في ختام إضراب اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان الذي انتهى ظهر اليوم في مركز تجمع المعتصمين أمام وزارة الداخلية، دعا رئيس اتحاد النقل البري، بسام طليس، إلى اجتماعٍ استثنائي عند الحادية عشرة من صباح يوم غدٍ (الخميس) في مقر الاتحاد العمالي العام، لـ«إعلان الخطوات التصعيدية المقبلة وتحديد مناطق التحرك بدءاً من الأربعاء المقبل». وفيما توجه طليس إلى رئيس الجمهورية ميشال عون (راعي الاتفاق في إطار النقل البري)، داعياً إياه إلى «الضغط بما لديه من سلطة لإلزام المسؤولين المعنيين بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه»، حذّر المعنيين من التصعيد في حال عدم تحقيق وعودهم. وقال إن «هذا التحرك هو البداية، وسلسلة الإضرابات مستمرة حتى تنفيذ مطالبنا». لكن تصريح طليس قابله رد سريع من قبل وزير الأشغال العامة والنقل، يوسف فنيانوس، الذي طالب اتحادات ونقابات النقل البري بعد لقائهم في الوزارة، بتأجيل الإضراب إلى حين تشكيل حكومة جديدة. فنيانوس اعتبر أن القرارات محصورة ضمن إطار تصريف الأعمال، مطالباً الاتحاد بـ«تأجيل الإضراب» إلى حين تأليف الحكومة، التي ستسعى إلى «حل هذه المواضيع وتنفيذ المطالب». كما رأى الوزير في حكومة تصريف الأعمال أن «مرفأ بيروت بحاجة إلى جهاز بشري وإلى تطوير»، مؤكداً أنه اجتمع مع «الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وتمّ البحث في مطالب اتحادات ونقابات النقل البري».
وكان طليس قد أشار في وقتٍ سابق، في حديث إذاعي، إلى أن «الحل والتنفيذ ليسا عند وزير الأشغال العامة والنقل، الذي قام بواجباته، وهو اصطدم مثلنا بوزير الداخلية ورئيس الحكومة، وهما المرجعان اللذان تم إبرام الاتفاق معهما برعاية رئيس الجمهورية». غير أن بنود الاتفاق، وفق طليس، «لم يُنفّذ منها شيء»، ووزير الداخلية «أخلّ بوعده بتنفيذ الاتفاق خلال 3 أسابيع، في حين أن خطة النقل لم تقر في مجلس الوزراء».

تحذير وقطع طرقات
بالعودة إلى تفاصيل الإضراب، الذي بدأ في السادسة من صباح اليوم في مواقع وخطوط التظاهر والاعتصام، تلك التي حدّدتها نقابات قطاع النقل البري أمس، تخلل الحركة احتجاجية قطع عدد من الطرق في مختلف المناطق، قبل التوجه إلى التجمع المركزي أمام مبنى وزارة الداخلية في بيروت.
وفيما همّ المعتصمون إلى إقفال مراكز المعاينة الميكانيكية على جميع الأراضي اللبنانية كما كان مقرراً، قُطع الأوتوستراد عند مدخل طرابلس الجنوبي الذي يربط المدينة بالعاصمة بيروت، بالتزامن مع قطع طريق عكار-المنية -طرابلس بالاتجاهين عند مستديرة العبدة عند المدخل الجنوبي لمحافظة عكار. في حين أن مطالب المعتصمين تمثلت في إقرار خطة النقل ووقف تزوير اللوحات العمومية، إضافة إلى «الحدِّ من مزاحمة اليد العاملة الأجنبية». إلا أن الطريق عند المستديرة سرعان ما أعيد فتحها أمام حركة السيارات، كما أوتوستراد زحلة - الكرك قرب «الحمرا بلازا».
وفيما تحدثت «الوكالة» عن إعادة فتح الأوتوستراد الرئيسي الذي يربط طرابلس ببيروت، أصرّ السائقون المعتصمون في طرابلس على إبقاء الطريق البحرية القديمة مقفلة.
لم يختلف المشهد كثيراً في النبطية، حيث أقدم السائقون العموميون، يتقدمهم رئيس نقابة سائقي السيارات العمومية في النبطية علي كمال، على قطع الطريق عند دوار كفررمان عند السادسة صباحاً، واضعين سياراتهم وشاحناتهم وسط المستديرة. وتخلل الحركة الاحتجاجية تصريح أدلى به علي كمال، قائلاً: «إن هذا الإضراب هو تلبية للاتحاد وقطاع النقل البري في لبنان، ورافقه إقفال المعاينة الميكانيكية في النبطية، والتأكيد على ضرورة تولي الدولة مسؤولية وملكية إدارة هذا المرفق بناءً للقانون، ووقف المزاحمة والعمالة الأجنبية لحماية السائقين العموميين من التعديات المخالفة للقانون، وحماية أموال الدولة، لا سيّما بعد صدور قرار مجلس شورى الدولة، القاضي بإلغاء صفقة المعاينة الميكانيكية».
لبّت نقابة أصحاب الصهاريج دعوة اتحاد عام النقل للمشاركة في الإضراب (هيثم الموسوي)

