عصام الجردي
هـــامش المخـــاطـــر يهـــدّد بـــاحتـــواء تعـــهدات بـــاريس ــ 3


عدّلت وكالة موديز الدولية للتصنيف، معدّل النمو الاقتصادي الحقيقي في 2006، محتسباً على أساس تضخّم سنوي بواقع 3،9 في المئة، إلى صفر بدلاً من سالب بواقع 5 في المئة، كما كان صندوق النقد الدولي ووكالات أخرى قد أعلنت أكثر من مرة. وموديز ، هي واحدة من أهمّ وكالتي تصنيف في العالم إلى جانب ستاندرد أند بورز، وكلاهما أميركيتان تتولّيان تقويم اقتصادات عالمية. وينظر إلى التوقعات والتقارير التي تعدّانها بكثير من الجدية في أوساط الاقتصاديين ومؤسسات الاستثمار والمال الدولية. ومن شأن تبنّي رقم النمو الحقيقي في 2006، أن يعدّل من قاعدة بيانات حكومية وخاصة، بُنيت على أساسها أرقام جوهرية وخصوصاً لناحية توقعات النمو في 2007، من دون أن يمسّ بالضرورة التوجّه العام في برنامج الحكومة الاقتصادي حتى سنة 2010. ويتوقع تقرير موديز 3 في المئة معدّل نموّ حقيقياً في 2007، و2،5 في المئة في 2008 على أساس معدّل تضخّم سنوي بواقع 2،4 في المئة، و2،5 في المئة على التواليويرى التقرير أن عبء الدين العام في نهاية 2006، هو الثاني لدولة تخضع لتصنيف بعد اليابان، وعند 170 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقدّر الدين العام الخارجي بنحو 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وثاني أعلى دين عام في العالم ضمن مجموعته المصنّفة بعد دين نيكاراغوا.
توقّع التقرير أن يصل الدين العام الخارجي في 2007 مقوّماً بالدولار الأميركي 23،29 ملياراً. و24،52 ملياراً في 2008. أما عجز الحساب الجاري فتوقع التقرير أن يصل في 2007 إلى 3،28 مليارات دولار أميركي. وإلى 3،57 مليارات دولار في 2008 من 3،01 مليارات في 2006.
يشار إلى أن وكالة موديز كانت قد صنّفت سندات الخزانة الحكومية بالعملات الأجنبية بدرجة (B3) مع سقف الدولة الائتماني بدرجة (B2). أي في الوسط بين القدرة على السداد والمشكوك فيها. وكانت موديز قد أعادت تقويمها للنظرة تجاه لبنان إلى سلبي من مستقر إثر اغتيال وزير الصناعة الشهيد بيار الجميل في 21 تشرين الثاني 2006. وإذ ينطوي تقرير وكالة موديز على أنباء إيجابية، في ما خص معدّل النمو السالب في 2006، بيد أن إعادة التقويم نحو السلبية في النظرة إلى لبنان من مستقر بدءاً من نهاية 2006، ومطلع 2007، تترجم مالياً بازدياد حجم هامش الفائدة الإضافي على الدين الخارجي الجديد للحكومة اللبنانية تبعاً لما يعرف بـCDS) Credit Default Swaps). وهي حالياً في حدود 350 نقطة أساس إلى 370 نقطة، أي إن على الدولة دفع فائدة إضافية على سندات الخزانة الأجنبية (يورو بوندز) بواقع 3،50 في المئة إلى 3،70 في المئة فوق سند الخزانة الأميركية من الأجل نفسه المفترض الاقتراض على أساسه. ويمثل هامش الفائدة الإضافي المشار إليه، دليلاً ائتمانياً إضافياً، كناية عن تأمين مسبق لأحداث ما، في أي بلد ضد مخاطر الدين. ويبقى الهامش عرضة للارتفاع، أو للتراجع تبعاً لاستقرار الأوضاع السياسية والأمنية في البلد المعني.
ويعدّ لبنان في الوقت الحاضر ، من الدول الناشئة العالية في سلّم المخاطر الائتمانية، مقارنة بدول أخرى، كان تصنيفها الائتماني في الأمس القريب مشابهاً لتصنيف لبنان. فالهامش الإضافي على سندات الدين الحكومية بالعملات الأجنبية لمصر يراوح بين 72 نقطة أساس و82 نقطة. وللبرازيل بين 86 نقطة أساس و88 نقطة. ولتركيا بين 168 و170 نقطة.
وترى مصادر مصرفية، أن فترة التقاط الأنفاس التي أتاحها مؤتمر باريس ــــــ 3 على المستوى المالي، واستطراداً النقدي، لم تقدم كثيراً في مستوى تصنيف لبنان الائتماني من وكالات التصنيف الدولية. ذلك أن التوتر السياسي والأمني، يطغى بمفاعيله السلبية على تعهّدات المؤتمر المالية. وتعتقد المصادر، أن سنة 2007، التي يفترض أن تشهد استحقاق انتخابات رئاسية، قد تطيح بكل مردود تعهّدات الدول المانحة، إذا بدا أن الاستحقاق نفسه تحوطه مخاطر عدم إجراء الانتخابات. وتستدلّ إلى قلقها، باستمرار الوضع الحكومي على حاله، وبشلل مجلس النواب، وباسترهان الحلول السياسية الداخلية للأوضاع الإقليمية وتطوراتها.
بيد أن مصادر حكومية تقول، إن الحكومة ستحاول، استجابة حاجات تمويل موازنة 2007، واجتناب أي إصدارات سندات دين، يمكن إرجاؤها ما دامت الفوائد الإضافية في مقابل المخاطر الائتمانية من ناحية، والمخاطر السيادية من ناحية أخرى، ستكون مرتفعة. أقلّه في الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية. وهي ــ أي الحكومة ــ قد سدّدت معظم استحقاقات الدين في 2007. وبينما رفضت المصادر المصرفية، تحديد موقف من مشروع عرضه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على جمعية المصارف، للإسهام بجهد في خدمة الدين («الأخبار» 21 آذار 2007)، في انتظار قرار موحّد للجمعية، يعتقد أن الحكومة سيكون في متناولها نحو مليار دولار أميركي حداً أدنى، إذا تمّت الموافقة على المشروع، حصيلة نحو 600 مليون دولار أميركي سندات خزانة على أساس 1 في المئة من الودائع الإجمالية التي تتجاوز مقوّمة بالدولار الأميركي حالياً الـ60 ملياراً، بفائدة بين 1 في المئة و5، ونحو 500 مليون دولار حصّة متوقّعة للدولة في المؤسسة الوطنية لضمان الودائع بعد إعادة تقويم موجودات المؤسسة. وستتحوّل الحصة إلى المصارف وتكتتب الأخيرة بها أيضاً سندات خزانة.