سبع إصابات جديدة بفيروس كورونا فقط سُجّلت أمس. هذا ما أوردته أرقام وزارة الصحة، ما يرفع إجمالي الإصابات إلى 527، فيما يبلغ عدد المُصابين فعلياً 455 بعد شفاء 54 ووفاة 18.في الظاهر، يُبدي المنحنى الوبائي المنشور في تقرير «غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث» انخفاضاً في تسجيل الإصابات، ما يُوحي بسيناريو تفاؤلي، إلّا أنّ المعطيات الجوهرية تُشير إلى وجود «فخٍّ علمي»، بحسب المُتخصّص في علوم الجزيئيات الذرية والنانو تكنولوجيا الدكتور محمد حمية.
وفق أرقام «الصحة»، فإنّ 389 فحصاً مخبرياً فقط أُجريت خلال الساعات الـ24 الماضية. أما السبت الماضي (أعلنت الوزارة تسجيل 12 إصابة)، فقد أُجري 550 فحصاً، فيما كان عدد الفحوصات المخبرية 644 يوم الجمعة، عندما أعلن تسجيل 14 إصابة. وعليه، فإنّ ما شهدناه خلال الأيام الثلاثة الماضية هو انخفاض في عدد الفحوصات ترافق مع تراجع في تسجيل الإصابات، فيما كان مفترضاً أن تتضاعف الفحوصات بعدما أُعلن عن رفع أعداد المُستشفيات الحكومية المُجهزة لإجراء الفحوصات واستقبال المُصابين والمُشتبه في إصابتهم، وتوسيع عدد المختبرات المعتمدة لإجراء الفحوصات.
بحسب معلومات «الأخبار»، يُعزى التراجع في عدد الفحوصات إلى عاملين، أولهما وجود نقص في معدّات فحوصات الـpcr المخصصة للكشف عن الفيروس، وثانيهما - وفق مصادر «الصحة» - ذلك المتعلق بعطلة نهاية الأسبوع، «ما يحول دون لجوء الناس إلى إجراء الفحوصات».
وفق حمية، «علينا مراقبة الإصابات في اليومين المُقبلين لإعادة فهم المسار الوبائي، لأن أرقام الأيام الماضية أدّت الى إحداث هيكلية عجيبة تتسبب في فخ علمي يعرقل دراسة المسار»، مُشيراً إلى أنه «لو أجري عدد أكبر من الفحوصات لكانت الأرقام أكثر بكثير حُكماً».
ولعلّ ما يُعزّز فرضية وجود إصابات غير مُصرّح عنها، هو ارتفاع وتيرة تسجيل الوفيات وبروز حالات وفاة بعد فترة وجيزة من دخول أصحابها المُستشفى (يعني أن المريض لم يكن على علم بإصابته).
وبعدما أعلنت وزارة الصحة صباحاً تسجيل وفاة جديدة، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الحكومي عصراً تسجيل وفاة «سيدة في العقد الثامن من العمر كانت تعاني من أمراض مزمنة»، ما يرفع عدد الوفيات إلى 19، فيما بلغ عدد الحالات الحرجة 27. بحسب حمية، فإن «ارتفاع عدد الوفيات يعني أن هناك الكثير من الإصابات التي لم تُفحص»، مُتسائلاً عمّا إذا كان تراجع أعداد الفحوصات المخبرية يخدم خطة «تبطيء انتشار الفيروس وتمديد فترته بهدف السيطرة عليه»، علماً بأن الدراسة التقديرية التي سبق أن أعدّها حمية بشأن أعداد الإصابات بعد الإجراءات الوقائية كانت تُشير إلى وصول الأعداد في 15 من الشهر الجاري إلى 950 حالة على أن يبلغ الفيروس ذروته بحدود العشرين من أيار المُقبل، برقم يلامس العشرين حالة. إلا أن أرقام الأيام الثلاثة الماضية «أحدثت تغييرات، ونحن متجهون حكماً إلى فترة تمديد إجراءات الوقاية والتعبئة العامة إلى أواخر أيار».
