أطلق وزير الزراعة، عباس مرتضى، أول من أمس، الأشغال في مشروع بحيرة السفيرة الجبلية في أعالي جرود الضنية. هو مشروع يُفترض أن يُنجز في غضون 6 أشهر، ليسهم بعد انتهاء العمل به في سد حاجة أراضٍ زراعية واسعة في جرد المنطقة، وتوفير مياه الريّ خلال فصل الصيف، بهدف «حماية أمننا الغذائي المهدّد»، كما قال مرتضى في كلمة له خلال المناسبة.
فالبحيرة، بحسب الدراسة المنجزة عنها، والتي تشرف على تنفيذها شركة جعيتاني للتعهدات، ويمتلك أرضها المواطن سليمان حسّون، الذي تبرّع بها لصالح المشروع، تقع في محلّة العرقوب على ارتفاع 1842 متراً فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها نحو 470 ألف متر مربع، وتتّسع لقرابة 27 ألف متر مكعب من المياه، فيما يصل أقصى عمق لها إلى 8 أمتار. وهي على شكل بيضاوي، وتتغذى بالمياه بشكل رئيسي من الأمطار الهاطلة خلال فصل الشتاء. وسيتم تغطية الجزء الداخلي وجوانب البحيرة بغشاء، وتكسية الأرضية لمنع تسرّب المياه منها. وهي مجهّزة كذلك بمجرى تصريف لأغراض الريّ.

(الأخبار)

غير أن مخاوف واسعة سادت الضنية من أن يلقى مصير البحيرة الجبلية المذكورة، المصير الفاشل عينه لمشاريع مائية مماثلة في المنطقة، مثل سدّ بريصا الشهير الذي تبيّن، بعد مضي نحو 20 سنة على تنفيذه بتكلفة ناهزت 27 مليون دولار، أن أرضيته لا تخزّن المياه بشكل جيد، وتتسرّب منه خلال فترة زمنية قصيرة، ما أطاح بالآمال المعلّقة عليه لسدّ حاجة المنطقة من مياه الريّ، وجعل أهالي المنطقة يصفونه تقريعاً وسخرية بـ«السد الشهيد» أو «السد المثقوب».

والأمر ذاته ينطبق على بحيرة عطّارة، التي أدّت خلافات ونزاعات عقارية بين أهالي الضنّية وبشرّي، إلى توقف الأشغال فيها بعد أن بدأت العام الماضي. وقد كان الهدف من هذه البحيرة سد حاجة المزارعين إلى مياه الريّ، في منطقة جرد النجاص التابعة لبلدية بقاعصفرين.

لكن المهندس خضر لاغا، ابن بلدة كفربنين المجاورة لموقع البحيرة، يبدّد هذا التشاؤم حول مصير أسود قد ينتظر المشروع المائي الجديد في الضنّية، كما حصل مع مشاريع سابقة، فيوضح أن «هناك عدّة عوامل ستساعده في إنجاز مشروع البحيرة بشكل جيد، أبرزها طبيعة تربة البحيرة المؤهلة لتخزين المياه، وتوافر مياه كافية لملء البحيرة من الأمطار والينابيع الصغيرة المجاورة، إضافة إلى مساحة البحيرة الصغيرة».

وحول ما إذا كانت مياه البحيرة ستكفي مستقبلاً لريّ الأراضي الزراعية في جرد الضنّية، وسد حاجات المزارعين، يشير لاغا إلى أن «مياه البحيرة بالكاد ستكفي لريّ الأراضي الزراعية في كل من بلدتَي كفربنين والسفيرة وجوارهما المتاخمة للبحيرة، خصوصاً أنه بعد إنجازها، سيُعاد إحياء مناطق زراعية كثيرة أُهملت وهجرها أصحابها، بسبب نقص مياه الريّ، فضلاً عن أن أراضٍ زراعية جديدة سوف تُستصلح بعد انتهاء الأشغال في البحيرة».

كذلك، رأى لاغا أن «الحل يكمن في إعادة تأهيل وإصلاح الأخطاء التي حصلت خلال تنفيذ سد بريصا، الذي لا تتجاوز البحيرة نسبة 2% من مساحته، حيث يتّسع السدّ لأكثر من مليون و200 ألف متر مكعب من المياه، أو إنشاء بحيرات جبلية مماثلة في بقية المنطقة».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا