تجدّدت الحملة الشعبية ضد شركات الإسمنت في الكورة، بعد قرار إنشاء شركة بيئية لمراقبة عمل مقالعها. وتحت عنوان «شركة تجمّع الكورة لحماية البيئة» (شركة مدنية لا تبغي الربح)، وقّعت خمس بلديات من أصل 37 بلدية في الكورة على تأسيس هذه الشركة، لمدة خمسين عاماً قابلة للتجديد، ومركزها في أميون. الشركة ذات أهداف عديدة محددة في نظامها الأساسي، ومنها القيام بمشاريع بيئية كالتشجير والعناية بالحيوانات والاهتمام بالبيئة ونظافتها. هي لا تبغي الربح، وستراقب عمل شركتَي الترابة في المنطقة (الترابة الوطنية وهولسيم) من دون آلية واضحة لضبط أية مخالفة بيئية.
ويأتي تأسيس الشركة المدنية البيئية، لتُعنى بتنظيم ما هو منظّم أصلاً من خلال القوانين، وتحديداً قانون المجلس الأعلى للمقالع والكسارات التابع لوزارة البيئة، ويرأسها معالي الوزير دميانوس قطّار!

هذه المسألة حرّكت الحملة الشعبية والمدنية ضد شركات الترابة ومقالعها، التي شوّهت جبال الكورة. وفي هذا السياق، صدرت بيانات عدة اعتراضاً على عمل الشركات المذكورة آنفاً.

لجنة كفرحزير البيئية: إنشاء شركة بيئية لمراقبة عمل المقالع بدعة
اعتبرت لجنة كفرحزير البيئية، في بيان، أن «إنشاء شركة بيئية لمراقبة عمل مقالع شركات الترابة مركزها بلدة أميون، هو تشريع للمقالع الممنوعة والخارجة على القانون، وبدعة نعرف تماماً من يقف وراءها». ودعت اللجنة جامعة البلمند، إلى الانسحاب من هذه الشركة ومن اللجنة التشاركية للترابة، بعد خروج الممثلين الحقيقيين للمجتمع المدني منها، كما دعت اتحاد بلديات الكورة إلى الالتزام بموقفه الرافض للمقالع في الكورة، والانسحاب من اللجنة التشاركية، بعد أن «بلغنا طلب هذه اللجنة مبالغ مالية من شركات الترابة، مقابل استمرار عمل مقالعها الخارجة على القانون، كما ندعو مجلس إنماء الكورة إلى عدم المشاركة عبر تقديم مركزه كمقر لهذه الشركة، وندعو جميع الفاعليات في الكورة إلى عدم المشاركة في هذه الشركة».



وتابعت: «بلغنا أن وزير البيئة بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال، المهندس طلال حواط، قد زار جامعة البلمند وجال على مقالع شركات الترابة المخالفة في كفرحزير وبدبهون، بصحبة إلياس عساف وإيلي كرم، إننا ننبه الوزير حواط ألى أن وزير البيئة الأصيل، دميانوس قطّار، قد كان متنبهاً لخطورة هذه المقالع رغم عدم زيارته لها. وإننا ندعو وزير البيئة بالوكالة، وبعد مشاهدته للدمار الشامل الذي لا يمكن تأهيله أو إصلاحه، إلى عدم الانجرار إلى أي خطة تهدف إلى إعادة عمل هذه المقالع في منطقة كفرحزير المصنّفة أراضيَ سكنية واستمرار تدمير بدبهون وإزالتها من الوجود، سيّما أن هذه المقالع تحتوي ملايين أطنان النفايات السامة، وهي مسرح لجرائم بيئية لم تحدث في مكان آخر من العالم، وأن أي جهة تحاول إعادتها للعمل مقابل مبالغ مالية أو مصالح سياسية، سنتعامل معها كعدو مصيري ووجودي خطير».

