يتخوف أهالي بلدة بدنايل في البقاع الأوسط، من أن تتحول المقالع الثلاثة عشر، التي بدأ العمل بها في عقاراتهم عند تخوم صنين، إلى كسارات تهدد البيئة وتقضي على خزان المياه الذي تقوم عليه سلسلة جبال لبنان الغربية، وخاصة «صنين». تقع هذه المقالع في المشروع الذي أُعلن قبل عشر سنوات وأُطلق عليه اسم «صنين زينة لبنان».
لم يكن سهلاً الوصول إلى الجرد «العالي» في خراج بلدة بدنايل، للاطلاع على عمليات قلع الحجارة ونقلها عبر طريق تمنين - صنين. يستقبل الصاعد إلى صنين عند الانتهاء من حدود الجرد «التحتاني»، حواجز تدل على مراكز تدريب عسكرية، للوهلة الأولى، يتبادر إلى الذهن أنها مراكز حزبية، كما أُوهم أهالي البلدة منذ نحو سنة، بحسب ما يؤكد الأهالي وأصحاب العقارات، الذين امتنعوا عن زيارة الجرد، وخاصة ما يسمى «الهوة» التي يرونها معلماً من معالم الطبيعة، هذه الحواجز منذ أقل من أسبوع كان فيها عناصر مسلحون، يمنعون أياً من الأهالي من الاقتراب والعبور إلى جردهم، إلى أن تبين أنها نصبت بهدف التمويه على سرقة الحجارة، حيث بدا واضحاً مدى عمليات التخريب والتنقيب، في الكثير من الأماكن.

التخريب طاول
أهم معلم طبيعي، «الهوة» التي يعدّها أهالي البلدة مقصداً

تحرك البلدية وفعاليات البلدة انطلق فور ادعاء ورثة السيد محمد الحاج سليمان على مجهولين، بالاعتداء على عقارهم وسرقة حجارة وإنشاء مقالع وكسارات فيه دون علمهم، محمّلين من يكشفه التحقيق المسؤولية والتعويض بخمسمئة مليون ليرة.
رئيس البلدية علي سليمان، يؤكد أن ما يحصل في «صنين» سرقة حجارة على أعين الدولة، وتعدٍّ على «أرضنا من قبل أناس انتحلوا صفة حزبية»، «اتصلنا بحزب الله وتأكدنا عدم وجود مركز تدريب له، ولا لأي حزب آخر»، وقال: «على الفور، تحركنا وبدأنا بإزالة الحواجز والخيم التي كانت منصوبة، ومصادرة فتائل التفجير»، ولفت إلى أنه سطّر محاضر ضبط بمن عرف منهم باعتبارها أملاكاً خاصة»، وأضاف: «أبلغنا وزارة الزراعة بالأمر، لأن عمليات الجرف قضت على العديد من الأشجار الحرجية، على إثرها قام حراس الأحراج بعملية تفتيش في الجرد. وضع رئيس البلدية اللوم على عناصر «الدرك»، لأنهم هم المكلفون قمعَ المقالع والكسارات وحركة سير «الشاحنات، التي كانت تعبر من تمنين الفوقا إلى باقي الأراضي اللبنانية محملة أحجاراً، دون حجزها ومعرفة مصادر هذه الحجارة».
«شركة السلام العائدة لآل فتوش، تملك 92% (نحو 33 مليون متر مربع) من مساحة الجرد العالي»، إلا أن علي سليمان لم يبع عقاره لهذه الشركة. يقول سليمان: «هذا تعدٍّ على كرامتنا، ولن نسكت عنه»، لينطلق بحديثه إلى الاستفادة المالية من عملية قلع الحجارة وبيعها، «الله ما قالها هن ببيعوا حجارنا ونحن ما نستفيد». يتخوف رئيس نادي المشعل والناشط البيئي محمد نور سليمان، من أن تتحول هذه المقالع إلى امر واقع، وتصبح كسارات، «حينها تقضي على المساحة الخضراء وتشوه الجرد الذي يشكل المتنفس الطبيعي في هذه منطقة، فضلاً عن أنها تقضي على مخزون المياه الجوفية». ويشير الناشط البيئي إلى أن التخريب طاول أهم معلم طبيعي، «الهوة» التي يعدّها أهالي البلدة مقصداً لهم، لما لها من رمزية عندهم، «عمقها 200 متر، استطاع عدد من هواة التسلق الوصول إلى 95 متراً. أما اليوم، فبفعل هذه المجزرة جرى تشويهها ومحاولة سرقة صخورها، وتغيير معالمها، إضافة إلى أنّ الجرافات شقت عدداً من الطرقات لتسهيل نقل الحجارة، وقد شوهت هذه الطرقات الجرد، وبسببه ستطاول طلقات الصيادين الطيور».
علي مشيك، صاحب آليات حفر وقلع وجرافات تعمل في الجرد، لا ينكر أنه يعمل لدى فيصل سليمان، أحد الحراس المكلفين من شركة السلام للتطوير العقاري. يؤكد أنه يعمل دون ترخيص «ليش أي كسارة بلبنان مرخصة، يعني بس توصل لعنا بيصير في دولة؟»، يقول لـ«الأخبار».
يقول أهالي بدنايل إنهم قبلوا بتحرير عقاراتهم الموروثة من أجدادهم من أجل مشروع «صنين زينة لبنان»، إلا أن المقالع باتت تحتل جردهم وتعمل دون تراخيص، لتفرض نفسها على السلسلة الغربية، بغطاء سياسي تعمل في ظله غالبية المقالع والكسارات.