أصدرت إدارة حصر التبغ والتنباك «الريجي» جدولاً جديداً لأسعار السجائر والتنباك. بلغت الزيادة معدّل 200 ليرة للعلبة الواحدة بسعر الجملة لأنواع السجائر المحلية الصنع والمستوردة.
وفق أحد تجار التبغ والتنباك، فإن الزيادة مرتبطة بارتفاع سعر صرف الدولار الذي يتحكّم بالتصنيع والاستيراد. لكن مهما بلغت الزيادة، يتمسّك كثر بمقولة «نفّخ عليها تنجلي» مع ازدياد الضغوط.

منذ زمن طويل، اشتهرت بعض بلدات الكورة بزراعة التبغ وجمع المحصول، وهذا ما جعل عاملين كثيرين في هذا المجال يدمنون التدخين في عمر مبكر. في السبعينيات من القرن الماضي، كانت زراعة التبغ تعيل عائلة بكاملها لمدّة عام، وكان الموسم الذي يجنيه العاملون من أهم المواسم الزراعية، رغم ما يتطلّبه من عناية وجهد كبير. من كانوا حينذاك في عمر مبكر، أصبحوا اليوم ضمن فئة المسنّين الذين تقاعدوا عن الزراعة من دون أن يقلعوا عن التدخين. فنجان القهوة الصباحي يتلازم مع سيجارة «بتروّق الراس» على حدّ تعبيرهم. وعلى الرّغم من تردّي الأوضاع الاقتصاديّة بشكل كبير، وبالتالي ارتفاع أسعار الدخان الذي يُعتبر من الكماليات، إلا أنه لا يزال من الأولويات في حياة المدمنين عليه.

وفي حين موّن البعض الأرزّ والزيت، خزّن البعض الآخر كمّيات كبيرة من الدخان متحسّباً للأزمة ومستبقاً الغلاء المضاعف. إلا أن ثقل زيادة الأسعار انعكس في تغيير الصنف الذي اعتاد المدخن على تناوله. تقليص المدخن للكلفة قليلاً يفسّر زيادة جمهور السيجارة الوطنية «سيدرز» التي تُعدّ الأرخص بالمقارنة مع الأنواع المستوردة، فبدلاً من شراء علبة دخان بقيمة عشرة آلاف ليرة، يشتري المُدخّن علبةً بقيمة ستة آلاف، فيكون قد وفّر أربعة آلاف ليرة في كلّ علبة من دون أن يمتنع عن التدخين. وبعضهم يلجأ إلى التخفيف من عدد السجائر اليوميّة بهدف التوفير الاقتصادي.



«خاصّةٌ» هي علاقة المُدخّن بالسيجارة، وخصوصاً المسنّين منهم. فعندما تسألهم إذا ما اكتفوا من التدخين على مرّ أكثر من ثلاثين عاماً يجيبون: صديقة العمر هي السيجارة. وعن الضرر الصحّي فلا يتردّدون بالإشارة إلى صحتهم الجيّدة، أو يكون الجواب أن المرض لا علاقة له بالسيجارة. وعلى الرغم من أن أسعار السجائر تختلف باختلاف الصنف، يبقى هناك أقليّة من الذين هم أوفياء لصنف معيّن ولو تطلّب الأمر ديناً أو نصف المعاش! والسبب يعود إلى اعتياد استهلاك هذا الصنف، ولذّة السيجارة وطعمها المختلف بحسب وصفهم. «ما فرقت على علبة الدّخان»، فكل ما تودّ شراءه من المتاجر أصبح باهظ الثمن، وحتى السيجارة «استكتروها» علينا!