تشديد إجراءات الداخلية بدءا من اليوم لضبط التفلت من قرارات التعبئة


بمعنى آخر، حتى الآن، لا يزال يصعب إعطاء قراءة حاسمة للأرقام في ظل المعطيات الراهنة، وما إعلان إدارة مُستشفى بشري ليلاً عن بلوغ عدد الإصابات في القضاء 35 إصابة بعد تسجيل 12 إصابة جديدة (من أصل 26 فحصاً) إلا دليل على ضرورة إعادة النظر في الأرقام وطرح تساؤلات بشأن الآلية المتبعة لتعداد الإصابات.
إلى ذلك، هناك احتمال أن يكون كثير من المُقيمين في لبنان قد تراجعوا عن إجراء الفحوصات، فيما يعتكف مُشتبه فيهم عن إجرائها. واللافت هو ما تُشير اليه المعلومات لجهة أن عدداً من المُشتبه فيهم ربما لا يلجأون إلى الفحوصات إلا بعد اشتداد عوارضهم «وهو ما يُفسر وصول بعض الحالات الحرجة الى المُستشفيات ووفاتها بسرعة». وهذا يُحتّم أمرين: تكثيف إجراء الفحوصات في المناطق، حيث يخضع 1179 للحجر الصحي، والتشديد على الالتزام بالتدابير الوقائية وإجراءات التعبئة العامة، خصوصاً أن عاملاً إضافياً لم يكن بالحسبان طرأ، أمس، تمثّل في عودة المغتربين.
ورغم المواكبة الصحية التي رافقت العائدين أمس، بإخضاعهم للفحوصات وحجرهم في الفنادق، «إلا أن هذا الأمر لا يُلغي احتمال التسبب في زيادة انتشار الفيروس»، على حدّ تعبير حمية.
وبعد تزايد «التفلّت» من الحجر خلال الأيام الماضية، أصدرت وزارة الداخلية والبلديات أمس، قراراً (رقم 479) يسري تنفيذه بدءاً من اليوم، يقضي بتقييد حركة السيارات (السياحية والعمومية) والشاحنات (الخاصة والعمومية) والدراجات النارية على مختلف أنواعها بشكل يُسمح للوحات التي تنتهي أرقامها برقم مُفرد السير أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، فيما يُسمح للوحات التي تنتهي أرقامها برقم مزدوج بالسير أيام الثلاثاء والخميس والسبت(...)». وفيما يهدف القرار بالدرجة الأولى إلى تخفيف حركة السيارات وبالتالي ضبط حركة التجول، ثمة من يطرح تساؤلات بشأن إذا ما كان القرار «يُشجّع» على تسيير الحركة بدل ضبطها مع لجوء البعض الى استغلال الفرصة لـ«التفلّت» من الحجر، فيما المطلوب إحداث «شلل» فعلي لمدة ثلاثة أيام على الأقل.



العنف الأُسري في الحجر الصحي
«إنّ الوجود الدائم للنساء المُعنّفات في المنازل مع أفراد الأُسرة، يُعرّضهن أكثر لخطر العنف الأُسري». هي الخلاصة الأبرز التي تُلخّص الدافع الكامن وراء الحملة التي أطلقتها، الأسبوع الماضي، الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع المُديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تحت عنوان «الحجر الصحي يحميك من الوباء، 1745 يحميك من العنف الأُسري». ولفتت الهيئة إلى أنّ الضغوط النفسية التي يُسبّبها الحجر المنزلي، إلى جانب الضغوط الاقتصادية الراهنة، «ساهمت في ازدياد الممارسات المسيئة والمؤذية جسديّاً ومعنويّاً ونفسيّاً واقتصاديّاً وجنسيّاً التي يلحقها المعنِّف بالنساء والفتيات». وذكّرت الحملة بالاتصال «بالخطّ الساخن 1745 المرتبط مباشرة بغرفة عمليات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، بهدف معالجة الشكاوى بأسرع وقت ممكن وبطريقة سريعة وفعّالة». أمّا اللائي يتعذّر عليهنّ إجراء مكالمات هاتفيّة في المنزل، فـ«تتيح المديريّة العامّة لقوى الأمن الداخلي أمامهنّ إمكانية الإبلاغ عن شكاوى العنف الأسري عبر موقعها الإلكتروني www.isf.gov.lb /خدمة بلّغ».