جاء في شكوى تجمّع شركات مقدمي خدمة الإنترنت إلى وزارة الاتصالات المعطيات الآتية:قطاع ضخم جداً في لبنان يعرف "بالإنترنت غير الشرعي"، وهو يسيطر على أكثر من 30% من سوق الإنترنت، وينتشر في جميع المناطق اللبنانية "على عينك يا تاجر"، فلا الأجهزة الأمنية تردع المخالفين، ولا وزارة الاتصالات قادرة على ضبطهم من دون تحرك القضاء. عدد من شركات الإنترنت غير الشرعي يتحكم في قطاع الإنترنت في لبنان، وهذه الشركات لا تنحصر في أشخاص يريدون الحصول على أرباح بطريقة غير قانونية، بل يمتدّ الأخطبوط إلى الإدارات الرسمية المعنية وبعض الجهات الأمنية، ليصبح الجميع متواطئاً في سلب المال العام وفي جعل لبنان هدفاً سهلاً للتنصت من الدول المجاورة. كل هذه المعطيات تجعل سوق الإنترنت غير الشرعي في لبنان محطّ أنظار ومتابعة، وتطرح تساؤلات عن آلية عمل هذا القطاع والمحميات التي يدخل في كنفها لتجعله بعيداً عن أعين الجهات الأمنية وعصياً على التنظيم أو الملاحقة.
تبدأ الرواية بشركات صغيرة موجودة في جميع المناطق اللبنانية، غالباً ما يكون أصحابها محميين من القوى السياسية المسيطرة على المنطقة، وغالباً ما تكون تحت أعين القوى الأمنية ولا تتعرض لأي مساءلة، وتكتمل الرواية بآليات عمل تجعل في الإمكان الحصول على السعات الدولية للإنترنت بطرق غير شرعية سهلة وبسيطة، مقارنة بالطرق الشرعية. تنتهي الرواية بقطاع ضخم جداً يسلب من الدولة ملايين الدولارات شهرياً، ويلجأ إلى شتى الوسائل، حتى لو أَتَاحَت للدول المجاورة التنصت على كل المعلومات الواردة والخارجة من لبنان، إذ من المعروف أن السعات الدولية للإنترنت موجودة بوفرة في لبنان، خاصة بعد توسعة الكابل البحري الذي يصل لبنان بالخارج والحصول على السعات.
هناك شركات مرخصة وغير مرخصة تحصل على سعات دولية بطريقة غير شرعية

إن القطاع غير الشرعي يحصل على السعات الدولية من خارج لبنان بأسعار أقل من مصادرها الشرعية وبوسائل سهلة جداً. وينقسم القطاع غير الشرعي إلى جزءين: الأول هو الشركات غير المرخصة التي تحصل على سعات دولية بطريقة غير قانونية وتعمل من دون الإفصاح عن أرباحها ولا تدفع أي مترتبات للدولة. أما الثاني، فهو شركات مرخصة، تعمل على زيادة زبائنها عبر استخدام الأساليب غير الشرعية في الحصول على السعات الدولية.
الشركات المرخصة العاملة في لبنان تستفيد من الفوضى القائمة، أما الشركات غير المرخصة، فتتميز بوجهين في آلية العمل غير الشرعي: الأول هو الحصول على السعات الدولية بطريقة غير شرعية، وذلك عبر شراء سعات من شركات خارجية والحصول عليها عبر الصحن اللاقط من خلال الأقمار الاصطناعية (وهذا الإجراء مكلف نسبياً)، أو من خلال شراء السعات من الشركات المرخصة العاملة في لبنان، والتي تشكو هي نفسها من الشركات غير الشرعية. أما المحور الثاني للعمل غير الشرعي، فيقوم على الحصول على سعات دولية غير شرعية، وهذه الطريقة سهلة جداً، إذ يجري تصويب الـــ "مايكروويف" في لبنان نحو المراكز الوطنية للإنترنت الموجودة في الدول المحيطة بلبنان، أي تركيا وقبرص، بحيث يجري التقاط السعات، وهكذا يحصل المشترك اللبناني على الإنترنت الذي يكون موصولاً مباشرة بمراكز الإنترنت (NODE) في الدول المجاورة، وهذه الدول قادرة على التجسس على كل ما يمرّ (Trafic) من لبنان إلى مركزها. وهنا تصبح الشركة غير شرعية، لكونها غير مرخصة، وتحصل على سعات غير شرعية في الوقت ذاته، وتمنح الدول المحيطة سهولة التجسس على لبنان. إن الحصول على السعات الدولية من تركيا هو الطريقة الأسهل، أما قبرص، فهي تُعدّ الأبعد جغرافياً، إلا أن الإمكانات التقنية المتطوّرة تسمح بالتقاط السعات. هذه الشركات تحتاج إلى أماكن مرتفعة لتسهيل عملية التقاط السعات وتوزيعها. إن السوق غير الشرعية في الإنترنت تؤثر سلباً في عدد الزبائن. نحو 30% من سوق الإنترنت في لبنان يعمل بطريقة غير شرعية. وهذا ما يؤثر سلباً في سمعة خدمة الإنترنت، لكون الشركات غير الشرعية تقدم خدمة رديئة، كذلك تخلق هذه الشركات منافسة غير مشروعة وغير متكافئة. إن كلفة السعات الدولية تمثل نحو 40% من مصارف الشركات الخاصة، فيما الشركات غير الشرعية تحصل على هذه السعات بأسعار زهيدة، وتقدم الخدمات بأسعار تنافسية.