلافها، وقواعد البيانات والإفصاح والشفافية، وغير ذلك من المعايير التي تتنامى كل يوم، وتشتمل على عناصر أخرى في عمليات المصرف وإدارته، ومستويات الرقابة الداخلية والخارجية التي يخضع لها، ومخاطر السوق والعمليات وخلافها. كل ذلك ينسجم مع متطلبات معايير اتفاق بازل ـ 2ـ الذي ينوي لبنان استجابتها مع بداية سنة 2008.
بيد أن الغالبية من المصارف اللبنانية لا تزال خارج دائرة التصنيف، من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن كلها سيكون عاجزاً عن ملاقاة متطلبات بازل ـ 2 ـ ومعاييرها، أو أن كلها سيلاقي تلك المتطلبات والمعايير. وبازل، ذلك الاتفاق الذي يحمل اسم المدينة السويسرية، حيث بنك التسويات الدولية الذي يوصف بمصرف المصارف المركزية في العالم، بات كناية عمّا هو رائج «وصفة إنكليزية»، لا تلزم المصارف تجرّعها. إلا أن بقاء أي مصرف في العالم خارج معايير الاتفاق ومتطلبات بازل، سيؤدي إلى أن يكون محكوماً بالانعزال في دائرة عمليات ضيقة جداً، وغير مؤهّل للانطلاق في مشاريع كبيرة، ولا سيما في الخارج، سواء بشكل فروع أو خطوط ائتمان ومراسلة في الأسواق الدولية، وفي دول مجموعة الثماني، التي لا بد منها لإتمام العمليات المصرفية.
إلا أن اللافت في ما هو قيد البحث الآن في لجنة الرقابة على المصارف، أن التعميم المنوي إصداره سيشمل إلى المصارف والمؤسسات المالية، مؤسسات وشركات في القطاع الخاص، التي يزيد حجم أعمالها عن 5 ملايين دولار أميركي. ومع أن عدداً قليلاً من المؤسسات والشركات سيطاله التعميم، يعدّ الأخير خطوة إلى الأمام على صعيد مجتمع الأعمال في لبنان. فعمليات التصنيف في الخارج تشمل كل المؤسسات الاقتصادية الكبيرة، وفي قطاعات مختلفة. ذلك أن حجم الأعمال في المؤسسات الكبرى، وإدراج أسهمها هي الأخرى في البورصات، باتا في حاجة أولاً إلى كفاية ترسملية وإدارية عالية، تنسجم مع متطلبات المنافسة التجارية والخدمية في الأسواق الخارجية من جهة، ومع متطلبات تطوير الإنتاج ومكننته وتحديثه من جهة ثانية. فضلاً عن قاعدة معلومات وإفصاح شفافة ودورية. وبات التصنيف في الخارج الآن يشمل إلى الأداء، وما سبق ذكره، إدارات المؤسسات، وحتى الوسطاء في شركات وصناديق مالية واستثمارية عاملة في أدوات مالية متنوّعة وأوعية استثمارية واسعة.
يعوّل كثيراً على درجة التصنيف الائتماني التي تمنحها وكالات التصنيف الدولية وخصوصاً للمؤسسات المصرفية والمالية، فهي تبدأ بـ(AAA) للمؤسسات القادرة بامتياز على إيفاء التزاماتها لدائنيها وتعهداتها في السوق. وصولاً إلى درجة (D)، أي ما بعد إفلاس العميل. وللدلالة فإن درجة (C) مثالاً، تُعطى للمؤسسة في حالات التصفية.
أما جيل التصنيف من درجات (+ CCC) و(CCC) و(-CCC)، فإن قدرة المؤسسات الحائزة إياها، على إيفاء التزاماتها، مشروطة بظروف اقتصادية ومالية ملائمة.
ويشار إلى أن التصنيف الاتماني لمصارف كبيرة في لبنان حالياً هو درجة (-B). أي إن صاحبها ما زال يتمتع بالقدرة على إيفاء التزاماته مع احتمال تعرّضها إلى تناقص سلبي. بيد أنه من المفيد التذكير ، بأن تصنيف مصارف لبنانية كبيرة تتمتع بنسبة عالية من السيولة ، ومن كفاية رأس المال ، بات مثقلاً بالتصنيف السيادي (Sovereign risk) للدولة اللبنانية. وهو أيضاً بدرجة (-B). والسبب لكون هذه المصارف قد غدت مكشوفة على ديون كبيرة للدولة، في بلد بمؤسسات دستورية مشلولة، وبتوتر سياسي عالي المستوى، ومفتوح على احتمالات أمنية سيئة محلياً وإقليمياً. علماً، أن لبنان يخضع حالياً، إلى إعادة تقويم سيادي وائتماني من مؤسسات التصنيف. وكلما تراجعت درجة تصنيف الدولة، ازدادت معها احتمالات عدم القدرة على إيفاء التزاماتها وديونها. وبالتالي ارتفعت تكلفة الفوائد التي تدفعها على ديونها الخارجية، ومنها خصوصاً.
وفي ما خص المصارف، يكفي أن تكون درجة تصنيفها متراجعة، سواء لديونها على دولة بتصنيف سيادي وائتماني في الوسط، أو لأي سبب آخر، حتى ينفضّ عنها عملاؤها وزبائنها إلى مصارف بدرجة تصنيف أعلى. ينسحب ذلك أيضاً على قابلية هذه المصارف، للانخراط في مشاريع كبيرة تحتاج إلى تمويل كبير، ويدرّ أرباحاً عليها. ومن غير المعروف بعد، موقف المصارف ومؤسسات القطاع الخاص من التعميم المنتظر .