تزامناً مع العتمة القاتمة التي سيطرت على بلدة فنيدق، إحدى أكبر البلدات العكارية، مساء أمس، بعد نفاذ المحروقات واضطرار أصحاب المولدات إلى التوقف عن العمل، صدر بيان قاسي اللهجة عن رئيس بلدية فنيدق، سميح عبد الحي، حذّر فيه «من اندلاع شرارة من بلدة فنيدق، لن تتوقف في عكار والشمال».
ومن باب أزمة المحروقات، صوّب البيان على التهريب الذي ارتبط بسمعة البلدة، المشتبه بأنها من أبرز خطوط تهريب المحروقات إلى سوريا عبر الهرمل.

كما طرح تساؤلات عدة «عمّا يحول دون تمكين المواطنين من الاستفادة من المحروقات، التي من المفترض أن تدخل إلى البلدة، وأين تذهب حصة المحطات من المحروقات، وما هو دور الأجهزة الأمنية المخولة ضبط ومراقبة الحدود، وأين دور البلدية كسلطة محلية»، علماً أنّ بلديات عدة في عكار لجأت إلى نوع من الأمن الذاتي، عبر اللجان، بهدف تعويض تقاعس الأجهزة الأمنية. وعمدت إلى ضبط الأمن ومراقبة الحدود.

فلمَ لا تقوم بلدية فنيدق بخطوات مماثلة، خصوصاً وأنها دفعت فاتورة غالية بسبب التهريب، قبل عام، عندما قتل أربعة من أبنائها، فضلاً عن حوادث وإشكالات أمنية بالجملة؟

من جهتها، تتحدث الأجهزة الأمنية، بشكل يومي، عن ارتفاع حجم التهريب المخيف عبر الحدود مع فنيدق، حيث تعبر شاحنات التهريب طريق جرد القيطع، وتحديداً خط مشمش ــ مرجحيم ـ الهرمل. وهي نفسها المعابر التي كانت تستخدم من كبار مافيا المقالع والكسارات.

واللافت في البيان هو توجه رئيس البلدية بتحذير للمرجعيات السياسية والأمنية، علماً أن المرجعية السياسية الأولى في منطقة الجرد هي النائب وليد البعريني، من دون منافس.

كذلك، تفيد مصادر متابعة أنّ «البعض يتحامل على البعريني لكونه يسعى دائماً، من موقعه السياسي، إلى حل الأمور بطريقة ودية، نظراً إلى حجم المخالفات في المنطقة»، مشددة على «أنّ الأزمة خطيرة، والمشهد يُختصر بعبارة: الأمور فلتانة والناس جيعانة، فيما لم يعد بالإمكان ضبط الأمور».

وتضيف المصادر: «يقدّر عدد الصهاريج المحمولة على البيك الأب بما يقارب الـ100 صهريج، تعمل على خط التهريب عبر نقل المحروقات من عكار إلى البقاع، ومنها الى الأراضي السورية. ولدى توقيف أي شخص من قبل الأجهزة الأمنية، يتم اللجوء إلى البعريني لإخلاء سبيله».

في هذا السياق، لفت رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع، ومنسق عام تيار المستقبل في عكار، عبد الإله زكريا، إلى أنّ «الأزمة الاقتصادية الخانقة أثّرت سلباً على كل اللبنانيين، وعلى أبناء عكار بشكل خاص، جراء الحرمان المزمن الذي تعاني منه المحافظة، ما أدى إلى كثرة المشاكل والاشكالات الأمنية بسبب الواقع المأزوم»، مضيفاً: «نحن نُستنزف بسبب كثرة الاشكالات الأمنية، وعدم القدرة على ضبط الحدود. وندعو القوى الأمنية للضرب بيد من حديد، وعدم التساهل مع المهربين والمحتكرين».

ويتابع: «لقد قمنا بالتواصل، صباح اليوم، مع شركات النفط، وتم تأمين خمسة آلاف ليتر من المازوت لتزويد المولدات في البلدة، ما يؤدي إلى انفراج مؤقت، في وقت تزداد الأزمة صعوبة».

وكان بيان عبد الحي قد «حذّر الدولة، بكل أطيافها وأجهزتها الأمنية والسياسية، من أمور لا تحمد عقباها، وبخاصة أنّ المواطن يرزح تحت ضغوط الوباء والغلاء والأزمة الخانقة التي تعصف به»، محذراً من وجود شرارة قد تندلع من بلدة فنيدق، ولن تتوقف في عكار والشمال.