بيان تجمّع الناشطين البيئيين في الكورة: «حصان طروادة» في الكورة على شكل شركة بيئية تعمل لمصلحة شركات الإسمنت
«المقالع في الكورة غير شرعية»، هي عبارة تريد شركات الترابة، «السبع» و«هولسيم لافارج»، أن تُمحى من رأس كل واحد منكم. فتحاول الشركات بكل قوتها أن تحرف النظر عن هذه الحقيقة، موحيةً بأن هناك نزاعاً ما بين الشركات والأهالي المتضررين في قرى الطوق. بهذا المنطق، يكون دور الحكومة هو مجرد حَكَم بين طرفين متنازعين. بينما الحقيقة هي أن الشركات المذكورة تخالف القوانين والدولة هي الجهة المخوّلة السهر على القانون وتطبيقه. هنا يبرز تأثير الرأي العام ووعيه لطبيعة الملف ولدور الدولة.

تسرّب إلى أيدي الناشطين البيئيين في الكورة، وثيقة من الحكومة تطلب فيها إنشاء شركة بيئية تقوم بالإشراف على الأعمال بالحفر المخالفة للقانون!

تطلب الوثيقة أن ينسّق قيام هذه الشركة، اتحاد بلديات الكورة بشخص رئيس الاتحاد كريم بو كريم، وعلمنا أن القائمقام كاترين كفوري، تستعجل وضع بعض الأسماء من بلدة بدبهون (حيث المقلع التابع للسبع)، دون شرحها لهم خلفيات إنشاء الشركة، التي لا تملك أية آلية لردع المخالفات عند حصولها.

نحن نتفهّم أن الفساد مستشر ويعتبره البعض أمراً واقعاً يجب أن «نتعايش معه»، لكننا ننتظر من الاتحاد والقائمقام وجامعة البلمند والبلديات، وخاصة بلدية أميون، أن يعيدوا النظر بالمشاركة في اللجان وفي الشركة البيئية التي تهدف للالتفاف على القانون. وبما أن الوثيقة تحدد مجلس إنماء الكورة مركزاً لها، من دونه لا تأخذ رخصة، نطالب المجلس وإدارته بالانسحاب من هذه الشركة وعدم تأمين المكان لها.

بعد أن ناشدناهم برسائل مغلقة سابقاً، نرى أنفسنا مرغمين أن نناشدهم هذه المرة علناً للتراجع عن المشاركة في الجريمة.

المقالع غير شرعية، ومشكلتكم يا سادة ليست مع أبناء قرى الطوق. مشكلتكم مع القانون وأنتم خارجون عنه بغطاء من الحكومة، فلا اللجان التي تلتفّ على القانون هي الحل، ولا الشركات التي تشرف على اللجان قادرة على ضبط المخالفات، لأنه ببساطة ليس لديها أطر قانونية تعمل بها.

المقالع كانت وما زالت مسألة اعتداء من الشركات على القانون. فالمنطقة غير مصنّفة مقالع، وبالتالي لا يمكنها الحصول على تراخيص فيها. هذا عدا الشركات التي حفرت في كفرحزير وبدبهون لسنوات بدون رخص، لم تجلّل ولم تشجّر كما يتطلب الترخيص (هذا لو وُجد الترخيص!).

حاولت الشركات سابقاً أن تلعب دور الضحية تحت شعار أن صناعة الترابة في خطر، علماً أن هذه الصناعة محمية بقانون منع الاستيراد، وكانت قد استفادت من سياسة الاحتكار لرفع الأسعار على المواطنين أضعاف السعر العالمي.

بعد الانهيار النقدي، كانت قد حدّدت الحكومة أن ينزل سعر الطن من أكثر من مليونَي ليرة إلى 240,000 ليرة، لكن الشركات، وبدافع الطمع، تعود وترفع السعر على المواطن لتأمين مال السياسيين الفاسدين. وهذا الجانب يطاول كل مواطن وكل قطاع العمران في لبنان. نطالب كلّ الأحزاب السياسية والنواب والوزراء الحاليين والسابقين في الكورة، بالتصدي لهذه المؤامرة وإصدار موقف واضح بمسألة المقالع غير الشرعية.

إننا نعارض مخالفة القوانين عبر إنشاء لجان أو جمعيات أو شركات لا تملك آليات واضحة لردع المخالفات.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا