مشكلة السكن الطالبي في مجمع الجامعة اللبنانية في الحدث، هذه المرة، لا تتعلق بزيادة كلفة السرير أو وضع شروط تفاضلية تعجيزية للإقامة مثل خفض عدد السنوات لتهجير الطلاب. القضية معقّدة أكثر من ذلك بكثير، فالسكن ليس جاهزاً أصلاً لأن يفتح أبوابه أمامهم، وليس معروفاً حتى الآن ما سيكون مصير المسجّلين القدامى ومن قدّموا طلبات جديدة، وما إذا كانوا سيتحملون عبء البحث عن سكن خارج الجامعة بتكاليف تفوق قدراتهم أم لا.الصورة ضبابية وعودة الطلاب إلى الصفوف إذا ما التزم أساتذتهم قرار الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين تعليق الإضراب لن تترافق حتماً مع عودة إلى السكن. «ليس قبل بداية العام المقبل 2022 إلا إذا حدثت معجزة»، كما قال لـ «الأخبار» رئيس الجامعة بسام بدران، بالنظر إلى حالة السكن الحالية التي تفتقر إلى أدنى مقوّمات العيش.
الشركة الملتزمة بخدمات التشغيل والصيانة في المجمع «دنش لافارجيت» تمتنع عن القيام بمعظم أعمال الصيانة، بعدما كانت هدّدت في أواخر آذار الماضي بالمغادرة وقطع رواتب الموظفين ما لم تدفع الدولة مستحقّاتها المتأخرة، وهذه المستحقات لم تُدفع حتى اليوم.
ووسط التجاذب بين الشركة والدولة، تقع الجامعة والطلاب كبش فداء، ولا سيما في ظل عدم القدرة على إجراء مناقصات جديدة، لكون الأسعار تُحدد بالدولار.
بحسب بدران، تمّ الإعلان عن مناقصتين لصيانة السكن وقد فشلتا بسبب عدم تقدم أيّ عارض، فيما الجامعة لا تملك القدرة على إبرام العقود مع المتعهّدين، «خصوصاً أن هذا العقد يجب أن لا يكون خاضعاً لأي ابتزاز، وأن يأخذ طابع الديمومة، وصفة العقد الفني الدقيق، لكونه يتعلق بصيانة معدات، وأن تُدرس الأسعار بدقة، وأن تكون هناك بنود جزائية للمُخلّين بالعقد».
سكن الحدث «خربة» والصيانة معلّقة في مجمع الشمال


وبما أن الحكومة في العقد ممثّلة بمجلس الإنماء والإعمار، فقد طالب بدران المجلس بالمساهمة في تأمين مقوّمات الصمود وقال إنه سيتابع الملف في أقرب وقت ممكن مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير التربية عباس الحلبي وديوان المحاسبة لوضع حلول سريعة لمشاكل السكن قبل أن يزيد «الخراب» فيه ويقفل.
تجدر الإشارة إلى أن الملف لا يزال في «الديوان»، ملف صيانة الجامعة «ينتظر رأي ديوان المحاسبة»، بعدما رفض وزير التربية السابق طارق المجذوب، الذي يقوم بدور المراقب على العقد، دفع المستحقات كاملة للشركة المتعهّدة على خلفية أنها لا تتناسب مع حجم الأعمال المنفّذة، ولا سيما خلال فترة الإقفال القسري بسبب كورونا.
ومن ملامح «الخراب» في السكن الطالبي اليوم غياب الصيانة والنظافة والحراسة والمياه الساخنة والإنترنت والكهرباء والمازوت، فيما باتت تكاليف التشغيل بالدولار مخيفة، على ما قال بدران.
مشكلة الصيانة نفسها تعطّل مجمع الجامعة اللبنانية في الشمال، مع فارق أن الشركة المتعهّدة هناك «شمّعت الخيط» وغادرت للأسباب نفسها: عدم دفع مستحقّاتها. ووفق بدران، لن يكون المجمع قادراً على استقبال الطلاب في التعليم الحضوري ما لم تُحل هذه المعضلة. بدران طالب بأن تتحمل الدولة مسؤولياتها تجاه هذين المجمعين ومعالجة مشاكلهما الملحّة والتي لا تنتظر أي تأجيل أو مماطلة، لكونها ستنعكس حتماً على حسن سير التعليم الجامعي وستسود «العتمة» الدراسية، فهل سيرفع الطلاب الصوت ضد الخطر الوجودي الذي يتهدد الجامعة والتقصير الممنهج من السلطة السياسية تجاهها؟