سرعيني للداخلية: التزموا بالقوانين النافذة
من ضمن الإضراب، شاركت نقابة أصحاب الصهاريج احتجاجاً على منح وزير الداخلية تراخيص استثنائية من موجب تنمير لوحة عمومية على شاحنات نقل المحروقات، الأمر الذي يخلق منافسة غير مشروعة. وتلبيةً لدعوة اتحاد عام النقل، تجمعت صهاريج نقل المحروقات في الدورة بمشاركة واسعة من أصحاب الصهاريج. واعتبر رئيس نقابة أصحاب الصهاريج ومتعهدي نقل المحروقات في لبنان، إبراهيم سرعيني، أن «هذا الإضراب رمزي لتحذير المسؤولين المعنيين من إهمال مطالب القطاع، ولا سيّما لجهة عدم تطبيق القوانين والأنظمة المرعية التي تحمي الجميع: الدولة وأصحاب الصهاريج والمستهلك». وأكد سرعيني «تضامن قطاع النقل لتحقيق كامل المطالب العالقة منذ زمن، والتي لا تتطلب أكثر من الالتزام بالقوانين النافذة».

فياض: المعالجة، وإلا...
على المنوال نفسه، توقف مالكو الشاحنات العمومية في مرفأ بيروت عن العمل لمدة ساعة واحدة من التاسعة صباحاً حتى العاشرة. فقد تجمعت الشاحنات في منطقة الدورة في حضور رئيس نقابة الشاحنات العمومية، شفيق القسيس، الذي أكد «سلمية التحرك» والإضراب لحث المسؤولين على تنفيذ الوعود التي قطعوها للنقابات، والتي «لا يتطلب إقرارها سوى تطبيق القوانين والأنظمة المرعية». ودعا القسيس إلى «ضرورة المبادرة فوراً إلى تحقيق مطالب قطاع النقل البري لأنه أساسي في الدورة الاقتصادية، ولم يعد يحتمل التأخير لإقرار ما هو حق له»، مشيراً إلى أن «المشاركة اليوم رمزية كي لا تؤثر على حركة السير، آملين من المسؤولين عدم دفعنا إلى تصعيد التحرك لاحقاً».
كذلك، تجمعت السيارات العمومية في منطقة الدورة قرب جسر المشاة برئاسة رئيس اتحاد السائقين العموميين والعاملين في قطاع النقل، مروان فياض، الذي اعتبر أن «هذا الإضراب اليوم سلمي ورمزي وحضاري، والسائقون ملتزمون القرارات التي صدرت عن اتحادات ونقابات النقل البري لتحقيق مطالب القطاع المهملة». فياض ناشد المسؤولين كافة «العمل على معالجة مشاكل النقل البري نظراً لدوره الهام في الحركة الاقتصادية»، مؤكداً «تصعيد التحرك إذا لم يبادر المسؤولون إلى معالجة مطالب القطاع».

«لعودة المعاينة الميكانيكية إلى كنف الدولة»
في غضون ذلك، أشار ممثل نقابة سائقي السيارات العموميةفي الجنوب، ابراهيم البخاري، خلال اعتصام السائقين في صيدا قبالة المسبح الشعبي، إلى أنّ «اعتصامنا اليوم هو احتجاج على المزاحمة غير المشروعة للعمال السوريين»، داعياً الدولة إلى «وضع خطة نقل موحد للمخالفات وعودة المعاينة الميكانيكية إلى كنف الدولة». يُشار إلى أنّ اعتصام سائقي السيارات العمومية في صيدا جرى وسط إجراءات أمنية اتّخذها الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي عند الكورنيش البحري للمدينة، وفي عدد من مراكز الحافلات ولا سيّما في ساحة النجمة.

إلغاء التجمع في بعلبك
في مقلبٍ آخر، أعلنت نقابة السائقين العموميين في محافظة بعلبك ــ الهرمل إلغاء الاعتصام وقطع الطريق الذي كان مقرراً عند مدخل المدينة في محيط دوار بلدة دورس، بسبب الظروف الأمنية التي تشهدها المنطقة، والتزامن مع «التحضيرات الجارية لتشييع قتلى بلدة الحمودية»، في حين تم الإبقاء على التحرك في كل من زحلة وشتورة.

تدابير سير قرب مجلس النواب
على هامش الإضراب، أعلنت المديرية العامة لقـوى الأمـن الداخلي، في بيان، أن مجلس النواب سيعقد جلسة لجان مشتركة لدراسة اقتراحات قوانين على جدول الأعمال، عند العاشرة والنصف من صباح اليوم. وذكرت في بيانها أن التدابير التي سيتم اتخاذها منعاً للازدحام، تقضي بإخلاء وإقفال شارع المصارف طيلة فترة انعقاد الجلسة، اعتباراً من السابعة صباحاً وحتى الانتهاء.
وطلبت من المواطنين «أخذ العلم والتقيد بإرشادات رجال قوى الأمن الداخلي وتوجيهاتهم، وبالإشارات التوجيهية الموضوعة في المكان تسهيلاً لحركة السير».